….سألته وأنا منفعل ويدي تستعد للإنقضاض على المسدس وإفراغ كل الرصاصات في رأسه حتى أنتهي من هذا الكابوس الذي عاد إلي من بؤرة جهنم ولم هذا التعب والعناء والبحث في أموري الشخصية أجبني بصراحة ماذا تريد مني أجئت لتصفية الحسابات قال لي هذا الدب الأدمي وهو يتلعثم في كلامه لا يا ولدي أنت في عمر إبني وأنا لا أريد أن أؤديك وماذا تريد مني أعمي أحمد ماذا تريد سألته وأنا في غاية الغضب والتوتر أجابني وفي كلامه نبرة حزن أريدك أن تكون شاهدا على ما سأروي لك من حكايات واقعية وقعت في بلادنا أريد أن أترك شاهدا قبل أن أموت لذلك سأحكي لك قصتي من البداية إلى النهاية لتعرف كيف تدار الأمور في الجزائر هنا تأملت في الشيكور باستغراب وقلت له ماذا عساي أن أقول سأنصت لك تكلم تنفس بعمق وكأنه سيخرج صندوق أسراره وقال ….
فتحت عيني بأسرة فقيرة متكونة من 5 أفراد الأب والأم وثلاث إخوة بحي عشوائي ببوزريعة حيث البيوت الصفيحية تمتد على مرمى البصر وتفصل بينها أزقة شديدة الضيق تجري في معظمها مياه تنبعث منها روائح كريهة بسبب غياب خدمات الصرف الصحي الولوج إلى هذا الحي بدون مرافقة من خبير بالحي سيكون بمثابة دخول إلى دوامة يصعب الخروج منها فمرحبا بك في أقدم وأكبر حي عشوائي في العاصمة الجزائرية والذي صمد في وجه كل الوعود الكاذبة للحكومات المتعاقبة على البلاد حيث في كل موعد انتخابي يتحول الحي إلى مسرح كبير تؤدي فيه الأحزاب المشاركة في الإنتخابات عروضها المسرحية والتي تلقى رواجا كبيرا بين السكان البسطاء الذين يعرفون بعضهم جيدا فالغريب عن الحي لا تخطئه العين… النساء أكثر حضورا في هذا الحي العشوائي خلال النهار أما الرجال فيضطرون إلى الذهاب إلى أحياء أخرى في العاصمة بحثا عن فرصة عمل تدر عليهم لقمة العيش…
الأحياء العشوائية والتي هي مثل حينا هي مناطق حاضنة لكل أرباب السوابق من المسجلين خطر والمجرمين والذين يهرعون إليها هرباً من سيطرة رجال الأمن خاصة وأن معظمها يتميز بخلوها من النقاط الأمنية والتواجد الأمني الضعيف والمتابعة الغائبة لرجال الشرطة الناتجة عن العبء الذى تمثله الأعداد الكبيرة لسكان هذه المناطق على القدرات البشرية لقوات الأمن بسبب ضيق الشوارع والمباني الغير مخططة تخطيطاً سليماً والذى يقف حائلاً دون التواجد الدوري لسيارات الشرطة والحملات الأمنية ضف إلى ذلك الخوف الذى يتملك بعض ضباط الشرطة من التعامل مع بعض المسجلين خطر وغض الطرف عما يرتكبونه من جرائم بسبب عدم توفير الحماية الأمنية الكافية للضباط أدى إلى تحول هذه المناطق إلى بؤر للعصابات الإجرامية وتجار السلاح والمخدرات كما يعاني سكان هذه الأحياء من التجاهل الحكومي على جميع المستويات {الصحة والتعليم} وخاصة الأمني مما جعلهم ملاذاً آمناً للتشكيلات الإجرامية التي استغلت هذا الإهمال من جانب المسئولين في جمع الإتاوات وفرض قانون الغاب المعتمد على القوة واستباحة الممنوعات ولجوئهم في حل نزاعاتهم إلى ما يمكن أن يسمى “بالشيكور” متجاهلين الاحتكام إلى مراكز الشرطة التي تعد عدوهم الأول بالإضافة لاستغلالهم سكان هذه المناطق لمساعدتهم في شتى أنواع الجرائم وذلك لعدم وجود سجلات خاصة بهم لدى الحكومة تمكن رجال الشرطة من جمع المعلومات عن أحدهم إذا ارتكب أو شارك في جريمة معينة كما أن كثيراً من هذه المناطق لها نشاطات إجرامية موحدة تتميز بها عن غيرها لذلك هي تعد بيئة مفرزة لإنسان يفتقد لأقل أنواع الاحتياجات الإنسانية ناقم على الحياة يسعى للحصول على كافة متطلباته بطريقة شرعية أو غير شرعية باستخدام كافة الوسائل فهذا الإنسان يتميز بجنوح السلوك والتمرد حاقد على باقي أفراد مجتمعه الذين يتميزون عنه بحياة مترفة حيث تتمثل شهوته في التعدي على حقوق الآخرين سعياً منه للانتقام من الظروف المجتمعية التي ساهمت في حرمانه من حياة إنسانية كريمة يتوافر بها الإحساس بالأمان…
تساعده البيئة المحيطة به منذ صغره والمتمثلة في أفراد أسرته وأصدقائه الذى يسعى لجلب اهتمامهم منذ صغره للالتفاف حوله بافتعال المشكلات من خلال السرقة والتعدي على الغير يتحول بعدها إلى مجرم محترف من خلال مصاحبته لممارسي الإجرام من مختلف الفئات الذى تجمع بينهم أسوار السجون لتكون هذه المرحلة من أهم مراحل الانتقام من القواعد الثابتة والأخلاقيات التي تحكم المجتمع خاصة وأن هذه الفئة يغيب عنها رادعان أساسيان وهما الرادع الأسرى والرادع الديني ولذلك كانت طفولتي كلها مشاكل حيث تربيت في الحي على أن الغاية تبرر الوسيلة وكل ما تريده عليك أن تأخذه بالقوة بالحيلة لا يهم المهم أن تحصل على ما تريد أتذكر انه عندما كنا نتجول في الأحياء البعيدة من الحي الذي اسكن فيه كنت أشاهد الأطفال يلعبون بالدرجات مع أبائهم يلبسون ملابس جميلة ونظيفة ويضحكون مع أبنائهم كان صوت ضحكاتهم يتكرر في ادني ليصل مستوى الصدى ويفرز تساؤلات بداخلي ما الفرق بيني وبينهم لماذا لا امتلك حتى أنا دراجة مثل هؤلاء الأطفال وفي لحظة تفكيري أحسست بقطرات ساخنة تنهمر فوق خدي فوقفت وقلت لماذا ابكي وهناك قانون الغاب مسحت دموعي وكالذئب جائع اختبأت وراء سيارة بالقرب من الطفل وأباه انتظر اللحظة المناسبة للانقضاض على الفريسة وبعد دقائق كان الطفل يقود الدراجة بسرعة وأبوه يتبعه وفي هذه اللحظة سقطت القبعة من راس الطفل فرجع الأب ليعيد القبعة لطفله في تلك اللحظة وبسرعة فائقة ذهبت ومسكته من ظهره ورميته على الأرض وركبت على الدراجة وسابقت الريح سمعت بكاء الطفل وهو يصرخ أبي سرقوا درجاتي أبي سرقوا درجاتي ففرحت كيف تبدلت الأحوال فقبل لحظات كنت ابكي وهو يضحك نعم جميل هو الشعور بالمساوات لا يهم كيف حصل ذلك وعلى أي قانون وضعي ساهم في الحصول على هذه المساوات هل قانون حمورابي أم قانون الغاب المهم انتصرت أخدت شيء كنت أتمناه وأحلم به ولكن فرحتي لم تكتمل فبينما أنا منتشي بانتصار وهمي أحسست باصطدام قوي لأتطاير في سماء وارتطم بالأرض فاقدا للوعي بعد دقائق فتحت عيني……يتبع