كل جمعة يخرج الجزائريون للشارع للمطالبة بإسقاط الفساد وللوهلة الأولى يبدوا أن كل شيء يسير بشكل طبيعي بمعنى أن الثائرون الجزائريون يتوفرون على ذات الإصرار عند جميع الثوار في العالم لانتزاع مطالب الحرية وإسقاط نظام الجنرالات حتى لو تطلب ذلك التضحية بالغالي والنفيس…
لكن بذلا من ذلك تسللت ثقافة تقديس الجنرالات إلى المتظاهرين لتتحول المسيرات إلى فسحة جماعية ومُناسبة استعراضية رُفعت خلالها شعارات لطيفة من قبيل إسقاط الفساد أو تخفيض أسعار المواد الغذائية أما بضعة الشباب اللذين رفعوا شعارات رحيل الجنرالات فقد ضاع صوتهم وسط حناجر الأغلبية المنبطحة والنتيجة أن لا شيء تغير و بردت المظاهرات في ثلاجة مطالب لطيفة جعلت الجنرال شنقريحة يحتفظ بكامل شروط تغيير بعض أصول لعبة الحُكم أو الإحتفاظ بها كما هي لينقسم الناس بين مؤيد كليا أو جزئيا أو مُعارض جزئيا أو نصفيا أو كليا… إذن لماذا تبرد الأمور بسرعة في الجزائر بينما تستعر في أقطار عربية أخرى؟ هل لأن نظام الحكم في الجزائر أكثر بطشا من غيره؟ أم لأن نسبة الخوف عند الجزائريين تتجاوز ما لذى باقي الأشقاء العرب؟ أم هناك أسباب أخرى ؟ وهنا لفهم الأمور هناك رواية تاريخية قديمة عن منطقة الجزائر حاليا تُفيد أنه في فترة الإستعمار التركي لجل الرقعة المتوسطية بغرض توسيع النفوذ التجاري للإمبراطورية العثمانية ثارت ثائرة جل الشعوب المُستعمرة وسال البحر المتوسط وأنهار البلدان المُستعمرة دماء ما عدا رُقع قليلة من بينها منطقة الجزائر أما في مرحلة الإستعمار الحديث فكان الجزائريون من أكثر الشعوب تعاونا مع المستعمرين وذلك لمدة قرن ونصف من زمن وأكبر دليل على ذلك أن الاستقلال كان بواسطة استفتاء أم كذبة الثورة فمجرد فقاعة كذبوا بها علينا حيث تم استبعاد الشرفاء لفائدة العملاء المُتعاونين لكي يجلسوا على السلطة وبالتالي تم الإحتفاظ بجهاز التحكم بالجزائر قويا كما صنعه وقواه الجنرال ديغول وباقي المُقيمين العامين الفرنسيين بالجزائر وفي مرحلة ما بعد الإستقلال كان من السهل جدا على رئيس طاغية مثل بومدين أن يُطوع الشعب ونُخبته لدرجة أنه قتل خيرة أبناء الشعب وأرسل البقية إلى أحقر السجون دون أن يُحرك الجزائريون ساكن بل على العكس بل قدس الجزائريون بومدين لدرجة كانوا سيعبدونه.