خلق قانون الانتخابات الجديد جدلا واسعا في الأوساط السياسية و الإعلامية وسط تباين للمواقف بين الحكومة و المعارضة،ليتم الحسم بتصويت نواب البرلمان بالأغلبية و مقاطعة المعارضة.
و قد هددت المعارضة في وقت سابق بمقاطعة جلسة التصويت على مشروع قانون الانتخابات الجديد في حالة عدم إجراء تعديلات على بعض المواد التي وصفتها بالإقصائية، مما سيحرم 30 حزبا معتمدا حاليا من المشاركة في الانتخابات التشريعية و البلدية.
و في حملة معارضتها الشديدة لقانون الانتخابات الجديد وقعت المجموعات البرلمانية لحزب العمال و تكتل الجزائر الخضراء المكون من ثلاث أحزاب إسلامية إضافة لجبهة العدالة و التنمية، بيانا تنديديا انتقدت فيه نظام الانتخابات و الهيئة المستقلة لمراقبة الانتخابات و انسحبت من جلسة المناقشة.
و انتقدت المعارضة بشدة محتوى المادة 73 من مشروع قانون الانتخابات الجديد القائلة بلزوم 4 بالمائة من الانتخابات السابقة من أجل قبول ملف الترشح في الانتخابات المقبلة، كما انتقدت تغييب ممثلي الأحزاب السياسية من الهيئة المستقلة لمراقبة الانتخابات.
و في المقابل قرار مقاطعة المعارضة لجلسة التصويت على قانون الانتخابات الجديد أزعج وزير الداخلية نور الدين بدوي الذي دعا المعارضة إلى التحلي بالروح الرياضية، مؤكدا على أن المعارضة يجب أن تتم داخل المؤسسات و ليس خارجها، موضحا أن قانون الانتخابات الجديد حظي بموافقة الأغلبية البرلمانية التي تمثل الشعب، و الذي اقترحه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة المنتخب بدوره من طرف الشعب، و بالتالي ليس بإمكان المعارضة تغيير هذا الواقع الذي يعتبر جوهر العمل الديمقراطي، مؤكدا أن المعارضة تعودت التصرف بهذه الطريقة، بدليل أنها قاطعت جلسة التصويت على الدستور الجديد في فبراير الماضي، رغم تضمنه تعزيز الحريات الفردية و الجماعية و تكريس دولة القانون و الحق و المؤسسات، كما نفى وزير الداخلية نورالدين بدوي أن تكون لدى السلطة أي نية في التضييق على الأحزاب، والتخلص منها، مثلما تقول المعارضة، مشدداً على أن القانون جاء ليعزز المكتسبات الديمقراطية ويكرس العمل الحزبي التعددي، ويتخلص من بعض الممارسات التي أساءت اليه، مدافعا عن النموذج الديمقراطي الجزائري الذي استحدث هيئة عليا لمراقبة الانتخابات من بدايتها إلى نهايتها.
وسط هذا الجدل الواسع الذي خلقه تمرير قانون الانتخابات الجديد في البرلمان الجزائري و بتصويت نواب البرلمان بالأغلبية و مقاطعة المعارضة يعطينا مشهدا سياسيا غير منسجم في عمقه يخلق إشكالات و أسئلة عميقة لدى رجال السياسة و القانون حول آليات تفعيل الدستور الجديد من اجل مأسسة و دمقرطة حقيقية، لكن السؤال الأعمق هل بالمصادقة على قانون الانتخابات الجديد تكون خارطة الطريق للمشهد السياسي الجزائري لما بعد الانتخابات التشريعية و البلدية قد بدأت تتضح معالمه؟