في العقد الأخير تكتسي جملة الشعب يريد إسقاط النظام صبغة خاصة بحيث أضحت وصفة سحرية اكتشفت مجموعة من الدول العربية أنها المفتاح للتخلص من الاستبداد والظلم اللذين رزحت تحت وطأتهما شعوب هذه الدول … لذلك تعيش التجربة السياسية في الجزائر حالة غريبة من الاحتقان بسبب غياب شامل وكلي لنموذج الدولة الحديثة التي تقوم على أساس الديمقراطية وسلطة المؤسسات الشيء الذي تولد عنه مظاهرات ضد العهدة الخامسة من خلالها راهنة المتظاهرين على أن السلطة والسيادة هي حتما سلطة وسيادة الشعب تحت شعار الشعب يريد إسقاط النظام.
لقد رفع ولازال هذا الشعار عند جيراننا ومعه صور رؤساء الدول تمزق وتحرق وتماثيلها تكسر في كل مكان لأن تمثل تلك الشعوب المنتفضة للنظام كان مشخصن في الرئيس الطاغية الجاثم على صدورهم منذ عقود وأن الرئيس هو المعيق الأول لكل تقدم أو إصلاح وهو المسؤول الأول عن كل الكوارث التي تصيبهم بما فيها الكوارث الطبيعية لذلك حتى عندما أراد هؤلاء الرؤساء القيام بخطوات إصلاحية وجدوا أن الوقت قد فات وأن لا سبيل سوى ترك السلطة أو الموت … ولكن ما يقع في الجزائر ليس ثورة حتى وإن أطلق البعض عليها هذا المسمى وإستساغ البعض الآخر المسمى وصار كالعلكة في فمه فالثورة في رأيي هي حراك عنيف يدفع بالمجتمع إلى الأمام و هناك كلمة أخرى قد تكون أكثر تعبيرا عن حقيقة ما يحدث أفضل إستخدامها عندما أتحدث عن المظاهرات ضد العهدة الخامسة هي نسمات الربيع هي حراك لكنه يجذب المجتمع إلى الوراء ببساطة لأننا تركنا النظام الحقيقي (الجنرالات) وامسكنا في احد بيادقه (بوتفليقة) لذلك إذا استمرينا على هذا النحو لن نحقق أي من أهدافنا التي كنا نأمل تحقيقها فالإستبداد والقمع بل والفساد أيضا سيستمر لكن هذه المرة ربما بقناع العلمانية أو الدين دين الإسلام الذي يعتنقه الغالبية من شعب الجزائر هذا الشعب العاطفي المسكين الذي يمكنك أن تحوز على صوته الإنتخابي بإستدرار عاطفته جنبا إلى جنب مع سد رمق أسرته بالمواد الغذائية والقليل من المال وبهذه الكيفية يحكمنا قايد صالح أو الديكتاتور سمه كما شئت .