جاء حراس السجن وهم يجرون خلفهم زعيم المجموعة ومساعده وهم في حالة يرثى لها ثيابهم مزقت كأن كلاب الشوارع نهشتها بشراسة فائقة والدماء تسيل من كل موضع من جسدهما كأن مجموعة من الجزارين تفننوا في تعذيبهم أما الكدمات المرسومة على أجسادهم ووجوههم فكأنهم تعرضوا لهجوم عنيف من اعتي العصابات الإجرامية و أشدها عنفا هذا بعض من أنواع التعذيب و ألوان الإرهاب التي يتعرض لها المواطن الجزائري سواء أكان ملتحي متعاطف مع الجبهة أو مواطن عادي و بسيط حليق الوجه أو حتى معتوه أبكم يكفي إن تشتبه فيه الشرطة ا وان يخرق القانون حالة الطوارئ لأمر مهم أو لفاجعة غير متوقعة أو لأتفه الأسباب و أغربها….
تسرق الكعكة من فم الشعب الجزائري وتأكل خيرات بلده وتوزع على عصابة الجنرالات منذ عهد قديم ولا تكفي آلهة الجزائر هذه القرابين من الأموال والذهب و الفضة و الخيرات فهي لا تشبع جشعهم وطمعهم و رغباتهم التي لا تنتهي حيث بين فين والأخر يشتاقون لطعم الدم البشري ومن بين كل الأجناس البشرية يعشقون الدم الجزائري فهم تعودوا عليه وأصبح بالنسبة لهم كالمشروب السحري الذي يضمن لهم الخلود ولنسلهم النقي حسب اعتقادهم فهذه الآلهة تتوارث الجزائر و شعبها جيل بعد جيل فلقد زرعت جذورها منذ عهد قديم و أصبحت قوة مسيطرة لا ترد ولا تصد….
رموا الحراس المعتقلين أمامنا بكل قوة وعنف فسقطا على ارض الغرفة بصوت مسموع جعل الشخص الخامس معنا ينتفض من نومه ويقف مفزوعا وهو يبكي وقد بلل سرواله من شدة الخوف نظر إليه الحراس بشراسة وسخرية وقال له احدهم ” مازال نوبة باباك نت ” فما زادته ضحكاتهم الهمجية ونظراتهم المستفزة إلا انكماش في زاوية السجن وهو يرتعش كصبي صغير فقال حارس السجن الأعلى رتبة لما رأى هذا المنظر ” هذا زعيم جماعة إرهابية نقطع ذراعي إلى هذا ما يحصل يكون حتى بنادم شوف حالة يماه كدايرى تفو عمر روحو بالبول “…أغلقوا خلفهم باب الزنزانة وهم يتوعدون بالعودة لأخذنا لتحقيق أيضا فسرت قشعريرة باردة في عروقنا ونحن نتصور أنفسنا مكان الزعيم و مساعده سارعنا إليهما لنقوم بإسعافهما ولو بإمكانياتنا البسيطة فقمت بإفراغ الدلو من القاذورات ونظفته جيدا وملأته بالماء أما يحيى فقام بتمزيق عمامته وقطعها على شكل ضمادات تنفع للكدمات و الجروح… فلما تقدمنا نحوهم وحاولت رفع الزعيم من الأرض فوجئت بأن أصابعه تقطر دما و اكتشفت أنهم بتروا له ثلاثة أظافر من مكانهم حتى ظهر الجلد الأبيض مختلط مع الدم قلت ليحيى مسرعا وأنا أحاول مسك نفسي من التقيا من هول ما رأيت ” يحيى امسك الحاج عبد القادر وسأعود حالا ” ذهبت أسفل صنبور الصدئ و إستفرغت ما في بطني ولم افرغ شيء كيف افرغ طعاما أو أكلا وهم لا يجلبوا لنا سوى وجبتين في اليوم فقط وجبة في الصباح وأخرى عند المساء ويأتون بوجبة واحدة تكفي لرجل واحد كأنما يدفعوننا دفعا للقتال فيما بيننا من أجل لقمة العيش نفس الخطة التي يطبقونها على أرض الواقع يتركون فتاة موائدهم المملوءة بالخيرات يتساقط على الأرض ويقوم الشعب الغبي بالقتال فيما بينهم عن فتاة لا يرضى أكله سوى الدجاج عوض أن يقلبوا المائدة على رؤوس جنرالات الشر والسوء و التحكم في زمام الأمور و أكل ما لذ وطاب من خيرات البلاد التي تكفي 5 أجيال الجزائريين …
إستفرغت بعض الماء ورغوة بيضاء من معدتي دليل على فراغها و جوعها الشديد تناسيت ذلك وعدت عند يحيى لمساعدته في الإسعاف نظر إلي يحيى بتفحص ووجد وجهي شاحب يحاكي وجوه الموتى ويدي ترتعش من الانفعال و سألني وهو مستغرب لم أنت منفعل هكذا أجبته وأنا ألهت من الانفعال لم أنا منفعل بربك أتمزح معي يا يحين اثنان من الشباب يصارعان الموت أمامنا ونحن في غرفة حقيرة لا تصلح حتى حظيرة للحيوانات وتسألني يا يحيي عاد يعالج الحاج عبد القادر وهو يقول لي بهدوء مستفز طريق الشهادة طويل و للوصول إلى الهدف وتخليص الشعب من الجنرالات الطواغيت لابد من التضحيات فتحت فمي كالأبله وأنا انظر إليه ببلاهة مالي أنا و الشهادة… أنا كأي مواطن جزائري عادي أحب الحياة لدي من التحصيل العلمي ما يضمن لي عيشة كريمة يمكن أن تراني يوم الجمعة أصلي الجمعة مع المصلين ويمكن أن تراني يوم السبت ارقص في ملهى ليلي أحب الكيمياء و البيرة و النساء و أمي لا أحب الشر لأحد اكره الحقرة والظلم خلاصة القول أنا رجل مسالم يحب الحياة ومتشبث بها فيأتي الأخ يحيى و يحدثني عن الشهادة هنا سمعت ”وا رابح عاونا شوية راك هملت لعباد ” صرخ في يحيى و هو متوتر أجبته ” نعم نعم أنا معك خد ضع هذا الملح على جرحه كنت قد خبأته من الوجبة الأخيرة ” أخده مني و هو يثني علي ” و الله فيك الخير السي رابح بارك الله فيك ” قلت له ” هذا واجب عند المصائب يجب أن نتحد بيننا و نتآزر ” أجابني يحيى وهو يضمد جراح الحاج عبد القادر “أتعلم يمكن للشعب الجزائري أن يتضامن ويتحد ” أجبته وأنا أنظف إحدى الضمادات المستعملة “وكيف ذلك أسي يحيى ” فقال لي لا “أظن أن الأحزاب الإسلامية والاشتراكية والملحدين والعلمانيين والامازيغ والعرب يمكن أن يتحدوا تحت راية الجزائر إلا جنس واحد سيبقى شوكة في حلوقنا إن لم نقم بكسرها”…رغم غرابة النظرية واستحالة تطبيقها على ارض المنافقين إلا أنني سايرته في الكلام وقلت له بلهجة المتسائل “وكيف ستتم هذه المصالحة الوطنية في نظرك” أوقف عمله وعض على أسنانه وقد احمرت عيناه وقال بحدة “الجنرالات هم رأس الأفعى إن أمكننا التخلص منهم والقضاء عليهم وعلى جذورهم المغروسة غي هذه الأرض عندها…فجأة تصاعدت بعض الشهقات المخيفة وشخص يركل الأرض كالخروف عندما يذبح نعم شخص كنا قد نسيناه أو تناسيناه بوجود الأمير فحتى الموت بالمحسوبية في الجزائر كان هذا الشخص مساعد الأمير يلفظ أنفاسه الأخيرة وينظر إلى سقف الغرفة ويتساءل ما ذنبي أني ولدت على هذه الأرض ما ذنبي أني ناضلت من أجل هذا الشعب الخانع وها أنا الآن أموت كشخص مجهول آو كأي متشرد مات بسبب البرد قرب مكب لنفايات فما الفرق فالموت واحد والقاتل واحد….يتبع