والله ثم والله لو استمرينا على هذا النحو في تلخيص هذا الحراك على انه صراع ضد بوتفليقة سنفشل فشلًا ذريعًا فبدلًا من أن يعبّد الطريق أمام الديمقراطية وتكون بداية زمنٍ من الاستقرار والتطوّر سيتفكك الشعب الجزائري الذي يعاني أساسًا من الفقر المنتشر ونقص الفرص وتردّي الأحوال الأمنية وغموض المستقبل وسيحنّ بعض الناس إلى زمن بوتفليقة.
اعتقد الكثير من المحللين أن رياح الثورة قد هبت أخيرا على الجزائر والتي ظلت لعقود تعاني حالة من الاستبداد السياسي وسوء التدبير والفساد على جميع مستويات مما يؤشر على أن الجزائر داخلة على مرحلة جديدة يمكن أن تؤطرها قواعد الديمقراطية في تداول السلطة ومبادئ المراقبة والمحاسبة في إدارة شؤون الدولة غير أن هذا التفاؤل المفرط اصطدم مع حقائق الواقع الشديدة التعقيد إذ لم تكن الدوائر الماسكة بزمام الحكم(الجنرالات أي قايد صالح) مستعدة للتنازل بسهولة عن مفاصل الدولة للمتظاهرين كما لم تكن مؤهلة لتدبير التحولات بحنكة فمنهم من يقترح الحل الأمني الذي يتقنه بامتياز في التعامل مع الجماهير الزاحفة ومنهم من أراد النصب على المتظاهرين بتسليم السلطة لهم بطريقة ملتوية لقيادة المرحلة لتتقلص بذلك أجندات المتظاهرين الذين يطالبون بإقامة دولة حديثة وإعادة بناء المؤسسات بشكل عقلاني ديمقراطي… وهذه طريقة ستحتوي المطالب بفتح ورش إصلاحي عميق يستجيب على الأقل لجزء من انتظارات الشارع الهائج ولذلك أمام هذا الزخم من الأحداث المتسارعة والفجائية والتي وقف أمامها التنظير في حقل العلوم الاجتماعية عاجزا عن تفسير ما جرا ويجري تظل تساؤلات عديدة ومتشابكة ملحة هل سيفشل “الحراك الجزائري”؟ هل فعلا كنا أمام ثورة أم هي ارتجاجات بسيطة ضخم الإعلام من حجمها وصورها البعض على أنها ثورة؟ وهل المجتمع الجزائري مجتمع ساكن يستعصي عليه التغيير والتحديث؟ وما هي شروط التغيير؟ إلى غير ذلك من الأسئلة المتناسلة عن أزمة الدولة ومشاريع الإصلاح… لكن بعض أسباب الانتكاسة أو فشل المظاهرات ببلادنا هو الفرضية التالية: إن شروط الثورة لم تجتمع في أحداث ما أطلق عليه “المظاهرات ضد العهدة الخامسة” وبالتالي لابد لملامسة بعض جوانب الفرضية المطروحة من الوقوف علميا مع مفهوم الثورة ومبادئها وشروط نجاحها ومخاطر النكسة لنخلص إلى محاولة الإجابة على التساؤل التالي: هل المظاهرات صنعها الجنرالات ليتم التحكم فيها وتوجيهها ثم كيف سمح للمتظاهرين ورجال الجيش والشرطة باحتفال بالمظاهرات في مشهد سريالي قل نظيره في الدول التي يحكمها العسكر وثانيا لا اعرف لماذا هذا المشهد يذكرني بفيلم المظاهرات ضد الرئيس مرسي .