صورة الشيكور مع الكوميسير السفاح أثارت عاصفة في راسي اكبر من العاصفة الثلجية التي حدثت البارحة ففي طريقي إلى حمام المنزل مرت على راسي عدة تساؤلات ومئات الشكوك حومت على فكري كما تحوم البومة على عش فراخ الحمام أيكون هذا الأمر كله مجرد صدفة العراك البارحة لقائي مع هذا الشيكور المحترف في قلب موسكو وجودي بمنزله الفاخر هذا و تحفه الباهظة الثمن التي كانت تعرض في متحف الجزائر نصفها معلق عنده في الصالون وهذه الصورة التي تجمعه مع أشرس سفاحين نظام الجنرالات و الذي تربطني معه بالضبط ذكريات سوداء ظلت محفورة في ذاكرتي وظلت مانعا قويا لكي لا اعرف ابنتي “سيرينا” و زوجتي على وطني الأصل…
ولا طالما كنت أتحاشى الحديث معهم حول وطني وعن أصولي الجزائرية كنت اهرب من ماض اسود وأحاول بكل قوتي أن لا يصل صداه إلى أسرتي الصغيرة وقد وضعت خطة محكمة لذالك فقد اقترحت علي الشركة التي اشتغل فيها إقامة مدى الحياة في روسيا أو عقد عمل براتب يسيل له العاب جل الشباب العربي المقهور على حاليه وما كان مني إلى أن شرطت عليهم الجنسية الروسية مقابل خدماتي و كفاءتي و اقترحت عليهم التخفيض من راتبي إن اقتضى الأمر إلا أنني أفاجئ بترحاب كبير من مدير الشركة وقال لي إن لم تقترح أنت علينا موضوع الجنسية كنا نحن سنطلبها منك وسألته عن الراتب هل سيقومون بخفضه أجابني وهو يغمز بعينه إن كنت ستظل عربيا كما كنت كنا سنخصم لك منه أربعين بالمائة ولكن طالما أصبحت روسيا خالصا سنضاعف لك المبلغ ثلاث أضعاف مع الإقامة في فيلا على حساب الدولة وسيارة من اختيارك للعمل و التنقل كان رده كفيلا بان اترك خلفي الجزائر كلها بلا رجعة وكان اشد ما يوجعني في قلبي و يزعجني هي أمي” العجوز” تركتها مع إخوتي وأنا غير مطمئن على أنهم سيقومون برعايتها حق الرعاية ولكن كان عزائي الوحيد هو أني كنت أرسل لها شهريا مبلغا محترما يكفيها شر العوز و الحاجة إلى شر الناس… نعم ذكريات مرت أمامي بسرعة البرق وهاهي تطاردني ألان الجزائر تلفظ بأخر أوراقها معي وترسل لي شيكور لا ادري سبب وجوده هنا تنفست الصعداء وكعادتي بدأت احلل الأمور بروية وتأني ماذا يمكن أن يصنع هذا الذئب العجوز مثلا فانا وهو على ارض أوربية وأنا لدي الجنسية الروسية مع وسام الدولة كنت قد حصلت عليه جراء بحت لي عملته عل أهمية البترول و الغاز في الحياة الاجتماعية و السلامة البيئية أي هذا الشيكور يقابل رجلا روسيا مكرما من طرف أعلى سلطة في الحكم وهي المكتب الرئاسي للدولة لهذا قررت أن أتصرف بشكل طبيعي جدا وان لا اطمر شكوكي لهذا الشيكور وأجاريه عل مهل حتى اعرف شخصيته الحقيقية وسبب وجوده في روسيا هل هي صدفة أم جاء ليكمل عمل الكوميصير السفاح لهذا قررت أن أخد جميع احتياطاتي الضرورية و أن استغل ذكائي ودهائي في التعامل مع هذا الشخص المجهول…
دخلت حمام الشيكور فما أن فتحت الباب حتى أضاء ضوء ابيض ساطع و انطلقت موسيقى غربية كلاسيكية تعجبت من أن يحصل شيكور جزائري على مثل هذه الفيلا التحفة أنا اعلم أن العلاقة الدبلوماسية بين الجزائر و روسيا خير من بعض العلاقات التي تربط بلد الجنرالات مع بعض الدول العربية ولكن لحد أن يحصل احد خدام النظام العسكري على هذه الامتيازات وفي روسيا شيء مستبعد بدا لي الأمر غامضا كغموض الحاج احمد قضيت حاجتي فابتعت رائعة عذبة من احد نظام التمويه الحديثة فاستغربت في نفسي قلت أنا أعيش في روسيا مدة عشرون سنة ولم احصل على حمام مثل هذا فأقسمت في نفسي أني عندما اذهب إلى المنزل سأصلح حمامي على هذا الطراز بل اجعله أفضل منه نعم يا عزيزي أنها العقلية الجزائرية الدفينة التي تحب تقليد كل شيء و إن لم يكن ملكنا خرجت من الحمام وذهبت إلى الصالون حيت وجدت الحاج احمد يطعم القط المتشرد بحنان استغربته فيه فسألته هل تحب القطط أجابني أحببت أشياء كثيرة هنا منذ أن نفيت من الجزائر ها هو الذئب بدا يرمي لي بأوراقه أم تراه بتحايل علي ليكسب ثقتي المهم جاريته في كلامه “وكم أنت هنا بروسيا” أجابني “منذ أكثر من عشرين عام” استغربت حقا هذه المرة من أجوبته كيف يعقل أن أكون أنا وهو هجرنا من دزاير في نفس الوقت والمدة وهنا سألته مجددا أنا أيضا رحلت من الجزائر قرابة العشرين عام كيف لم نلتقي طوال هذه المدة ولو لمرة واحدة نظر لي بحسرة وأجابني أتعلم أن لي بروسيا أكثر من خمسة فيلات ولا اسكن في أي منها ” سألته وأنا متعجب من هذه الحقائق ومن هذا الترف المسرف أنا اعلم أن ارض الجزائر غنية وإنها تتوفر على خيرات لان وزعت على شعوب المغرب العربي الكبير لكفتهم وزادت عليهم واعلم أن جنرالات السوء يعيشون في بذخ السلاطين العظام ولكن أن يكون لشيكور مغمور مثل هذا الكنز فهناك سر غامض ومعادلة صعبة يجب علي أن أجد لها حلا ويجب علي أن اكتشف السر فسايرته في كلامه وسألته وأنا أتحدث معه باللهجة الجزائرية حتى يرتاح لي واكسب ثقته “إلى ماكانش تعيش فهاذ القصور وين تحب تعيش ا عمي احمد” قال وهو يغمض عينيه “كنت أعيش في ألاسكا الباردة” نظرت إليه باستغراب وأنا اتسائل بداخلي كيف يمكن لذئب عجوز مثل الحاج احمد أن يتحمل قسوة الطقس في ألاسكا وصعوبة العيش هناك نظر إلي بعينيه وهو يتفحصني وأجابني كمن قد علم بسؤالي قبل أن اطرحه “لا تستغرب يا ولدي فمن عاش في الأبنية الفوضوية وترعرع وسط المجرمين والعصابات يفضل ثلج ألاسكا على جنة الجنرالات…يتبع