كان لا بد علي أن انسل من هذا المأزق ولكي اجبر خاطرهم منحت كل واحد منهم بعض المال وطلبت منهم المسامحة وهنا قال لي عمي احمد عندي لك مفاجأة ستفرح كثيرا فقلت له أفرحنا يا عمي احمد أفرحك الله فقال لي لقد اتصلت بي والدتك البارحة فقلت مع نفسي ما بال هذا العجوز الأهم عندي لم يخبرني به فقلت له معاتبا ومثل هذا الخبر أتدعه لآخر اللقاء يا عمي احمد طمني ماذا قالت لك أجابني اطمئن يا ابني إنها بخير وعلى خير فقط أخوك مصطفى سيأتي لزيارتك وليأخذ بعض الأوراق لتسجيل إخوتك في المدرسة للموسم الدراسي الجديد هذا ما في الأمر فأخذته جانبا وقلت له أنت تعلم يا عمي أنني سأسافر وسأغيب لمدة 3 أشهر لهذا سأدع عندك مفتاح المنزل وبعض النقود إذا جاء مصطفى عندك دعه يرتح عندك وبعد يومان تعالى به إلى المنزل وأعطه المفتاح والمال وأنا سأوصي بعض أصدقائي عليه هل مفهوم يا عمي احمد أجابني لا تقلق يا ابني كن مرتاح من هذه الجهة .
…….مجيء أخي مصطفى المفاجئ هذا أقلقني قليلا فأنا أريد أن أكون مقطوع من شجرة مع هؤلاء الملاعين حتى لا يساومني احد بعائلتي وكنت قد قررت أن أعتني بمصطفى جيدا ولا أمنع عنه شيء فهو أخر العنقود كما يقال كنت قد ذهبت عند النمس لأستقر عنده بعض الأيام حتى يأتي أخي مصطفى للمنزل وأذهب عنده وأيضا لأبقى مخبئا عن الشيوخ فأنا لا أريد أن ادخل في مساومات جديدة مع الذئب يحيى وأنا اعلم أن أبناء هؤلاء الشيوخ قد تمت تصفيتهم أما ما كان من النمس فإنه يعيش حياته في بذخ وترف فكل ليلة مائدته مليئة بالطعام الوفير وما لذ وطاب من الأكل والخمر على اختلافها من أفخم الأنواع حتى المومسات كن من الطراز الرفيع حتى أن شكله بدا مضحك جدا فهو مع قصره بدأ يميل إلى البدانة بفضل تحسن مستوى غذائه واعتنائه بنفسه ولا تكتمل سهرته إلا بشريط للشاب حسني ملك الراي كما كان يلقب في تلك الفترة فقد كان من المولعين بهذا الشاب الذي اكتسح في فترة التسعينيات جمهور الراي وأصبح الرقم 1 في الجزائر بل في المغرب العربي وفرنسا حتى أن العجوز يحيى قال لنا أن شركة إنتاج فرنسية أقامت صفقة مع مسؤولين في البلاد لتصفيته وكانت هناك عدة سيناريوهات لإغتياله حسب الذئب يحيى فقد كان السيناريو الأول اغتياله في سهرة يتم تنظيمها في ملعب 5 جويلية وذلك بوضع المتفجرات تحت المنصة التي سيغني فيها ولكن المسؤولين تراجعوا عن هذا السيناريو خوف من انقلاب السحر على الساحر لأن المجزرة ستكون كبيرة وسيكون هناك تحقيق كيف تم إدخال مئات الكيلوات من المتفجرات وسيظهر أن هناك شيء في الخفاء ثم انتقلوا إلى سيناريو الثاني وهو حادثت سير ولكن المسؤولين فكروا أنهم لن يستفيدوا من هذا السيناريو في صناعة بروباغندا الإرهاب ولذلك تراجعوا أيضا عن هذا السيناريو ليستقروا في الأخير على السيناريو الثالث الذي يعرفه الجميع وقد قال لنا الذئب أن المبلغ الذي دفعته تلك الشركة لقتل الشاب حسني خيالي وصل إلى 100 مليون دينار (حوالي 5.5 مليون فرنك فرنسي) وهذا المبلغ في التسعينات ثروة حقيقية بكل المقاييس وهكذا نرى أن تصفية الحسابات بين شركات الإنتاج والفنانين في بلادنا حتى هي تلبس جلباب الإرهاب وختم لنا العجوز كلامه البركة في الحاج إبراهيم ليرث العرش.
….في العشرية السوداء كان جلباب الإرهاب يستغله الجميع فكم من شخص كان له حساب مع شخص أخر فيقوم بخطة محكمة ويستدرج خصمه إلى مكان ما ويقوم بذبحه وينسب العملية لإرهاب وكم من شخص قتل احد أفراد أسرته (أبناء العمومة أو أبناء الخال أو الأصهار) بسبب الإرث وتنسب العملية لإرهاب حتى الدولة كان يعجبها الأمر فكل ما كان الإقبال على جلباب الإرهاب فكل ما سهل التحكم في القطيع ففي تلك الأيام كانت علاقة الإرهابيين بكل شيء هي المتداولة في الجزائر لم تسقط الأمطار في البلاد ذلك راجع إلى أعمال الإرهابيين الشيطانية والتي تثير غضب الرحمان وهكذا كل شيء ينسب لإرهاب.
عدنا…….أرسلت النمس إلى منزلي وطلبت منه أن يرى هل أخي قد وصل أم لا وما هي إلا ساعة واحدة حتى جاء النمس وفي صحبته أخي الصغير مصطفى الذي ما إن شاهدني حتى ارتمى في حضني وهو يبكي قلت له لا تبكي يا أخي أنت رجل قوي لم البكاء الان أجابني لقد اشتقنا لك يا أخي كثيرا هذا ما في الأمر قلت كيف حال أمي وإخوتي طمني عليهم فأجابني كلهم بخير لا ينقصهم إلا أنت وأمي المسكينة دائما تقول عندنا من الأموال ما يكفينا لسنين فلماذا أخوك مازال يتعب نفسه فليأتي وليعش معنا أخاف أن أموت دون أن أشاهد وجه ودون أن أتسامح معه فقد حملناه المسؤولية مند صغره فلم يلعب المسكين كالأطفال فقد كان يحمل همكم مند الصغر وهنا شاهدت النمس قد تأثر بكلامي أخي وحاول أن يشرب كاس من الخمر وهو يخرج تنهيدة من الحسرة فنظرت إليه بنظرة غضب وغمزت بأن يخبأ الخمر فأخي لا يعرف أني أتعطى المخدرات ثم إلتفت لأخي وقلت له الله يطول في عمر أمنا وعما قريب سنجتمع يا أخي إنشاء الله فأنا هنا من اجلنا ومن اجل مصلحتنا وسألته هل تعيشون بخير وأخذت أتأمله ببطئ فوجدته قد أصبح رجلا وثيابه أنيقة وخداه موردتان من الصحة والعافية فقلت مع نفسي هذا هو الربح من هذا الهم والغم الذي أعيش فيه صباحا ومساءا .
….ودعت النمس وانصرفت أنا وأخي إلى بيتنا أعجبه منزلي أخي مصطفى وقال لي منزلك رائع يا أخي أتمنى أن اشتغل في مثل عملك لأشتري منزل مثله يا أخي فقلت له أنت إنشاء الله ستشتري منزل أفضل منه وستنشأ شركة خاصة بك وستكون ناجح لأنه يتوفر عندك المال والدراسة الجامعية فضحك أخي وقال إنشاء الله ….. في الصباح وجدت أخي قد نهض باكرا وأعد الفطار كما كانت تعده أمي فابتسمت ابتسامة من القلب ذلك اليوم وقلت له ما شاء الله على مصطفى أصبحت رجلا ويعول عليك وتستطيع تحمل المسؤولية فأجابني أن تعتمد علي نعم أما المسؤولية فتركتها لك وسألته كيف هي الأوضاع في الشرق هل الأمور أكثر أمنا من هنا واستقرارا أجابني الفرق بين العاصمة وبلدتنا كالفرق بين الجزائر وفرنسا فالوقت في البلدة يمر ببطئ على عكس هنا فانتم في العاصمة ينتهي عندكم الأسبوع ونحن مازلنا في يوم الثلاثاء فضحكت كثيرا وقلت له لا تعلم ربما يوم ما نعيش في فرنسا أو ايطاليا كل شيء وارد المهم ما دمت هنا معي هذه الأيام في العاصمة فاطلب منك أن تأخذ حذرك وتطبق القوانين كما هي موضوعة لا تجمعات ولا تظاهرات لا خروج بعد حظر التجوال والاهم إن سألك عمي احمد فقل له مازال مسافرا وانك تعيش مع بعض أصدقائي حتى أرى ما سأفعل بعدها ولا تفتح الباب لأحد مهما يكن فانا معي المفتاح وصاحبي قادر والنمس كذلك معهما المفتاح لا تفتح الباب ولو كان الطارق أبي الله يرحموا مفهوم كلامي يا أخي أجابني كن مطمئن سأفعل كل ما تأمرني به خرجنا بالسيارة وقمنا بجولة في المدينة وذهبنا إلى متجر النمس وأخذ أخي ما شاء من اللباس واقسم النمس انه قد اخذ ثمنها مسبقا وان المتجر وصاحبه تحت إمرتنا فاحتضنته وقلت له أنت أجمل نمس رأيته في حياتي فقال لم تحتضني هكذا هل أنا سأموت وانفجر ضاحكا وقال لي يا رجل هذا كله من فضلك واتجهنا إلى قادر حتى يعلم مصطفى السباحة وتركت مصطفى عنده وطلبت منه أن يأتي به في المساء هذا ما كان وفي الليل عندما جاء مصطفى جلسنا نتفرج على جهاز الفيديو (jvc) تذكرتموه لنكسر الملل إذا بهاتف المنزل يرن فطلبت من مصطفى أن يذهب للبيت الأخر لأن هذه المكالمة مهمة لأن رقم الهاتف لم يكن إلا عند أفراد العصابة وقد كنت نبهتهم أن لا يتصلوا بي إلا للضرورة القصوى أجبت في الهاتف فإذا بصوت الذئب العجوز وهو يقول انه أنا يحيى اسمع أريدك غدا في الصباح الأمر مهم جدا فلدي معلومات ضروري أن أعطيها لك فسألته أين أنت الان فقال لي ليس مهم أين أنا المهم موعدنا غدا في الصباح في البيت المهجور فالأمر ضروري جدا هل تسمعني ضروري جدا جدا …………………يتبع