تشكل كتلة الأجور أحد المتغيرات الاقتصادية المهمة المؤثرة في حسن سير الاقتصاد الوطني. فقد رأى الاقتصادي J. M. Keynes أن من الضروري في حالة الركود الاقتصادي أن تلجأ السلطات العامة إلى توسيع قاعدة الإنفاق العام لتوزيع مزيد من الأجور مما يتسبب في زيادة الطلب الفعال demande efficace يسهل عملية الخروج من الأزمة الاقتصادية. لهذا السبب ولأسباب اجتماعية وسياسية تولي الحكومات في الدول الصناعية المتقدمة اهتماماً كبيراً لمسألة الأجور وتنظيمها إذ تفسح في المجال أمام النقابات وأرباب العمل لعقد اتفاقيات الأجور الجماعية وترعى مثل هذه الاتفاقيات وتتدخل أحياناً في إقرارها.
لكن نحن في الجزائر كل شيء معكوس فحسب مشروع قانون المالية الذي أحيل على البرلمان للنقاش بعد مصادقة مجلس الوزراء على تدابيره فالغلاف المالي المخصص لتغطية كتلة أجور مستخدمي مختلف أسلاك الوظيفة العمومية تراجع بعد أن خفض ب 60 مليار دينار حيث قدرت الحكومة ألا تتجاوز كتلة الأجور خلال السنة القادمة 2172.5 مليار دينار في حين خصصت لتغطية أجور السنة الجارية غلافا ماليا مقداره 2232.5 مليار دينار. ورغم أن الغلاف المالي المخصص لتغطية كتلة أجور قطاع الوظيفة العمومية الذي تجاوز تعداد المنتسبين إليه ملونين و600 ألف مستخدم تمثل حصة الأسد ضمن ميزانية التسيير بنسبة قاربت 48 بالمائة إلا أن تصريحات ممثلي الحكومة يتقدمهم الوزير الأول حول حالة الاكتفاء التي يعرفها قطاع الوظيفة العمومية بدأت تترجم على أرض الواقع فبعد أن عرفت مشاريع قوانين المالية للسنوات الماضية المتعاقبة اعتماد مناصب مالية تجاوزت في بعض السنوات النصف مليون منصب شغل خاصة في قطاعات الداخلية والصحة التربية وغيرها قررت الحكومة هذه المرة التقشف في مناصب العمل وعدا قطاعي التربية والصحة بدرجة أقل باقي القطاعات لن تلجأ السنة القادمة إلى تنظيم مسابقات جديدة بما فيها استخلاف المتقاعدين الذين سيبلغ تعدادهم عند نهاية السنة المالية نحو 11338 متقاعد حسب تقديرات الحكومة.
في علم الاجتماع كي تخرج بسلام من الازمات عليك ان تجد لها متنفس جديد عوض ان تزيد من ضغط الازمة فكان يجب على الدولة ان تزيد من كتلة الاجور عوض ان تقلصها.