في ذلك الوقت بدأ الصراع على أشده بين القوى السياسية العسكرية الحاكمة للبلاد والعباد وحركة الجبهة الإسلامية للإنقاذ كنت أرى تغيير كبير في المجتمع الجزائري ولكن عقل الطيش ونزوات المخدرات ما كانت لتعطينا حكمة هذا السن الأن. فمعظم أحياء البلاد الشعبية انقلبت رأسا على عقب أصبحت مقسمة إلى جزئين أو كما يقال بين المطرقة والسندان فمن جهة أعضاء وشبان الجبهة الإسلامية للإنقاذ ومن جهة أخرى العسكر والشرطة والدرك. والمواطنون المساكين مغلوب على أمرهم فهؤلاء يريدون إقامة دولة إسلامية على شريعة الله وكتابه بوصاية مفهومهم الضيَّق للإسلام فانتشرت الملابس الأفغانية بكثرة حتى كنت أظن إنها أصبحت موضة وسمعنا انه في بعض الأحياء منعوا الناس من الجلوس على المقاهي وأزالوا الصحون الهوائية ومنعوا النساء من الذهاب إلى العمل والصغيرات منهن من الدراسة. وكانوا يقيمون الحد على شاربي الخمر ولكنهم كانوا يتجنبون المجرمين العتاة ومنهم أنا أظن أنهم كانوا يعدونا نصارى يا لا سخرية القدر.
….هذا ما كان من جهة الحركة الإسلامية آنذاك أما من جهة العسكر والمخابرات أرادوها دولة علمانية بوصاية مفهومهم الضيَّق للعلمانية فقد انتشرت دور الدعارة بشكل رهيب وفتحت الكثير من الملاهي في الولايات الكبرى وبدأ الشواذ يخرجون للعلن في تحدي للجهة المقابلة وأقيمت الحواجز حتى أصبحت لا تتعدى 2كلم دون أن تجد حاجزا يفتشك أدق التفتيش وتحقيق في الأوراق الشخصية وسؤال عن رأيك في الجبهة والويل كل الويل لمن اظهر التعاطف معهم أو حتى حيادته بل يجب عليك أن تسبهم وتسب أبائهم وأصلهم وما أجمل بالنسبة لهم أن تسب الدين والملة وخاصة الذات الإلهية (ومن هنا انتشرت ظاهرة سب الذات الإلهية) عندما تفعل هذه الأشياء حينها تأخذ صك الغفران والبراءة ويظنونك واحد منهم. وكما الحال مع الإسلاميين كان هو عينه مع العسكر فالمجرمين ذوي السوابق لا يسألونهم عما يفعلون بل يكتفي بأن ينظر إليك الضابط ويعرفك حتى يقول لك أهذا أنت (مر الله يكثر من أمثالك في الجزائر) وأنا اردد مع نفسي قسمتموها فيما بينكم يا أبناء العاهرات سيأتي يوما تدفعون فيه الثمن وابتسم له ابتسامة صفراء وأمر بخفة إلى مقصدي. واذكر انه اختفى العديد من أولاد الحي بلا سبب لمجرد الاشتباه أو فقط للوجه الملتحي أو الآنسة منقبة بصراحة أحسست بكثير من القلق على أمي وإخوتي وسط هذه الدوامة التي لا نهاية لها خصوصا مع ظهور قتلى من هنا وهناك وحتى في المواطنين وكان حدس لدي يخبرني عَاجِلاً أَمْ آجِلاً سألسع من هذه النار اليوم أو الغد طبعا حدس المجرم هكذا قررت أن أرسل أمي وإخوتي بعيدا عن هذا المكان والمشاكل حتى اعمل في جو أكثر حرية وأكثر طمأنينة وهذا ما كان أرسلتهم إلى مسقط الوالد في أقصى نقطة في البلاد على الحدود الشرقية مع تونس وأخبرت أمي في حالة إذا ازداد الوضع سوءا هناك ووصلكم لهيب النار فما عليكم إلا أن تدخلوا تونس عند عائلتنا هناك وهم سيوفرون لكم الأمن والأمان وأعطيت لأمي ثلتي ثروتي التي تحصلت عليها من جميع العمليات فكانت أمي أن تفقد الوعي من ضخامة المبلغ فقلت لها أريدك أن تعيشي أنت و وإخوتي في غنى وكرامة وعندما ينتهي عملي هنا سآتي عندكم في اقرب فرصة وان احتجت أي شيء عندك رقم هاتف منزل عمي احمد البقال اتصلي به وهو سيبلغني بكل كلامك ودعت أمي وإخوتي بعد أن أوصلتهم إلى (الطارف) واشتريت لهم منزل في منطقة جميلة جدا وهادئة .
… العبء الثقيل الذي كان على عاتقي انزاح وأصبحت حرا من جديد وهكذا قلت في نفسي هيا يا جزائر اخرجي كل ما عندك فأنا أصبحت حرا طليقا الأن وسألعب معكم كل اللعب حتى نرى من يموت ملكه في الأخير هذا ما كان وبعد مرور 3 أشهر جاء عندي عمي يحيى إلى البيت المهجور ووجدني أدخن سيجارتي المعتادة ومعي النمس يشرب في الويسكي الذي كان يراها في المجلات التجارية فقط فسألته أي ريح طيبة جاءت بك عندنا يا عمي يحيى فرد علي هي ريح المال والذهب يا ولدي فاستقمت في جلستي وقلت له هل أخذت الطريق الأمني المتفق عليه والاحتياطات اللازمة فقال لا تخف يا ولدي فعمك ذئب ابن ذئب فضحكنا جميعا وجلس معنا فسكب له النمس كأس وأنا قلت له هات ما عندك فقال لي ضابط رفيع المستوى في الدولة كل ليلة السبت يقيم حفلة صاخبة خاصة مع الراقصة عشيقته لوحدهما فقط يملك من الذهب والمال ما تأن بحمله مائة ناقة فضحكنا جميعا وقال النمس هذا ابن العاهرة هو هارون الرشيد وهو يضحك فرد عليه عمي يحيى وقال يحكى انه من اكبر سارقي هذه البلاد وفي ليلة السبت بالذات يمنح الحرس والخدم إجازة حتى يخلو له الجو مع عشيقته . اندهش النمس من كلامه وقال له عمي يحيى أَمِنْ حبل الغسيل إلى فيلة ضابط رفيع المستوى في الدولة انك تبحث لنا عن الإعدام يا عمي ابتعد عن ضابط الدولة وانظر لنا في رجال الأعمال وكبار الأغنياء في البلاد فسكت برهة ففي كلام النمس مغزى واضح وإشارة رغم بساطتها لكني لم أركز في كلامه وقلت له يا نمس حتى ولو كانت فيلة رئيس الدولة بلحمه وعظمه فإذا كانت العملية نظيفة ومدروسة فما المانع فكلهم لصوص يا عزيزي ما علينا إلا أنأخذ حقنا ولكن رغم كل هذا فكلام النمس ادخل في قلبي بعد الشك وأنا أفكر فيه رغم تخميني في العملية ولكن في أخير قلت لهم موعدنا غدا في نفس الموعد للناقش في التفاصيل ويكون قادر معنا…………..يتبع