الجزائر- باريس: وقت القضايا الكبيرة
أعلنت شركة النفط متعددة الجنسيات الفرنسية توتال، عبر الصحيفة الفرنسية “لوموند”، أنها بدأت في إجراءات التحكيم ضد سوناطراك، باللجوء الى محكمة التحكيم الدولية، وهي هيئة تابعة لغرفة التجارة الدولية. و كان الدافع وراء الدعوى المرفوعة من طرف توتال وشريكها الاسباني لريبسول ضد المجموعة النفطية الجزائرية،، تغيير الجزائرلشروط اقتسام عائدات البترول و الغاز، لصالحها خلال عام 2006 .وبالفعل فان المجموعة النفطية الفرنسية تنتقد قرارالجزائر الذي تم من جانب واحد بخصوص تعديل الاتفاق الذي تم بين الطرفين، من خلال فرض ضرائب جديدة على الريع، عبر قانون 2006 .وقال الرئيس التنفيذي لشركة توتال في بيان له يوم السبت الماضي ل”لوموند”، أن قانون النفط والغاز الذي صدر في عام 2006، قد أعاد النظر في مواد الاتفاق الذي ابرم بين شركة سوناطراك وتوتال، قبل ذلك التاريخ. وبالتالي، وفقا للمسؤول الأول في توتال، يجب على سوناطراك تعويض الخسائر التي سببتها لمجموعته بعد تبني هذا القانون.
لكن المراقبين يتساءلون حول اختيار هذه الظرفية التي تتميز بتدهورمتزايد في العلاقات بين باريس والجزائرالعاصمة ، لطرح هذه القضية التي تعود الى 10 سنوات مضت.. أيضا، اختيارهكذا توقيت يثيرالكثير من التساؤلات، لكون الجزائر عانت خلال العامين الماضيين من الآثار السلبية للأزمة الاقتصادية الناجمة عن الانخفاض الحاد في أسعار النفط. وبالنسبة لنفس المراقبين، لم تكن توتال لتتخذ هذا القراردون الحصول على موافقة مسبقة من الحكومة الفرنسية. في الواقع،فان الدوافع السياسيةهي التي أدت بالجانب الفرنسي ليتخذ هذا القرار المجحف.
ومن بين الأحداث الأخرى التي وضعت الحكومة الجزائرية على طريق مسدود، تصنيف الجزائركبلد من “البلدان ذات عالية الخطر”،من طرف شركة التأمين الفرنسية للتجارة الخارجية (كوفاس). هذه الأخيرة، أعادت تصنيف الجزائر للمرة الثانية في غضون ثلاثة أشهر، في تقييمها الفصلي الأخير لخطر التخلف عن السداد من طرف الشركات، وبذلك تنتقل الجزائر من B(مخاطر عالية إلى حد ما) إلى C (عالية المخاطر). تزامن هذين الحدثين يعطينا معلومات أوفر عن رغبة السلطات الفرنسية في محاصرة الحكومة الجزائرية.
الايليزيه و الخلافة في المرادية
منذ انكشاف حقيقة القضية المعروفة باسم أوراق بنما، التي أبلغت عنها صحيفة ” لوموند”، التي تنطوي على أشخاص مقربين من الرئيس، وتغريدة امانويل فالس على موقع تويتر التي تلت ذلك، مظهرة صورة ضعيفة جدا لبوتفليقة ازدادت العلاقات بين الجزائر وباريس في التدهور. هذه الاوراق التي فضحت الملاذات الضريبية من خلال الشركات الخارجية، كانت قد أشارت بشكل غير مباشر الى تورط الرئيس بوتفليقة وبشكل مباشر وزير الصناعة وعبد السلام بوشوارب. وكان رد فعل الجزائر سريعا، عبر وزير الشؤون الخارجية، رمضان العمامرة، الذي أشار إلى أن مؤسسة الرئاسة خط أحمر لا يمكن تخطيه. و ازدادت حدة ردالفعل هذا خلال زيارة رئيس الوزراء الفرنسي، امانويل فالس، للجزائر برفقة عدد من وزراء الحكومة ورجال الأعمال، الذي عاد الى وطنه دون الاتصال بالأسواق الجزائرية المربحة في الجزائر لصالح بلاده.
بالنسبة لأكثر المراقبين اطلاعا، فإن نهج مانويل فالس، لا يمكن أن يفسر إلا من خلال تخلي بوتفليقة عن فرنسا. فالقوة الاستعمارية السابقة، لا يمكن أن تظل محايدة فيما يتعلق بالخلافةالوشيكة على رئاسة الحكومة الجزائرية.تلك هي الرسالة التي تلقاها أسياد السلطة .منذ ذلك نشهد تصعيدا بين باريس والجزائر. وآخرسفر إلى فرنسا لخالد نزار، وزير الدفاع الوطني لا يمكن الا أن يندرج ضمن هذا الاطار . فمباشرة بعد هذا السفر،كان كل من نزاروالجنرال مدين، الرئيس السابق للاستخبارات الجزائرية، محط شكوك ناصر بوضياف،بخصوص مقتل محمد بوضياف في عام 1992. ويتعلق الامر بحرب بين المجالات السياسية الإعلامية، فالجانب الذي ينتصر، سيكون له القول الفصل في خلافة بوتفليقة في المرادية.