منزل الشيكور/ روسيا : ….أغمض الشيكور الغامض عينيه ببطىء وهو يتنفس بانتظام مفرغا الشحنات السلبية التي صاحبت ذكرياته المنسية ولأول مرة أتأمل عن قرب هذه الملامح الجامدة وهذه الجثة الضخمة ليست غريبة عني أكاد أقسم أني رأيته في مكان ما وزمان ليس بالقريب ولكن أين ومتى الله أعلم مواطنان جزائريان في بلد غريب لم يسبق لهما أن إلتقيا في وطنهم الأم وها هم الأن وجها لوجه في ڤيلا فخمة في قلب موسكو ليس تمة هناك قاسم مشترك بينهم ربما ينتميان إلى نفس البقعة الأرضية ونفس التراب ربما لهما نفس الذكريات المقرفة أو ربما يتكلمان نفس اللهجة أو لأن لعنة الجزائر قامت من وسط قبور الشهداء وجاءت تطاردهم في هذا المكان البعيد من العالم..
سعل الحاج أحمد وهو يغلق ياقة معطفه فقد سرت في الغرفة موجة برد قاسية رغم وجود المكيف فذهبت وأغلقت نافذة الغرفة التي فتحت جراء موجة الريح القاسية فقلت له إذن كنت تعشق حورية بنت الحي وأنا أحاول أن أدفعه دفع لرمي كل أسراره في جعبتي ومن خلالها يمكنني فك بعد الرموز التي ظلت مستعصية عندي لسنوات نظر لي كالحالم وهو يقول هي والويسكي والكوكايين كانوا عزائي الوحيد في بلاد ميكي ثم إعتدل في جلسته وأخذ يحكي لي عن عملية سرقة قام بها هو وخليلته حورية…
أجابتني وهي تحاول إغرائي والتدلل علي أمرك حبيبي مطاع ولكن ألن تشتري لي هدية بعد هذه العملية نظرت إليها وقلت لها سوف أشتري لك مالم تتوقعينه أمسكت بيدي كالصغار وهي تسألني بلهفة قل لي أرجوك ماهي المفاجئة هيا قل لي بسرعة قلت لها وأنا أرفع من صوتي سأشتري لك حلقات من الذهب الخالص وهنا صرخت المغفلة صرخة أفاقت الحي بأكمله نظرت إليها وأنا أستغرب من فعلتها هذه وإذا بيدها تشير إلى شيء ما وراء ظهري مشاعر متقلبة مرت بخاطري حينما تصورت أن شرطي إقتحم الغرفة على غفلة منا وإصطادنا بسهولة أو عدو غدار جاء لتصفية الحسابات إلتفت ببطىء لأنظر ماذا أرعب هذه الطفلة الخائفة وكانت المفاجئة أتخافين من صرصار يا عاهرة لقد كنت تأكلينهم على الفطور أنت وإخوتك صرخت في وجهها غاضبا لم رأيت صرصار كبير يمشي على الجدار فجمعت لكمتي وضربته بعنف مع الجدار فالتصق بشكل بشع على الجدار وأخذت يدي ونظرت إليها بمكر وقلت لها أنظري سوف أكله هكذا نيء دون أن أشويه كما تعملون في بيتكم تقززت من المشهد فأسرعت إلى الحمام بينما أطلقت أنا ضحكة عالية وأنا أتأمل هذا الموقف وأتسائل مع نفسي المرأة الجزائرية تتحكم في الرجل وأمه وأخته وأبنائه وكل عائلته ولا تخافهم ولا تهابهم وما إن ترى الصرصار حتى تصير طفلة بريئة لاحول لها ولا قوة…
جاء اليوم الموعود وحل الأحد وبزغت شمسه وبزغت معها الأحلام والأمال كنت حددت ساعة الصفر هي الحادية عشر صباحا أي ساعة بعد إنصراف الخادم والطباخة فلا يبقى لنا في الفيلا غير العجوز الثري ومرافقته الحسناء إرتديت ملابس خفيفة حتى تسهل علي عملية تسلق الجدار ووضعت اللحية الشقراء بعناية على ذقني وقمت بطلاء شعري بالصبغة التي تشبه لون اللحية المستعارة وأخذت معي أحدث الآلات الحادة لفتح الخزنة ولم أكن أحتاج إلى سلاح فقد كانت تقتي بنفسي وقوتي البدنية كفيلة بغلق شارع بأكمله بلا سلاح وبعدما تأكدت من جاهزيتي إلتفت نحو حورية والتي أصبحت كبهلوانات السيرك لم تعرف كيف تضع المكياج وحتى الشعر المستعار قلبت وضعيته بشكل مضحك لو كنا في زماننا هذا ومع هذه التكنولوجيا الحديثة لأخذت لها سيلفي ونشرته على مواقع التواصل الإجتماعي ولا نالت مليون إعجاب…
أخذت سيارة قديمة الطراز ذات مقعدين مجهولة الأرقام لهذه العملية ما أن أنتهي من العملية بسلام أرميها في أي وادي أو أضعها في أي غابة مهجورة لأنني حذر كذئب مفترس لا أترك أي شيء للصدفة وصلنا للفيلا وحانت ساعة الصفر كل منا حفظ دوره فما إن تخرج المرافقة عند حورية لترى من يقرع الباب حتى أتسلق أنا الجدار وأصعد مباشرة إلى غرفة العجوز وأنفذ المهمة التي خططت لها شهور مضت ها هي حورية تذهب إلى باب الفيلا وتقرع الجرس مرت دقائق ولا أحد يرد عاودت دق الجرس ولا من مجيب أيضا بدأت المغفلة تتوتر التفتت إلى موقعي في السيارة وهي تلوح لي بيدها تسألني ماذا تصنع لو كانت معي في السيارة ذاك الوقت كنت قطعت رأسها ولا أبالي فأنا لا أحب الأغبياء في العمل أشرت بيدي أشرت بيدي على أن تعاود الكرة وتدق الجرس وهذه المرة إستجابت المرافقة وفتحت الباب وما إن فتحته حتى تهللت أساريرها وهي ترى كم السلع الأجنبية ذات العلامة العالمية أخذت نفسا عميقا وقلت في نفسي العملية الأولى تمت بنجاح وإلهاء هذه المرافقة التافهة ليس بالشيء الصعب على حورية التي تثرثر أكثر مما تتنفس والجزء المهم من العملية على عاتقي الأن تلفت من حولي يمنة ويسرة الشارع فارغ تماما من المارة أسرعت الخطى نحو الجدار وتسلقته بسهولة لأني كنت متعود في الصغر على تسلق جدار الموانئ سعيا في الهروب من هذا العالم الذي يخنقني بلغت إلى أعلى الجدار إلتفت خلفي لا أحد رأني ثم قفز قفزة بهلوانية لأنزل على عشب حديقة الفيلا بلا إصابات أدرت وجهي صوب باب الفيلا مازالت حورية تؤدي عملها بإتقان وبخفة تسللت إلى الفيلا بلا أدنى صوت أو ضجيج وبحكم المدة الطويلة التي كنت أراقب فيها الفيلا فقد صرت أعرف الغرف الرئيسية المهمة أين توجد وأين موقعها وكنت أعلم أن أي شيء غال عند أصحاب المال لا يضعونه في الطابق السفلي أبدا دائما ما يكون في الطابق العلوي وخصوصا في غرفة النوم أو في مكتب صاحب الفيلا أي أن لدي إحتمالين للبحث إما غرفة نوم العجوز أو مكتبه الخاص فقررت أن أبدأ بالمكتب فهو غالبا ما يجمع الأوراق المهمة والتحف الثمينة واللوحات النادرة وخزنة المال..
والأن سأرى إن كان تخميني على صواب دخلت إلى المكتب وفعلا وجدت لوحات فنية نادرة وبعض المزهريات القديمة وتمثالين صغيرين من الذهب هدا جيد ولكن لم أجد خزنة المال بعد حاولت أخذ ما خف وزنه وغلا ثمنه فأخذت التمثالين الصغيرين وساعة يد مرسعة بالألماس كانت موضوعة على المكتب وبعض العملات الأجنبية النادرة التي كانت توجد في درج المكتب وأخدت أيضا مسدس وهذا لوحده يساوي عندي ثروة من المال إتجهت إلى غرفة النوم بخفة وحذر ودخلت من الباب بلا أدنى صوت وجدته جالسا أمام نافذة الغرفة وهو يتأمل الشارع الفارغ لم يعجبني منظره دخلت على أطرافي أصابعي محاولا البحث عن الخزنة دون أن يشعر العجوز بذلك ولكن فجأة سقط التمثال مني والتفت العجوز إلي وهو يصيح سارق سارق دعني وشأني لا أملك شيء قلت له وأنا أنهره أتملك هذه الفيلا كلها وهذه التحف النادرة ولا تملك شيء يا إبن الحرام تكلم أين خزنة المال أجابني وهو يضحك ساخرا على جثتي أيها المخنث وبلا وعي مني أو شعور بالشفقة ذهبت إليه وأمسكت رقبته ثم صوت انكسار عظام بشكل مخيف…يتبع