طرحت صحيفة “فايننشال تايمز” الأمريكية سؤالا مهما حول مسقبل العراق بعد نهاية تنظيم الدولة المعروف بداعش، والذي اعتبرت الصحيفة أنه قام أصلا بسبب الفراغ الذي تركه إسقاط نظام صدام حسين من طرف جورج دابليو بوش الإبن.
وقال التقرير الذي كتبه ديفيد غاردنر:” مقاتلو التنظيم المتبقين فجروا مؤخرا مسجد النوري، الذي يعود تاريخه للقرن الثاني عشر، والذي أعلن منه البغدادي خلافته، وبنسفهم لهذا المسجد فإنهم نسفوا نصبا للبطل المسلم نور الدين زنكي، الذي مهّد لهزيمة الصليبيين في القدس على يد صلاح الدين الأيوبي عام 1187، إن نسف هذا المعلم الحضاري، الذي يعود إلى القرون الوسطى، إنما هو إعلان إفلاس لتنظيم الدولة”، مضيفا :”الأطراف الخارجية الرئيسية، وهي روسيا وإيران وأمريكا وتركيا، تتصارع لأخذ مواقع لها، ما يتسبب بنقاط احتكاك في الجبهة المكتظة، إلا أن هناك نقاشا مؤقتا حول مستقبل كل من سوريا والعراق، وفي منتدى أوسلو، المؤتمر السنوي (لصانعي السلام)، الذي عقد هذا الشهر، تم الحديث كثيرا عن سوريا والعراق ما بعد تنظيم الدولة”.
وتابعت الصحيفة :”بعد الإطاحة بصدام حسين، فإن العراق تحت الاحتلال تبنى نموذجا فيدراليا، لمشاركة السلطة بين الأكثرية الشيعية والأقليتين السنية والكردية، لكن الحرب الأهلية التي نشبت؛ بسبب تمرد السنة، بالإضافة إلى الطائفية الشيعية والاستياء الكردي، تجمعت فأفشلت الفيدرالية، أما في سوريا، التي سحقت إلى عدد كبير من الشظايا، فإن المركزية الحديدية التي حكم بها الأسد وعائلته فشلت أيضا”، مشيرة :”النظام السوري، الذي أنقذه التدخل العسكري الروسي والإيراني، يرفض القبول بذلك رسميا، حيث قالت متحدثة باسم الحكومة بأن اللامركزية في سوريا ما بعد الحرب ليست خيارا، وتساءلت لماذا على دمشق التنازل ما دامت هي المنتصرة”.
وعلق غاردنر على الوضع الحالي في العراق بالقول :”نظام الأقلية، الذي يعاني من نقص حاد في الطاقة البشرية لاستعادة السيطرة، ناهيك عن حماية سوريا كلها والنظام، يتقدم فقط بسبب القصف الروسي والحرس الثوري الإيراني ومليشياتهم العسكرية من حزب الله إلى الحشد الشعبي”، مبينا :”روسيا رسمت خطة لسوريا اللامركزية، وحتى أن مستشاري الأسد يعترفون بأن مساحات شاسعة من سوريا والعراق يمكن أن تجمع معا فقط من خلال (احترام الظروف المحلية)، مثلا عن طريق إعطاء الأقلية الأشورية المسيحية والأقلية اليزيدية حكما ذاتيا بعد سقوط الموصل، لكن التركيز في كلا البلدين منصب على الأكراد”.
وحول طبيعة المشكل لدى الأكرد في البلاد، قالت الصحيفة :”كراد سوريا، الذين عزز قوتهم دعم أمريكا لوحدات حماية الشعب، استخدموا الصراع ليقتطعوا قطعة من سوريا، يطلقون عليها روجافا في شمال سوريا، وأي نظام سوري مستقبلي سيضطر إلى اللجوء لمعادلة تقاسم السلطة، وأكبر تهديد لأكراد سوريا هو علاقتهم مع حزب العمال الكردي، المؤلف من أكراد تركيا، الذي يسعى في استخدامه في حركة التمرد التي قادها على مدى 30 عاما ضد أنقرة”، معلقة :”هذا هو السبب الذي جعل تركيا تدخل شمال سوريا؛ لتمنع وحدات حماية الشعب من ربط المساحات التي تسيطر عليها في شمال شرق سوريا مع المناطق الكردية غرب نهر الفرات، وخلقت بتدخلها مقاطعة أخرى، تقترح روسيا أن تكون واحدة من أربع مناطق هادئة، يمكن أن تقع تحت إدارة محلية أو تأخذ طريقها إلى التقسيم”.