بعد 60 يوم من المظاهرات يفرض الأمر الواقع على الجزائريين جميعا معادلة جديدة قديمة مفادها أنه لا صوت يعلو على صوت الجنرالات … فانتخابات الرئاسية التي باتت على الأبواب لا تشغل الجزائريين حقيقة في ظل تأكيد القايد صالح رسميا بأنه لا يرغب ولا يطمع في الرئاسة كما لا يرغب في تعديل الدستور ما فهمه الجزائريون بأنه يتعامل مع الانتخابات باعتباره طقسا شكليا سيقود في النهاية إلى تأبيد شرعية الأمر الواقع وتأكيد أنه البطل الوحيد لذلك المشهد وأنه سيختار من الدمى ما يشاء لكي تكون في واجهة الحكم.
بمنطق القايد صالح وحده لا شريك له يفكر الرجل وأجهزته التي تشكك في نزاهة كل معارض له حيث يثم اتهامه من طرف صحف الشيتة بأنه ممول أجنبيا فيما بات الشغل الشاغل لأجهزة الدولة دعم الحملات الشعبية لدعم وتأييد الجنرال القايد صالح في معركته الوهمية عبر إكراه العاملين بالدولة بالعصا والجزرة لكي يركع الجميع للملك الجديد…وعلى الجانب الآخر لا صوت حقيقيا للمعارضة المنقسمة على نفسها بين مؤيدين للقايد صالح أو داعين للمقاطعة أو منتظرين حتى ينجلي الغبار عن منقذ جديد “حقيقي” يمكن أن يصنع معركة مع “القايد” رغم أن أغلب المعارضين يؤمنون حقيقة بأن المشهد القادم هو مشهد تمثيلي يؤدي فيه القايد صالح مشهد البطولة المطلقة فيما يؤدي الباقون إن سُمح لهم دور بالكومبارس… وإذا سُمح لهم فالشروط التعجيزية ستحرم قطعا أي معارض من المنافسة في ظل مشهد خانق لا يسمح حتى بالتعبير عن الراي أو الكلام و باتت قنوات المعارضة المهاجرة والقنوات الدولية هي المنفذ الوحيد للأحرار لتعبير بكل حرية والشارع أيضا تم تأميمه لصالح القايد فحملات الدعاية والتأييد بالإكراه قائمة عبر ضغوط على رجال الأعمال وصغار التجار على مدحه ونشر بطولاته الزائفة بين الناس فيما التهديد والوعيد ينتظر كل من يعلن معارضته أو حتى التفكير في ذلك.