نشرت صحيفة “إيكونوموست” تقريرا عن الأنظمة العربية الحالية، والتي تشترك في العديد من النقاط، خصوصا محاربة الاسلاميين والجري نحو أنظمة علمانية، تستثني الدين من الحقل السياسي.
وافتتحت الصحيفة تقريرها بالقول :” الإمام محمد يوسف، من المنصورة، الذي يقول إنه يشعر بالراحة لو امتلأ نصف الجامع يوم الجمعة، لافتا إلى أنه في القاهرة البعيدة 110 كليومترات، تجلس النساء في المقاهي، التي كان يجلس فيها الرجال، يدخن الشيشة علانية، فيما تقدم بعض المؤسسات الكحول المحرم تناوله في الإسلام، حيث يعلق الشيخ محمد بحزن على تراجع الدين، وهو موقف يراه عدد آخر من شيوخ الدين”، مضيفة :” الاستطلاعات تظهر منطقة تبدو أكثر تدينا وأخرى أقل تدينا، حيث أن الشباب الذين دعموا الإسلام في وسط الثورات العربية عام 2011، شعروا بالخيبة نتيجة لأدائهم السيئ، وغيروا مواقفهم، ففي مصر تراجع دعم تطبيق الشريعة من نسبة 84% في عام 2011 إلى 34% عام 2016، وتتزايد فيها نسبة الذين لا يصلون”.
وواصلت المجلة الأمريكية :” في المغرب ولبنان لا يستمع نصف السكان إلى قراءة القرآن، مقارنة مع عام 2011، وأصبحت المساواة بين الجنسين في التعليم وأماكن العمل، التي عادة ما وقفت أمامها التقاليد الإسلامية، مقبولة”، ناقلة عن مايكل روبنسون، مدير “الباروميتر العربي” :” المجتمع هو الذي يدفع باتجاه التغيير”.
وواصلت الصحيفة :” هناك عددا من القادة العرب مهتمون بخلق المجتمعات العلمانية المنفتحة، رغم أن إصلاحاتهم هذه لا تشمل المجال السياسي، فالإمارات العربية المتحدة خففت أولا القيود الدينية والاجتماعية، في الوقت الذي قادت فيه حملة إقليمية ضد الحركات الإسلامية، وقام ولي العهد في أبو ظبي والحاكم الفعلي الشيخ محمد بن زايد، بالتزامن مع حربه للإسلاميين، ببناء الجامعات الغربية وقاعات الفن، وشجع النساء الإماراتيات على الخروج من العزلة الاجتماعية والانضمام للجيش، بمن فيهن ابنته، ورغم تبنيه التعددية، إلا أن القيود المشددة على المواطنة لا تزال موجودة”، مشددة :” في مصر، لم يحظر عبد الفتاح السيسي جماعة الإخوان المسلمين كبرى الحركات الإسلامية في المنطقة فقط، بل انتقد “عدم تسامح” الأزهر، وهو أقدم جامعة في العالم الإسلامي، وأغلق العديد من المساجد، ومنع المصريين من ذبح الأضاحي في بيوتهم أثناء العيد دون الحصول على رخصة، وحرم الشواطئ المخصصة للمحجبات، وحضر قداس الأقباط في الكنيسة، “مع أنه لا يبقى طويلا”، وعلق مسؤول مصري، قائلا: “أصبحنا مثل الأوروبيين”.
ونوهت “إيكونوميست” :” أكثر التطورات المثيرة، وإن كانت في بدايتها، هي التحولات في الدولة المحافظة جدا السعودية، حيث قام الأمير الشاب وولي العهد محمد بن سلمان بالحد من سلطة الشرطة الدينية، وعزل آلاف الأئمة، وأعلن عن مركز للاعتدال؛ من أجل تمحيص النصوص ورفض المزيف منها، وسيمسح للمرأة قريبا بقيادة السيارات وحضور المباريات في الملاعب الرياضية، وشجعت الدولة النساء على دخول سوق العمل، ويريد الأمير بناء مدينة جديدة (نيوم)، التي صممت على ما يبدو لتشبه دبي، وفي الأفلام الترويجية ظهرت المرأة فيها بلا حجاب وفيها حفلات، وقال ابن سلمان إن السعودية تعود للوضع الطبيعي الذي كانت عليه قبل الثورة الإيرانية”، مفيدا :” النزعة نحو الاعتدال ليست واسعة في أنحاء العالم العربي كله، فاستطلاعات الرأي في دول أخرى، مثل الجزائر والأردن وفلسطين، تظهر دعما للشريعة وتعاطفا مع الحركات الإسلامية، وهي في تزايد ومتنامية”.