…….في العشرية السوداء بجانب الانهيار الاقتصادي وتفاقم الأزمات الاجتماعية والسياسية، تزداد مرارة الشعب الجزائري بصورة يومية من حكم الجنرالات .فقد تم تقييد الممارسات الدينية فنجد أن الجنرالات كانوا يحاربون كل ما له علاقة بالدين الإسلامي على عكس ما يفعل مع من ينشرون الرذيلة والفساد بل كانوا يريدون تغيير المناهج بدعوى تجديد الخطاب الديني و التضييق على ممارسة العبادات في المساجد حتى إن صلاة الفجر منعت في الكثير من المناطق.
ففي تلك الحقبة كانت الحريات العامة مسلوبة ومُعتدى عليها ولا يوجد شيء منها أصلاً فالاعتقال السياسي موجود بما فيه من ظلم ومحاولة تغييب للشخصيات الفاعلة في المجتمع ثم الفصل الوظيفي وقطع أرزاق الناس ثم المسح الأمني الذي يقف عائقًا أمام طموح أيّ شخص في الترقي والتدرج بحياته الطبيعية كما أنّ الاعتداء على المال الخاص وحظر الحسابات في البنوك ومصادرتها بحجة محاربة الإرهاب وغلق المتاجر الخاصة ومصادرة الأموال بالإضافة للاعتداء على حُرمات البيوت واقتحامها في أي وقت واعتقال من فيها بل تعدى الأمر إلى أكثر من ذلك بالاختفاء القسري الذي انتشر في تلك الفترة بصورة مُفزعة والإهانات المتوالية لأهالي المعتقلين وتهجيرهم من مساكنهم وهدمها عليهم بل قتلهم في كثير من الأحيان، بدعوى أنهم إرهابيون؟؟؟؟
أما التضييق على حرية التعبير وتكميم الأفواه لكل من يريد إبداء رأيه في القضايا المختلفة وخاصة وديان الدماء التي تسيل بسبب حرب مفتعلة ومصطنعة فقد كان ذلك الأمر الأكثر غرابة وغباء على الإطلاق فكم من مثقف أو صحفي أو أستاذ فهم اللعبة وعرف أن من يقتل المواطنين هم من يَدَعُونْ حمايتهم وان هذا الخراب كله يقف ورائه الجنرالات فيبدؤون بالكلام في عن ذلك بمجالسهم الخاصة والعامة وبعد شهور تسمع انه تم اغتيالهم على يد الإرهابيين !!!أو يتم اعتقالهم على أنهم مع الإرهابيين هذه المعادلة الغريبة والفريدة من نوعها لم أكن استوعبها آنذاك فقد كنت مثل الجميع لدينا مبدأ واحد وهو المهم أنا حي فليقتل من يقتل وليذبح من يذبح المهم أنا سليم ومعافى.
عدنا………وفي مساء ذلك اليوم عاد عندي الذئب العجوز وبحوزته المفاجأ أول ما جلس سألته اخبرني أيها العجوز ماذا حل بالشبان فأجابني اهدأ اهدأ أصحابك بخير ولكنهم تعرضوا لبعض التعذيب فأصحابك هؤلاء سجلهم نظيف يبعث على الشك !!! فلا مرة دخل واحد فيهم البار أو حتى دخن سيجارة علاوة على أنهم جديين بشكل يثير الريبة والشكوك لا يعرفون لا عاهرات ولا شواذ هههه نهرته وقلت له أو تضحك على تعذيب الأبرياء المهم ماذا قال لك أسيادك فغمز بعينه المريبة وقال اطمئن فالأسياد راضون عنك وعن عصابتك وسيعطونك جيرانك هدية ولكن في المقابل يطلبون منك الولاء التام لهم أتفهم أن تكون سيفهم المطيع متى احتاجوك تطع الأمر دهشت من الذئب ومن صراحته معي هذه المرة ولكني هضمت المفاجأ بسرعة وجاريته في الكلام نعم أيها العجوز فالأسياد هم أصحاب الفضل علينا فيما وصلنا إليه من النعم والثروة وارجوا منك أن تبلغهم تحياتي وولائي الدائم لهم فقال لي نعم هذا ما انتظره منك أيها الذئب الصغير الولاء والكتمان التام فعملنا يتطلب الولاء والسرية التامة وإطاعة الأوامر بلا تردد فأجبته قائلا نم على جنب الراحة المهم متى سيطلق سراح الشبان أجابني غدا صباحا ستجدهم في منزلهم مع والدهم قلت له أهذا وعد منك يا يحيى أجابني في أي مرة قلت لك أمر ولم يحدث ابتسمت ابتسامة باهتة وقلت له سنرى أيها الماكر سنرى.
استيقظت من النوم أخذت فطوري على عجل ومضيت مسرعا إلى بيت عمي احمد البقال فوجدت جلبة وضجة وفرحة كبيرة عند الباب فناديت على عمي احمد فأطل علي من الباب وقال مبتهجا وفرحا ادخل أيها المنقذ مرحبا بك أيها البطل هذا الذي قمت به معي لن أنساه لك ما حييت قلت له هذا الواجب يا عمي احمد وخيرك سابق وقلت له أممكن أن أرى إخوتي محمد وحفيظ فقال لي إن لم ترهم أنت فمن غيرك أولى برؤيتهم تفضل على الرحب والسعة دخلت البيت ووجدت الشبان كأنهم أخرجوهم من تابوت الموت فوجوههم مسفرة وبها كدمات زرقاء وسوداء واثار التعذيب مرسومة على وجوههم لم اشعر بنفسي إلى وأنا اسب وألعن بأفظع الشتائم فهدأني عمي احمد وقال لي لا يهم يا ولدي ما أصابهم المهم انه رجعوا عندي أحياء يرزقون وخفض صوته وقال لي إنك تعلم أكثر مني يا ابني من يذهب عندهم فإنه لا يعود أبدا حين سمعت كلامه دارت بي الدنيا وأظلمت في عيني أهذا هو الوطن الذي تعذب لأجله عمي احمد و الأباء والأجداد أكثر من 100 عام أهذا هو الوطن الذي ضحت من اجله الجزائر بمليون شهيد أفكار سوداء دارت في راسي أن يسرقوا الوطن وخيراته ويفقروا المواطن ويحتقرونه يمكن أن افهم هذا ولكن أن يسرقوا حتى أرواح الأبرياء وبلا سبب وبلا حجة فقط لأجل خلق حالة من الرعب والخوف والفوضى حتى يتسنى لهم التحكم في القطيع لذلك إن سنحت لي الفرصة لإنتقام سأنتقم بدون تردد.
فهذا الأمر لم يقم به لا يهود مع أبناء جلدتهم ولا نصارى فما بال من يحكمون الوطن جعلونا نقتل بعضنا البعض بلا ضمير ولا إنسانية فقط من اجل أن يستمروا هم في الحكم هنا تذكرت المقولة الشهيرة التي يستعملها أمثال الجنرالات أنا والطوفان من بعدي المهم قدمت تحياتي لعمي احمد وأبنائه وهنأتهم على الخروج بسلامة وأعطيت عمي احمد مبلغ محترم قلت له هذه هدية خروج أبنائك سالمين فأراد المسكين أن يقبل راسي لكن رفضت وقلت له عمي احمد خيرك سابق ويغرقني من أصبع رجلي إلى شعر رأسي ودعتهم إلى منزلي لعلي ارتاح قليلا واجد أجوبة لهذه الأسئلة التي تدور في راسي وتخلق لي الصداع لم تمض يومان على الواقعة إذا بعمي احمد البقال ومعه 4 شيوخ من الحي قادمين عندي إلى البيت استغربت من هذا الهجوم المفاجئ بعد أن تبادلنا التحية قلت لعمي احمد خير يا عمي ارجوا ألا تكون عندك مشاكل فقال لي خير إن شاء الله فهؤلاء الشيوخ أبناء حارتنا قبض على أبنائهم مند ما يزيد على شهر ولم يظهر لهم اثر فأرجو منك يا ابني أن تتكلم مع صاحبك كي يطمئنوا عليهم كنت اعلم أن هؤلاء الشبان قد تمت تصفيتهم لأنه إن مرة أسبوع دون أن يعود المعتقل إلى أهله فاغلب الأمر أنهم قاموا بتصفيته ولكي أغلق هذا الباب الذي فتحه عمي احمد كان علي أن أفكر في حيلة ما اخرج بها من هذا المأزق فقلت له اسمع يا عمي احمد عندي سفر مستعجل خارج العاصمة لمدة 3 أشهر عندما أعود سأحل لكم هذا المشكل نظرات الحسرة في عيون الآباء المهمومين ولكن ما بيد الحيلة كان لا بد علي أن انسل من هذا المأزق ولكي اجبر خاطرهم منحت كل واحد منهم بعض المال وطلبت منهم المسامحة وهنا قال لي عمي احمد عندي لك مفاجأة ستفرح كثيرا ……………….يتبع