إلى متى سيبقى هذا الذل والعار فعلى مر الأزمنة والعصور يتشابه العبيد والمتخاذلون والخونة في أساليبهم وصورهم للتعاون مع الطغاة ضد الشعب الجزائري والتنازل عن حقوقهم من أجل بقاء جنرالات فرنسا على كراسيهم ورضوا بالمهانة والذل من أجل لاشيء…فقد أصبحت القنوات بالجزائر تتنافس في “التشييت” وفي كيل أطنان من المديح للقايد صالح وجعل أفعاله وأقواله ترقى إلى مصاف المفاخر والأمجاد التي يلهج بذِكرها اللسان في كل وقت وأوان….
لكن ما لفت انتباهي هنا أن التطبيل وصل درجة أعلى و صار منمقاً هذه المرة حيث تريد هذه القنوات إيصال رسالة لشعب بأن جنرال قايد صالح هو المنقض والمخلص والوطني والذي سيحارب الفساد لكن تبدو هناك مفارقة ملفتة عند التأمّل في هذه الحالة وهي “التطبيل” نفسه حيث يتم تدويره كل مرةً للتأكيد على مصداقيّته: “إذا سقط قايد صالح ستسقط الجزائر وان سقطت الجزائر ستسقط إفريقيا !!! ” ولا تنتهي المسألة هنا فقد نجدُ أيضًا عكسَ ذلك تمامًا فممارسة التطبيل الآنَ أصبحت تحدث حتّى من خلال المواضيع المضادة كليًا له: مثلاً فعندما يبلغ شابٌ درجة من التذمّر لا تطاق ويخرج ليقول في منبرٍ اعلامي: “إننا أصبحنا مثل العبيد ونعيشُ تحتَ هيمنة سلطة الجنرالات المستبدّة وفاسدة والكل يطبل لها” فإنَّ هذه الحالة العفويّة تصلحُ عند “المُطبلين” الأفذاذ ليثبتوا من خلالها كحالة متجسدة: “إنّنا نعيشُ حقًا في ظلّ سلطةٍ ديمقراطية تسمحُ بالتعبير عن الرأي وذلك بفضل التوجيهات الرشيدة والنيّرة لفخامة الجنرال القايد صالح وهذا ما سبب للجزائريين منذ ما يزيد عن شهرين حالة من التشتت الفكري بل يمكن اعتبارها حالة من الهوس اللافكري!! ففي كل الأوقات وفي كل المناسبات تجد من يهلل و “يطبل” لأي تصريح رسمي أو بيان للقايد صالح وفي كل المناسبات تجد قنوات “التشييت” تزيد من تطبيلها وفي نفس الوقت تعطي الفرصة للفريق المعارض أن يزيد من العويل.