تحدثت تقارير صحفية فرنسية، عن الصمت المطبق الذي التزمته المملكة العربية السعودية أمام المجازر التي ترتكبها حكومة ميانمار في حق مسلمي الروهينغا، مؤكدة أن مصالح الرياض الاقتصادية الجديدة هي التي دفعتها للقيام بهذه الخطوة.
وقالت صحيفة “ليبيراسيون” في تقرير لها :” العديد من الدول الإسلامية أعلنت عن تضامنها مع أقلية الروهينجيا، إلا أن المملكة لم تلق بالا لما يحدث في دولة ميانمار، التي يمر منها نفط المملكة نحو الصين، أما السعودية، التي تمثل أكبر مصدر للنفط في العالم، تبحث عن زيادة مبيعاتها نحو الصين التي تعتبر من أكبر زبائنها. وفي هذا الصدد، قال جون جوزيف بوايو، المختص في الاقتصادات الصاعدة في المركز الدولي للدراسات الاستشرافية والمعلومات، إنه “ليس أمام السعودية من خيار سوى إغماض عينيها عما يتعرض له الروهينيجيا”.
وتابع التقرير الفرنسي :” في شهر أبريل الماضي، تم تدشين خط أنابيب نفط جديد يربط بين الصين وشرق ميانمار، ليصبح بذلك أول خط مباشر لنقل النفط بين الصين والشرق الأوسط، هذا الخط تسيطر عليه حكومة ميانمار، التي تضطهد الروهينجيا وتطردهم نحو بنغلادش. وأوضح بوايو أن “إدانة ميانمار بالنسبة للسعودية تعني خسارة السوق النفطية الصينية، وخط الأنابيب لا يمر فقط عبر ميانمار، بل يمر بالتحديد عبر مناطق زراعية تعود ملكيتها لأقلية الروهينجيا. وقد قامت الشركات المشغلة لهذا المشروع بمصادرة أراضيهم دون أن تدفع لهم أي تعويضات مالية”، مؤكدة :” هذه الأقلية المسلمة تطالب منذ سنوات بحق التعويض عن هذه الخسارة، بيد أن النظام العسكري الحاكم، المتورط في الفساد مع الشركات النفطية، والمستأثر الوحيد بفوائد هذا المشروع، ليس مستعدا للاستماع لمطالبهم والتوقف عن اضطهادهم”.
ونقلت “ليبيراسيون” عن موفق حسن، وهو مهندس نفط في البنك الدولي:” رباح هذا المشروع ستذهب مباشرة لتمويل تقاعد ضباط هذا النظام العسكري”، موضحة :” الولايات المتحدة منذ شروعها في إنتاج النفط الصخري سنة 2006، توقفت عن استيراد أغلب احتياجاتها البترولية من السعودية، التي كانت في السابق أهم مزود لها. بالإضافة إلى ذلك، هناك موجة من الوعي البيئي بدأت تتطور في أنحاء العالم، أدت لاشتداد المنافسة حول إنتاج الطاقة النظيفة. لذلك، باتت السعودية مهتمة جدا بالحفاظ على أكبر زبائنها، ومن بينهم الصين”.
وشدد التقرير الفرنسي :” الصين التي تعد من أكبر الدول المتسببة في التلوث في العالم، لا تزال تعتمد بشكل كبير على الذهب الأسود في اقتصادها، حيث يعيش فيها حوالي 20 في المئة من سكان العالم، ولا تملك سوى واحد في المئة من الثروات النفطية. وفي هذا الإطار، أفاد جيفري تاوسن، أستاذ المالية في جامعة بيكين، بأنه “على عكس الولايات المتحدة، تعتبر السوق الصينية واعدة، حيث تتوقع الوكالة الدولية للطاقة أن الاستهلاك الصيني من النفط سيبلغ 13 مليون برميل يوميا بحلول سنة 2030″، مذكرة :” تم إبرام اتفاق جديد في نهاية شهر أغسطس الماضي بين بكين والرياض، تضمن عقودا بقيمة 70 مليار دولار، تتعلق بشكل خاص بمجال الطاقة. لذلك، يرى جون جوزيف بوايو، المتخصص في الاقتصاد الصيني أن “السعودية مستعدة للتخلي عن كل شيء من أجل تأمين خط إمداد النفط”.
وخلصت ليبيراسيون :” هذه الرؤية، التي تسمى “طريق الحرير الجديد”، تتجلى من خلال المشاريع المشتركة التي تقوم بها شركتي سينوبيك الصينية وأرامكو السعودية، أكبر شركتين نفطيتين في البلدين. كما قام البلدان باستثمار أموال ضخمة في مشاريع أخرى غير متعلقة بقطاع النفط، وهو ما جعل جيفري تاوسن يعلق على هذه العلاقة بالقول: “السعودية والصين يجمعهما زواج ليس فيه احتمالات طلاق”، مستطردة : “حجم العلاقات الاقتصادية بين السعودية والصين يتجاوز بشكل كبير مسألة الروهينجيا”. وخير دليل على ذلك أن المملكة السعودية لم تعبر عن دعمها لهذه الأقلية المسلمة المضطهدة إلا عبر تقديم الدعم الإنساني، حيث أعلن الملك سلمان في 19سبتمبر الماضي؛ أنه سيقدم تبرعا قيمته 15 مليون دولار للاجئين، وهو تبرع اعتبره موفق حسن مجرد ذر رماد في العيون، حيث قال: “هذه مجرد كلمات في الهواء. مبلغ 15 مليون دولار هو مبلغ تافه، ويستطيع أي أمير سعودي دفعه في الحال. المملكة أرادت تقديم المال من أجل التهرب من استقبال اللاجئين”.