….فقلت له نعم أنها صورة لي ولأمي أخذناها عند أول أيام عيد الفطر نظر إلي وقال انتظرني سأعود في الحين ذهب إلى المطبخ وتركني في الغرفة أتأمل ما حولي فإذا بي أرى تحفا باهضة الثمن وصور قديمة أظنها له ولأفراد أسرته في الجزائر وهناك صورة جدبت اهتمامي وتأملت فيها لأبحر بذاكرتي في بحر المعاناة وفي هذه اللحظة سمعت صوت تحطم شيء ما وصرخة غاضبة المعاناة “الله ينعل باباك يا الكلب راك ما تصليش واش تكون ملتك نصراني ولا يهودي جاوبني” ثم مد يده القوية نحوي بكل عنف وجذبني من يدي وقال هيا تيمم وصلي مع الرجال كالرجال… ماذا اصنع في هذا الموقف الصعب وأنا لم اصلي مند مدة ولا أتذكر من سور القران الكريم سوى بعض السور القصيرة و الآيات التي حفظتها في الابتدائي في المدرسة يا الهي ماذا اصنع الكوميسير في الخارج يتهمني بالإرهاب وبأنني من أصحاب أللحي وأني متنكر وهذا الإرهابي يشكك في ديني وفي ملتي ويجرني للصلاة جر ويتهمني بالكفر.
بالنسبة لي الالتزام بالدين تبقى قناعة شخصية ولا يفرض احد على الأخر ماذا يصنع وما لا يصنع طالما انه في الأخير كل سيحاسب على حدى وعلى نفسه وأن هناك جنة ونار وأعلم أيضا أن الله عز وجل يعبد عن علم وليس عن جهل المهم تيممت كما علمني الأخ الأخر الذي يبدو هو اللين فيهم ووقفت معهم في الصف وكان الأخ أدرك ما بي وقال وهو يهمس في أذني لا تخف افعل فقط ما نفعله نحن وسيكون كل شيء بخير وبالفعل أدينا الفرض وعند الانتهاء نظر الزعيم إلى الشخص الخامس معنا وقال له وهو يشرح ما يقول بالإشارة ليفهمه انه سيصلي معنا نظر الشخص الخامس لنا جميعا في بلاهة وضحك بجنون ثم أخرج لسانه فقال الزعيم “لا حول ولا قوة إلا بالله أبكم ومجنون وأبله يعذب معنا في الحبس والله إن هذا منكر رد عليه أحد أعوانه قائلا “هذا راهم شبهوه يا شيخ لواحد الأمير معروف في الشرق” نظر الزعيم لأعوانه مستغربا وقال “غير يشبهوه يحبسوه الرجل حتى الهدرة ما يهدرش لاعقل ولا لسان واش يديرو بيه ” هنا حمدت الله في سري على الأقل انشغلوا بهذا الشخص الغامض وتركوني في حالي كنت أحاول أن أرتب الأحداث والوقائع في دماغي لأجد سبيل الخروج من جهنم السجن…
أنا الأن متهم بالانتماء لجماعة إرهابية لا أحبذ أن أقول إسلامية لأن الإسلام بريء مما يفعله حفنة من المجرمين لذلك كان علي أن أرسم خطة محبكة لكي اخرج من هذا المعتقل وكان علي أولا قبل كل شيء أن أحافظ على حياتي وعلى سلامة أعضاء جسمي كلها فلا معنى لأن أخرج من السجن وأنا على كرسي متحرك أو مقطوع اليدين أو أعمى لهذا وجدت أن الحل الأمثل في هذه الظروف هو أن أساير الجميع على حسب رغباتهم وأهوائهم فلا مانع عندي أصلي مع أصحاب اللحي هؤلاء ومن بعد أرقص مع العسكر على إيقاعات الموت التي ينشرونها في كل شبر من الجزائر مع احتفاظي بمبادئي لا لبيع الضمير ولا للغدر وهذه هي نظريتي للبقاء لذلك يجب علي أن أعرف من أين تؤكل الكتف…
فحاولت التقرب من الشخص اللين بينهم لعلي أحصل منه على معلومات يمكن أن تفيدني فاستغلت ذهاب الزعيم للتحقيق هو ورفيقه فتقدمت نحوه وسألته ما أسمك يا أخ أجابني بابتسامة صافية أنا يحيى وأنت أجبته “رابح وحنا هنا ما رابحين والو” ضحك وقال لي “لا تيأس لعل الفرج يكون قريب” ذهلت من إجابته وثقته وإيمانه فقلت له ونعم بالله فاصطنعت الترد وأظهرت الخجل وقلت له هل يمكنني أن أسألك أجابني نعم يا أخي طبعا تفضل بكل سرور فقلت له ما التهمة الموجهة لكم قال الانتماء إلى جبهة الإنقاذ والجهاد رغم أنني لم أحمل سكين طوال حياتي نظرت إليه وأخفيت ذهولي وخوفي وقلت له وبماذا حكموا عليكم أجابني ببساطة الشهادة إنشاء الله الإعدام هنا بلعت ريقي وقلت الله اكبر سأعدم في هذه الحفرة المتعفنة وهذا الشخص الخامس ضحية مثلي لا ينتمي إلى أي حزب ورغم ذلك سيعدم وهنا بدأت أفكر في طريقة للخروج فقاطع تفكيري يحيى وقال يا أخي ما دام البلاد يحكمها الزواف فانت ميت ميت لا محالة بالله عليك ملايين الأشخاص بدون مستقبل أو عمل يعيشون فقط لأن أجلهم لم يصل أيامهم كلها تتشابه بالله عليك هذه حياة تخاف عليها وفي هذه اللحظة سمعنا أصوات غاضبة وشتم وسباب جارح في الممر الخارجي وصوت مفاتيح حديدية تسقط على الأرض…
نهضت من فراشي مفزوعا وذهبت إلى المطبخ لأرى ما يحدث فإذا بالرجل الضخم (الشيكور) يلعب مع قط جميل نظر إلي وهو يبتسم وقال تركت نافدة المطبخ مفتوحة فتسلل هذا الولد الشقي وأراد أكل عشاءنا نظرت إليه وأنا مستغرب كيف لزعيم عصابة مثل هذا أن يكون بمثل هذه الوداعة واللطف مه هذه المخلوقات الضعيفة وهنا تذكرت زوجتي وابنتي واني لم أراهم مند صباح الأمس فسألته هل بإمكاني استعمال هاتف المنزل فأومأ لي برأسه موافقا ثم كأنه تذكر شيئا ما ثم قال لي على فكرة لقد اتصلت بك زوجتك على هاتفك الخاص وكنت اعلم أنها ستكون قلقة وخائفة عليك فقلت لها لا تقلق وانك في مهمة خاصة بالعمل وستعود بعد غد إنشاء الله نظرت إليه نظرة امتنان وقلت له شكرا لك تبسمت وقلت له أتدري لحد الساعة لا يعلم كلانا اسم الأخر أجابني بضحكة طفولية بلى أنا أعرف اسمك فقد ذكرته زوجتك البارحة أنت رابح أليس كذلك أجبته وأنا أؤكد على كلامه بانحنائة من رأسي اجل هو ذلك وقلت له متسائلا وأنت يا سيدي ما اسمك أجابني بابتسامة خفيفة أنا الحاج حمد ادن قد حج هذا الشيكور ليكفر عن ذنوبه بل عن كبائره استأذنته أن اذهب إلى الحمام لأغسل وجهي لكي أفيق من هذه الأحداث المتسارعة التي حلت بي مند عرفت هذا الدب الجزائري وأنا متجه إلى الحمام أتارتني نفس الصورة التي شاهدتها سابقا ما أثارني في الصورة الشخص الذي كان مع الحاج أحمد في الصور’ فلقد لمحت نفس الشخص الذي كان يعذبني بالجزائر نعم هو الضابط السفاح بعينه وهنا التفت بخوف نحو الشيكور…يتبع