قدم رئيس المجلس الدستوري الطيب بلعيز، اليوم الثلاثاء، استقالته لرئيس الدولة عبد القادر بن صالح، بعد أقل من شهرين من تعيينه على رأس هذه الهيئة التي تضطلع بالسهر على احترام الدستور وصحة الانتخابات.
وأبلغ السيد بلعيز أعضاء المجلس الدستوري أنه قدم إلى رئيس الدولة استقالته من منصبه كرئيس للمجلس الدستوري، الذي باشر فيه مهامه بدء من تاريخ أدائه اليمين الدستورية بتاريخ 21 فبراير 2019.
وجاء تعيين السيد بلعيز الذي خلف الراحل مراد مدلسي في هذا المنصب، طبقا للمادة 183 من دستور 2016 التي تنص على أنه “يعين رئيس الجمهورية رئيس و نائب رئيس المجلس الدستوري لفترة واحدة مدتها ثماني سنوات”.
يذكر أن السيد بلعيز سبق له و أن شغل هذا المنصب قبل أن يعين بعدها وزيرا للداخلية و الجماعات المحلية (من 2013 إلى 2015).
بلعيز و هو من مواليد 1948 بمغنية (ولاية تلمسان) قضى اغلب مسيرته المهنية بقطاع العدالة حيث تدرج على مدار أزيد من 25 سنة في عدة وظائف منها رئيسا لمجالس قضاء كل من سعيدة، سيدي بلعباس ووهران وأخيرا رئيسا أولا بالمحكمة العليا.
أسندت له سنة 2002 حقيبة وزارة التشغيل و التضامن الوطني، وبعدها وزارة العدل (سنة 2003)، ليكون آخر منصب شغله قبل تعيينه رئيسا للمجلس الدستوري، وزير الدولة، مستشارا خاصا لرئيس الجمهورية.
وبخصوص استقالة السيد بلعيز، تشير المادة 81 من القانون الداخلي للمجلس إلى أنه “في حالة وفاة رئيس المجلس الدستوري أو استقالته، يجتمع المجلس الدستوري برئاسة نائب رئيس المجلس، و يسجل إشهادا بذلك و يبلغ رئيس الجمهورية فورا”.
ويعد المجلس الدستوري هيئة مستقلة، من مهامها السهر على احترام الدستور وصحة الانتخابات، حيث يشير الدستور في مادته 182 إلى أنه “يسهر على صحة عمليات الاستفتاء و انتخاب رئيس الجمهورية والانتخابات التشريعية ويعلن نتائج هذه العمليات”، كما أنه “ينظر في جوهر الطعون التي يتلقاها حول النتائج المؤقتة للانتخابات الرئاسية والانتخابات التشريعية ويعلن النتائج النهائية لكل العمليات المنصوص عليها في الفقرة السابقة”.
ويتكون المجلس الدستوري الذي يتمتع بالاستقلالية الإدارية والمالية من 12 عضوا، منهم أربعة يعينهم رئيس الجمهورية من بينهم رئيس و نائب رئيس المجلس وعضوين ينتخبهما المجلس الشعبي الوطني واثنين آخرين منتخبين من طرف مجلس الأمة واثنين تنتخبهم المحكمة العليا واثنين ينتخبان من مجلس الدولة.
ويعين رئيس الجمهورية رئيس المجلس الدستوري ونائبه لفترة واحدة مدتها ثماني سنوات، فيما يضطلع الآخرون بمهامهم مرة واحدة مدتها ثماني سنوات، على أن يجدد عدد أعضاء المجلس الدستوري كل أربع سنوات.
وقبل مباشرة مهامهم، يؤدي أعضاء المجلس الدستوري اليمين أمام رئيس الجمهورية والذي يلتزمون من خلاله بالتحلي بالنزاهة و الحياد و حفظ سرية المداولات والامتناع عن اتخاذ موقف علني في أي قضية تخضع لاختصاص المجلس الدستوري.
ووضع الدستور جملة من الشروط التي يتعين توفرها في أعضاء هذه الهيئة، المنتخبين منهم و المعنيين، والمتمثلة في بلوغ سن 40 سنة و التمتع بخبرة مهنية مدتها 15 سنة على الأقل في التعليم العالي في العلوم القانونية أو في القضاء أو في مهنة محام لدى المحكمة العليا أو لدى مجلس الدولة أو في وظيفة عليا في الدولة.
وتنص المادة 185 من الدستور على أنه “يتمتع رئيس المجلس الدستوري و نائب الرئيس و أعضاؤه خلال عهدتهم بالحصانة القضائية في المسائل الجزائية”، بحيث “لا يمكن أن يكونوا محل متابعات أو توقيف بسبب ارتكاب جناية أو جنحة إلا بتنازل صريح عن الحصانة من المعني بالأمر أو بترخيص من المجلس الدستوري”.
وبالإضافة إلى الاختصاصات الأخرى التي خولتها إياه صراحة أحكام أخرى من الدستور، يفصل المجلس الدستوري في دستورية المعاهدات و القوانين و التنظيمات، بحيث يبدي، بعد أن يخطره رئيس الجمهورية، رأيه وجوبا، في دستورية القوانين العضوية بعد أن يصادق عليها البرلمان .
وعلاوة على ما سبق ذكره، يفصل المجلس الدستوري أيضا في مطابقة النظام الداخلي لكل من غرفتي البرلمان للدستور.
و تقوم ذات الهيئة بإخطار رئيس الجمهورية أو رئيس مجلس الأمة أو رئيس المجلس الشعبي الوطني أو الوزير الأول، كما يمكن إخطاره من قبل 50 نائبا أو 30 عضوا في مجلس الأمة.
و مع استحداث أحكام قانونية جديدة في التعديل الدستوري لسنة 2016، تم توسيع المهام الموكلة للمجلس الدستوري والصلاحيات المخولة له. ومن بينها، الإخطار بالدفع بعدم دستورية القوانين “بناء على إحالة من المحكمة العليا أو مجلس الدولة، عندما يدعي أحد الأطراف في المحاكمة أمام جهة قضائية أن الحكم التشريعي الذي يتوقف عليه مآل النزاع ينتهك الحقوق والحريات التي يضمنها الدستور”.