كما كل سنة يستقبل الجزائريون الشهر الفضيل شهر التقشف والعبادة والرحمة والمغفرة والعتق من النار… ولكن الغريب في الأمر أن الإستعدادات ليست في مجال الروحانيات أو وضع برامج للعبادة بل استعدادات ومشتريات بكميات كبيرة تحضيرا للولائم التي سيقيمونها وتبدأ التساؤلات والتخمينات حول أصناف الأطباق التي سيقدمونها وأي الحلويات وأي المقبلات ستزين موائدهم الرمضانية وأي الأنواع من اللحم سيشترون فتجدهم يعمدون إلى الأسواق لشراء ما لذ وطاب من حاجيات رمضان بعضهم باقتصاد وفق الحاجة وكثيرون بتبذير يتنافى مع الحكمة التي من أجلها شرّع الله الصيام.
وتتكبد الكثير من الأسر المصاريف الشرائية التي تتجاوز ضعف ما تنفقه في الأشهر العادية أو من خلال السلوكيات الغذائية التي تصيب الصائم بسبب إسرافه في تناول الطعام الذي يؤرق جسده من الناحية الصحية والنفسية وهناك نساء يتباهين بموائدهن ويتفنن بأنواع مختلفة من الأطعمة والشراب ويجعلنها ميدانا للتنافس مع آخريات… إن الإسراف والتبذير عادة مذمومة بشكل عام حيث لا يقتصر التبذير على الأثرياء وميسوري الحال بل نرى أن جميع شرائح المجتمع تنفق في شهر رمضان أكثر بكثير مما تنفقه في الأشهر العادية الجميع يعرفون ذلك وهناك الكثيرون الذين يحاولون التخلص من هذه العادة البغيضة لكنهم لم يهتدوا إلى الطريقة ومنهم من يضطر إلى أخذ قروض من البنوك لتغطية نفقات رمضان وعيد الفطر الذي يحل في نهايته وما أن ينتهي العيد حتى نسمع من الكثيرين أن رمضان أرهقهم وأثقل العيش عليهم فهل هذا أمر محتوم أم أنها عادة سيئة تأصلت فينا بحكم التقليد والمباهاة وقلة الوعي وعدم المسؤولية؟ ! عادة التبذير تتنافى مع مبادئ الشريعة الإسلامية التي طالما حذرت من الإسراف في رمضان وغير رمضان إلا أن الكثيرين ينتهجون هذه العادة في شهر رمضان فتجدهم يبذرون ويسرفون على المأكل والمشرب إسرافاً كبيراً ولكنهم لا يأكلون كل ما يعدّون من أصناف المأكولات والأطباق المتنوعة وفي معظم الحالات يجد نصف الطعام أو أكثر طريقه إلى سلة المهملات وفي اليوم التالي يقع الإختيار على أصناف جديدة.