تعدّ بلادنا إحدى الدول الإفريقيّة المزدحمة بالسكان، وهي من أكبر الدول العربية والإفريقيّة مساحةً، حيث يتركّز اقتصادها على قطاع النفط (المحروقات)، واعتماده كوسيلة أولية لتمويل إيرادات الدولة، ويتراوح معدّل البطالة في البلاد حوالي 15%، بينما ترتفع نسبة البطالة في كل سنة وذلك حسب إحصائيات رسمية، كما تتعدّد أسباب ظهور البطالة في الجزائر وتتفاوت من ولاية لأخرى .وتُعدَ البطالة ظاهرة اجتماعيّة واقتصاديّة خطيرة، حيث تعود بآثارٍ سلبيّة على الفرد والمجتمع معاً، ممّا يتسبب بكثير من المشاكل التي تهدّد استقرار الدول والمجتمعات، وتؤثّر على وحدّة التماسك الاجتماعي والاستقرار السياسي، وتسبب الركود الاقتصاديّ للدولة والمجتمع، وهي مشكلة تتفاقم وتتزايد مع مرور الوقت، وتختلف في نسبتها وحدّتها من دولة لأخرى ومن مجتمع لآخر، وتُعرَف بأنها عدم توفّر فرص العمل للفرد في سوق العمل، بالرغم من قدرته على العمل ورغبته فيه وبحثه المستمرّ عنه، مقابل أجر مادي.
مجموعة العوامل التي تؤثّر على الإنتاج، وتؤدّي إلى البطالة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ومنها التباين في التوزيع الجغرافي للسكان، حيث تتفاوت بعض المناطق في توزيع السكان، كما تتزايد نسبة البطالة في المناطق التي تحتوي على تجمّعات سكانية أكثر من المناطق التي يقل فيها نسبة عدد السكان، وهذا بدوره يؤدي إلى زيادة الطلب على الخدمات الاجتماعية وفرص العمل؛ ممّا يؤدّي إلى زيادة الضغط على الإنتاج واختلال سوق العمل. قلة التنسيق بين سوق العمل ومخرجات التكوين سواء الجامعي أو المهني والتعليم، بالإضافة إلى احتياجات العمل، حيث إنّ هناك تراجع في عائد التعليم بسبب عدم التنسيق بين التعليم والتوظيف؛ وذلك نتيجة تولّي مناصب عمل دون مراعاة التخصصات التعليمية التي تتبع في الغالب نفس طريقة نمط التعليم دون أن تطوّره، ممّا يؤدّي إلى زيادة عدد الخريجين عن سوق العمل، ووجود فائض في عدد الخريجين في تخصصات دون الأخرى .
بينما الحكومة ترخص لتشغيل المهاجرين الأفارقة فهناك ألاف الشباب يعانون من البطالة بسبب جشع الباطرونا التي تشغل الأفارقة لتربح أكثر رغم أنها تستفيد من امتيازات ضريبية مهمة ومازالت تطالب بالمزيد بينما تشغل المواطنين بتقشف كبير، فمثلا قد تجد شركة تفوز بصفقات عمومية تقدر بالملايير بينما تشغل عددا محدودا من الشباب الجزائري بمقارنة مع أعداد المهاجرين لتربح أكثر. تجدر الإشارة بأن المستفيد الأكبر من البطالة المتفشية هي الشركة نفسها، لأن العرض كبير وهذا يجعلها تتفاوض بشروطها مع الشاب الباحث عن العمل وعندما يطلب الزيادة في الأجر أو تحسين شروط عقد العمل يرمى به خارجا ليتم استقدام ضحية جديدة مستغلة حاجة هؤلاء لعمل قار وكريم. ومن الأسباب الأخرى نجد تفشي المقاولات العائلية والتي لا تشغل إلا المقربين والأصحاب بعيدا عن الكفاءة والنزاهة ولا تخضع إلا لمنطق التدخلات في إطار الضيعة العائلية. وهذا ما نعاينه عندما يمر الشاب محملا بشهادته وطلباته على عشرات الشركات ليطلب عملا أو تدريبا مهنيا دون أن يتم الرد على طلبه حتى ولو كان بالرفض بينما يكفي أحدهم رنة هاتف لتفتح له أبواب الشركة على مصراعيها ويعامل مدللا معززا مكرما ويحدث أن يتم طرد أحد العمال طردا تعسفيا ليترك مكانه لابن العائلة مقرب أو لابن صديق حديث التخرج في إطار ” خيرنا ما يديه غيرنا “. وهذا السبب طبعا عقم بنيوي في الإقتصاد الجزائري.