أصدرت وزارة التربية الوطنية، التعليمة الوزارية المشتركة مع وزارة المالية والمديرية العامة للإصلاح الإداري، والتي تحدد كيفيات وشروط توظيف أساتذة بصفة متعاقدين في المؤسسات العمومية للتربية والتعليم ودفع رواتبهم، إذ تقرر الإبقاء على “التوظيف التعاقدي” للأساتذة دون إلغاء، كآلية مرنة للمحافظة على استمرارية العملية التعليمية، مع ضرورة إخضاعها لأطر تنظيمية قانونية واضحة.
وهذا ما يؤكد أن القائمين على وزارة التربية الوطنية لن ينخرطوا في مسعى برمجة مسابقة توظيف وطنية خارجية، للالتحاق برتبة أستاذ في المراحل التعليمية الثلاثة، في الوقت الحالي.
وفي مقابل ذلك، فقد تم إدخال تغييرات جوهرية على شروط التوظيف بصفة التعاقد، حيث تم اشتراط شهادة الماستر للالتحاق برتبة أستاذ في الطورين الابتدائي والمتوسط، مع وضع شهادة الليسانس في الدرجة الثانية، في حين تم فرض شهادة الماجيستر أو شهادة معادلة لها، للتعيين في منصب أستاذ في مرحلة التعليم الثانوي، مع منح حامليها الأولوية في التوظيف، ليصنف بذلك حاملو شهادة الماستر في الدرجة الثانية.
وأوضح المنشور الوزاري المشترك رقم 05 المؤرخ في 24 جويلية الفائت، بأنه يمكن لمديري التربية للولايات، وبالنظر لخصوصية القطاع ولضمان استمرارية تمدرس التلاميذ خلال السنة الدراسية المقبلة 2025/2026، توظيف بصفة استثنائية، أساتذة بصفة متعاقدين، بعد اللجوء المسبق وفي حدود الإمكان إلى مجموعة من الحلول.
ويتعلق الأمر أولا بمراجعة التوقيت الأسبوعي المسند لأساتذة المادة المعنية في المؤسسة التي يسجل بها الشغور، وثانيا اللجوء إلى الساعات الإضافية، مع إعادة توزيع العدد الفائض، إن وجد، للأساتذة على مستوى المؤسسات التعليمية التابعة لنفس المقاطعة، علاوة عن استغلال القوائم الاحتياطية وفقا للتعليمة رقم 01 الصادرة عن المديرية العامة للوظيفة العمومية والإصلاح الإداري المؤرخة في 20 فيفري 2013 المتعلقة بتطبيق أحكام المرسوم التنفيذي رقم 12-194 المؤرخ في 25 أفريل سنة 2012، المحدد لكيفيات تنظيم المسابقات والامتحانات والفحوص المهنية في المؤسسات والإدارات العمومية وإجرائها.
وأبرزت نفس التعليمة الوزارية المشتركة بأنه يمكن لمديريها التنفيذيين اللجوء إلى توظيف أساتذة بصفة متعاقدين، في ثلاث حالات فقط، فالأولى لدى شغور المناصب المالية بصفة مؤقتة، لأحد الأسباب الآتية: وهي عطلة مرضية، عطلة أمومة، مرض طويل الأمد يقل عن سنة، عطلة خاصة لأداء مناسك الحج، والوضع تحت تصرف جمعيات وطنية معترف لها بطابع الصالح العام أو المنفعة العمومية.
ويخصّ الأمر حالات أخرى كذلك، على غرار عطلة تلقائية للموظفين المترشحين للانتخابات، في حالة التوقيف التحفظي، قبل العزل النهائي للموظف الموجود في حالة إهمال المنصب، عطلة التحرك المهني، العطلة العلمية، وكذا في حال الاستفادة من رخصة استثنائية للغياب غير مدفوعة الأجر لمدة لا تتجاوز عشرة (10) أيام في السنة.
وأما الحالة الثانية التي ترخص باللجوء إلى التوظيف التعاقدي، فهي عند تحرير مناصب مالية أثناء السنة الدراسية لأحد الأسباب الآتية، وهي الإحالة على التقاعد، التسريح، الاستقالة، الوفاة، العزل، الإحالة على الاستيداع وكذا الانتداب، فضلا عن النقل خارج الولاية، العطلة المرضية طويلة الأمد، الإحالة على العجز، الخدمة الوطنية، والاستبقاء وإعادة الاستدعاء في إطار التعبئة، الترقية في جميع الرتب، التعيين في المناصب العليا الهيكلية والوظائف العليا، وحتى عند الاستفادة من عطلة لإنشاء مؤسسة.
وبخصوص الحالة الثالثة والأخيرة، فهي عند وجود مناصب مالية شاغرة لأحد الأسباب التالية، ويتعلق الأمر بالمناصب المالية الشاغرة في انتظار تنظيم مسابقات التوظيف والترقية في الرتب، إلى جانب المناصب المالية التي بقيت شاغرة بعد تنظيم مسابقات التوظيف والترقية في الرتب، علاوة عن مناصب الناجحين في مسابقات التوظيف للالتحاق برتبة أستاذ التعليم الابتدائي قسم أول، حاملي شهادة الليسانس أو شهادة معترف بمعادلتها في الاختصاص المطلوب، أثناء فترة متابعة التكوين المتخصص.
ضف إلى ذلك، مناصب الناجحين في مسابقات التوظيف للالتحاق برتبة أستاذ التعليم المتوسط قسم أول، حاملي شهادة الليسانس أو شهادة معترف بمعادلتها في الاختصاص المطلوب، أثناء فترة متابعة التكوين المتخصص، وكذا مناصب الناجحين المالية في مسابقات التوظيف للالتحاق برتبة أستاذ التعليم الثانوي قسم أول، حاملي شهادة الماستر أو شهادة معترف بمعادلتها في الاختصاص المطلوب، أثناء فترة متابعة التكوين المتخصص.
وبناء على نفس الإرسال الوزاري المشترك، فقد تقرر إعطاء الأولوية في التوظيف لحاملي شهادة الماستر بالنسبة لمرحلتي التعليم الابتدائي والمتوسط، وشهادة الماجستير بالنسبة لمرحلة التعليم الثانوي.
وبالتالي، فقد استقر تصنيف الأساتذة المتعاقدين، بناء على ما جاء به المرسوم التنفيذي الجديد رقم 25-54، المؤرخ في 21 جانفي 2025، المتضمن القانون الأساسي الخاص بالموظفين المنتمين للأسلاك الخاصة بالتربية الوطنية، بحيث يصنف أستاذ التعليم الابتدائي “قسم أول” الذي تم توظيفه على أساس شهادة الماستر أو شهادة معترف بمعادلتها في الصنف 13.
وإلى ذلك، يجرى تصنيف أستاذ التعليم المتوسط “قسم أول”، الذي تم توظيفه على أساس شهادة الماستر أو شهادة معترف بمعادلتها في الصنف 13 أيضا، في حين سيتم وضع أستاذ التعليم المتوسط “قسم أول” الذي تم توظيفه على أساس شهادة الليسانس أو شهادة معترف بمعادلتها في الصنف 12.
أما بخصوص، أستاذ التعليم الثانوي “قسم أول”، الذي تم توظيفه على أساس شهادة الماجستير أو شهادة معترف بمعادلتها، سيتم تصنيفه في الصنف 14، في حين يتم وضع أستاذ التعليم الثانوي “قسم أول” الذي تم توظيفه على أساس شهادة الماستر أو شهادة معترف بمعادلتها في الصنف 13.
أما عن كيفيات دفع رواتبهم، فقد أشار المرسوم الوزاري ذاته إلى أنه فضلا عن الراتب الأساسي، يستفيد الأساتذة المتعاقدون من العلاوات والتعويضات المحددة في التنظيم، ساري المفعول.
وبالنسبة لإجراءات التكفل الإداري بالأساتذة المتعاقدين، فقد أظهر الإرسال الوزاري المشترك، بأنه يتم تسديد رواتبهم بصفة شهرية، وفق نفس الإجراءات والأشكال سالفة الذكر.
في حين يتم إنجاز مقرر “توظيف جماعية”، بصفة شهرية، ويودع لدى مصالح الرقابة الميزانياتية على مستوى الولاية للتأشيرة القانونية، وذلك بالنسبة للأساتذة المتعاقدين على المناصب المالية الشاغرة بصفة مؤقتة نتيجة الأسباب المذكورة آنفا.
وفي مقابل ذلك، يجرى إنجاز مقرر “توظيف جماعي” للفترة الممتدة من بداية الدخول المدرسي “في أجل أقصاه 30 يوما بعد الالتحاق بالمناصب”، وإلى غاية 31 جويلية من السنة المعتبرة، بحيث وجب توظيفهم لمدة تساوي مدة شغور المنصب، وينتهي بذلك سريان مقرر التوظيف بصفة التعاقد في كل الأحوال، بانتهاء السنة الدراسية.
ليتم بعدها الانتقال إلى مرحلة إيداع ذات مقررات التوظيف، لدى مصالح الرقابة الميزانياتية على مستوى الولاية للتأشيرة القانونية، وذلك لفائدة الأساتذة المتعاقدين على المناصب المالية المحررة أو المناصب المالية الشاغرة، نتيجة الأسباب المنصوص عليها سلفا.
أما عن إجراءات التكفل المالي، فقد أوضح المنشور بأنه تودع، بصفة شهرية، كشوفات الالتزام على مستوى مصالح الرقابة الميزانياتية قصد تأشيرها، وتكون مرفقة إجباريا بالمقررات الجماعية المؤشرة المتعلقة بتوظيف الأساتذة بصفة متعاقدين على المناصب المالية الشاعرة بصفة مؤقتة أو المناصب المالية المحررة أو المناصب المالية الشاغرة نتيجة الأسباب المنصوص عليها سابقا.
في حين يتم الاستمرار في دفع رواتب المعنيين على المناصب المحررة أو المناصب المالية الشاغرة، نتيجة الأسباب سالفة الذكر، “على المكشوف”، وذلك على أساس قوائم كشوفات الالتزام الموقوفة الى غاية 31 ديسمبر من السنة المالية السابقة، وهذا في انتظار وضع ميزانية التسيير للسنة المالية المعتبرة حيز التنفيذ.
أما عن شروط وكيفيات توظيف الأساتذة بصفة متعاقدين، فقد أكدت الوزارة على أنه زيادة على الشروط العامة للتوظيف المنصوص عليها في المادة 16 من المرسوم الرئاسي رقم 07-308 المؤرخ في 29 سبتمبر سنة 2007، يجب أن يستوفي الأساتذة المتعاقدون شروط التوظيف المنصوص عليها في المرسوم التنفيذي رقم 25-54 المؤرخ في 21 جانفي 2025، وكذا القرار الوزاري المشترك، الذي يحدد قائمة الشهادات والمؤهلات المطلوبة للتوظيف والترقية في الرتب الخاصة بالتربية الوطنية، ساري المفعول.
وبناء على ما سبق، نبهت الوزارة الوصية إلى أنه في حالة انقطاع الأستاذ المتعاقد عن العمل قبل انقضاء الفترة المحددة في مقرر التوظيف بصفة التعاقد، لأي سبب بما في ذلك العطلة المرضية، يستبدل مباشرة بأستاذ متعاقد آخر للمدة المتبقية.
في حين يعد مقرر التوظيف بصفة أستاذ متعاقد قابلا للإلغاء تلقائيا من طرف مدير التربية للولاية، عند الاقتضاء، ويستبدل الأستاذ المتعاقد بمتعاقد آخر للمدة المتبقية.
وتأكيدا لما سبق، حذرت الوزارة المعنيين من أنه لا يمكن لهم اكتساب صفة الموظف أو الحق في الإدماج في رتبة من رتب الوظيفة العمومية، في حين تقرر إلغاء جميع الأحكام لهذه التعليمة، لاسيما المنشور الوزاري المشترك المؤرخ في 27 أكتوبر 2021.
وقصد ضبط الإحصائيات المتعلقة بالأساتذة المتعاقدين، وبناء على مقررات التوظيف الجماعية المؤشرة، فإن مصالح المصالح المركزية لوزارة التربية الوطنية، تتكفل بإعداد حصيلة عددية للأساتذة المتعاقدين موقوفة الى غاية 31 ديسمبر من كل سنة، وتبلغ نسخة منها إلى المصالح المركزية لوزارة المالية، في أجل أقصاه خمسة عشر (15) يوما بعد غلق السنة المالية.
وإلى ذلك، فإن المترشحين مطالبون وجوبا بإحضار مجموعة وثائق إدارية، ويتعلق الأمر بطلب خطي أو رقمي، نسخة من الشهادة المطلوبة للالتحاق بالمنصب مطابقة لأحكام القرار الوزاري المشترك الذي يحدد قائمة الشهادات والمؤهلات المطلوبة للتوظيف والترقية في الرتب الخاصة بالتربية الوطنية، ساري المفعول، وكذا نسخة من بطاقة التعريف الوطنية.
فضلا عن إحضار شهادتين (2) طبيتين عامة والأمراض الصدرية، نسخة من شهادة إثبات الوضعية إزاء الخدمة الوطنية، محضر التنصيب في ثلاث (03) نسخ، شهادة عائلية، عند الاقتضاء، صورتين (2) شمسيتين وصك بريدي مشطوب.
واستخلاصا مما سبق، فإن هذا المنشور قد جاء ليضع النقاط على الحروف، مؤكدا بما لا يدع مجالا للشك أن التوظيف التعاقدي، سيظل قائما، كحل تنظيمي لسد الشغور المؤقت أو الدائم في المناصب البيداغوجية، خاصة في ظل النقص المسجل ميدانيا والتحديات المتعلقة بالاستقرار الوظيفي وتوزيع الأساتذة عبر الولايات.
كما يأتي قرار الإبقاء على التوظيف بصيغة التعاقد، لأجل ضبط العملية وإخضاعها لإطار قانوني وإداري ومالي واضح، يضمن استمرارية العملية التعليمية في ظروف حسنة، إذ أضحى اليوم التعاقد جزءا من سياسة التسيير البيداغوجي المعتمدة على المستوى المركزي، ما يؤكد أنه لم يعد مجرد حل ظرفي، بل آلية مرنة للاستجابة الفورية للاحتياجات الميدانية للمؤسسات التربوية.
