اكدت النقابات الجزائرية المستقلة انه كان يجب على الحكومة منحها نسخة من مسودة مشروع قانون العمل وإشراكها في إثرائه وصياغته قبل صدوره . في الوقت الذي حذرت الحكومة من تطبيق القرار المتعلق بالتراجع عن التقاعد النسبي الذي يعد بحسبها إخلالا بالتزاماتها وتعهداتها نحو المكاسب الاجتماعية المحققة وأيضا ما تعلق بقانون العمل دون أخذ آراء ومقترحات النقابات المستقلة.
ومع تعنت الحكومة ورفضها الدخول في حورا مع النقابات. مما ادى الى دعوة التكتل النقابي الذي يضم 17 نقابة خلال اجتماع بمقر النقابة الجزائرية الى الدخول في إضرابين الأول لمدة يومين بتاريخ 17 و 18 أكتوبر المقبل متبوع بإضراب آخر يومي 24 و 25 أكتوبر للتصدي لقرارات الثلاثية الأخيرة المتمثلة في إلغاء التقاعد المسبق وتجميد الزيادات في الأجور.
وكان يحتسب التقاعد بالنسبة للعمال والموظفين بالجزائر بعمر 60 سنة أو بخدمة سنوات لا تقل عن 32 سنة دون شرط السن كما منحت الحكومة خيار التقاعد النسبي للعمال الراغبين بالخروج قبل السن الـ 60 بشروط . ولكي يستفيد الشخص من التقاعد النسبي يجب ان يكون بناءا على طلبه الشخصي وان تتوفر لديه الشروط التالية بلوغه 50 سنة على الأقل و توفره على الأقل مدة 20 سنة من العمل و من دفع اشتراكات الضمان الاجتماعي. و يمكن تخفيض مدة السن و فترة النشاط بالنسبة للعمال الإناث ب 5 سنوات و بالتالي تصبح الشروط كالتالي يكون السن 45 سنة و استفاء 15 سنة من العمل لكن دون الحصول على كامل الحقوق. وقد شهد الخيار الأخير إقبالا واسعا من قبل الموظفين والعمال بالجزائر على مدار السنوات الفارطة حتى صار حقا مكتسبا.
ان هذه الخطوة التي قامت بها الحكومة يمكن قراءتها من ثلاثة مستويات : المستوى الأول أن سوء الفهم الكبير بين الحكومة والنقابات سيستمر بل سيصير أكثر تعقيدا مما كان عليه من قبل. وقد بين قرار الإضراب الأخير الذي ستخوضه النقابات في شهر اكتوبر أن الخلاف بين الطرفين لم يعد مقتصرا على التوجهات الاجتماعية للحكومة أو سقف مطالب النقابات وإنما تجاوزه ليصبح حربا سياسية.
المستوى الثاني يرتبط بالمطالب التي تضعها النقابات بين أيدي الحكومة والمطالبة بالأساس الحكومة بتراجع عن قرارات المتمثلة في إلغاء التقاعد المسبق وتجميد الزيادات و تحسين كتلة الأجور وإعادة النظر فيها في الكثير من القطاعات الحيوية بالدولة بالإضافة إلى نقطة ظلت دائما مثار جدل بين الطرفين ونقصد طلب النقابات الدائم بإشراكها في إثراء وصياغة أي قانون حكومي متعلق بالعمال والموظفين قبل صدوره.
أما المستوى الثالث فيتعلق بقدرة الحكومة والمركزيات النقابية على الوصول إلى مخرج لأزمة الحوار الاجتماعي. وقد بينت خطوة الإضراب أن بؤر التوتر الاجتماعي في الجزائر قابلة للاشتعال في كل لحظة وإلا كيف نفهم أن شرائح واسعة من العمال ستشارك في الإضراب و ستشل قطاعات حيوية في الدولة و منها المصانع الكبرى.
هل يؤدي تجميد الحوار بين الحكومة والنقابات إلى تهديد السلم الاجتماعي في الجزائر.