يجري الاحتفال بالذكرى ال54 لاستقلال الجزائر، في مناخ من التوتر الدبلوماسي المليء بذكريات الحرب، بين الجزائر وفرنسا. هذا المناخ الذي يعكس تدهور العلاقات الدبلوماسية بين العاصمتين، كان سببه نشررئيس الوزراء الفرنسي، امانويل فالس، صورة للرئيس بوتفليقة على تويتر وقد بدت عليه آثار الضعف و المرض. هذا التصرف الغير مسؤول و المحرج –حسب الجزائر- تم بعد استماع بوتفليقة لخطاب فالس في مايو الماضي، بمناسبة زيارة الأخير إلى الجزائر. بعد هذه الحادثة مباشرة ، اندلعت حرب خنادق عن بعد بين الطرفين، حرب ذاهبة الى التصعيد. هذه الأخيرة ظهرت جليا من خلال المناورات السياسية والدبلوماسية العالية، وأيضا في القضايا الاقتصادية التي استخدمت كوسائل للضغط.
ومع ذلك، حتى الذاكرة لم تنج من استراتيجية الضغط هذه .و الدليل على ذلك مطالبة الفرنسيين الجزائرباستعادة الممتلكات الشاغرة التي خلفها من قبل المستوطنين الفرنسيين بعد استقلال الجزائر . كان رد فعل الجزائر سريعا، وذلك من خلال رئيس للجمهورية الجزائرية، موضحا للجانب الفرنسي أن الطلب غير مقبول. وبالنسبة للرئيس بوتفليقة، هذه العقارات الشاغرة من قبل المستوطنين الفرنسيين سجلت كتراث للدولة الجزائرية. وجرت هذه العملية في “إطار السيادة الوطنية” .هذه الحركة من الجانب الفرنسي لا يمكنها الا أن تطرح تساؤلات و تثير الدهشة بالنسبة للجزائر العاصمة، حيث أن هناك إرادة متفق عليها من طرف جميع أطراف القوة الاستعمارية السابقة لعكس مسار التاريخ. كما لو أن الجزائرهي التي استعمرت فرنسا.
مطالب متعلقة بالذاكرة و نقص في الشرعية
وبالمثل، تجدر الإشارة إلى أن هذا الموقف المهين للتاريخ من جانب الفرنسيين كان مسبوقا بخروج وزير المجاهدين، الطيب زيتوني، الأسبوع الماضي، مطالبا فرنسا بارجاع عودة جميع السجلات المتعلقة بالوجود الفرنسي في الجزائر، من 1830 إلى 1962. بالنسبة للوزير الجزائري، ا”لن تكون هناك علاقات طبيعية وسلمية بين فرنسا والجزائر دون التوصل إلى حل نهائي لجميع السجلات المتعلقة بالذاكرة الوطنية و التاريخ، السجلات مثلا، المفقودين والأضرار، خاصة تعويض ضحايا التجارب النووية في جنوب الجزائر “. مطالب لم تتجاوب معها فرنسا لحد الآن.
ومع ذلك فبالنسبة لأحزاب المعارضة، وكذلك بالنسبة لغالبية الجزائريين، يشكل انعدام شرعية من هم في السلطة، سببا رئيسا وراءعدم امتثال فرنسا لمطالب الجزائر. بل و يتساءلون، كيف لنظام أن يذهب عشية كل انتخابات رئاسية الى فرنسا لانتزاع الكفالة الدولية، أن يطالب باحترام قضايا الذاكرة وعدم التدخل في مسائل الخلافة لرئاسة الجمهورية الجزائرية.
أيضا، و من بين المفارقات الأخرى التي تستحضر ازدواجية الحكومة الجزائرية كون معظم من هم في السلطة في الجزائر يحملون الجنسية المزدوجة وأولادهم يحملون الجنسية الفرنسية ، ويملكون أيضا عقارات واستثمارات كبيرة في فرنسا. مما سبق، وأمام انعدام شرعية صناع القرار في الجزائر، فإنه لا يمكن بأي طريقة انتزاع أي شيء من الجانب الفرنسي. وصناع القرار في فرنسا يعلمون ذلك جيدا بل يتفوقون في الاستفزاز والتدخل في الشؤون الجزائرية. وآخر دليل على ذلك تويت فالس . وعلاوة على ذلك، كان المسؤولون الفرنسيون دائما قادرين على انتزاع المصالح الاستراتيجية، على حساب الشعب الجزائري مستعينين بنقص شرعية من هم في السلطة في الجزائر.