بعدما ضممت قادر معي كان على البحث عن شخص أخر خفيف الحركة ليس له ظل يتمتع بالخفة والسرعة الأبواب والنوافذ في يده كالسكين في الزبدة لا توجد باب لا تفتح في وجهه ولا توجد نافدة تحبسه عن هدفه وهذا الشخص كان مرسوم في مخيلتي وكنت اعرف أين سأجده . في حارتنا (حومتنا) كان اغلب الساكنة يعيشون الفقر واليأس والإقصاء والجهل وفي هذه الظروف وهذه الأجواء انتظر تفريخ جيلا من فطاحلة الإجرام وسوق من المجرمين تختار فيها ما تشاء وكان أنا نصيبي منها النمس شاب نحيل قصير القامة نسبيا معروف بسطوه على المنازل والعمارات في حياته لم يقبض عليه أبدا دقته وتوقيته في السرقة زائد خفته وسرعة بديهته جعلت منه أسطورة مشكلته الوحيدة انه لا يسرق إلا الغسيل طموحه فقط في الملابس بسبب هوسه بها فهو يحب أن يكون أنيق كالإيطاليين ولكن خفته وسرعته في فتح الأبواب والنوافذ شفعت له لأن أضمه.
….هكذا تربصت له إلى أن وجدته في مقهى يشاهد مبارة في كرة القدم جلست بجانبه وطلبت له عصير ليمون بارد على حسابي ووضعت أمامه كيس فيه (سروال جينز وقميص ماركة عالمية ) فنظر إلي بدهشة وعانقني وقال لي هذا كثير علي يا أخي شكرا لك كثيرا لقد اشتقت لك كثيرا أين كنت هل هاجرت إلى مرسيليا قالها وهو يضحك ثم أضاف هذا الخير والأموال لا تأتي إلا من الغربة فقلت له لا يا صديقي الأموال والكنوز موجود هنا في البلاد فقط علينا أن نأخذ نصيبنا من عصابة علي بابا و40 حرامي فضحك وقال كيف ذلك فقلت له كيف ذلك بسببها أنا هنا فلقد جئت إليك بعمل يعود علينا بالنفع الكثير فهل أنت موافق فقال لي يجب أن اعرف طبيعة العمل يا أخي أليس كذلك تلفت يمنة ويسرة لم أجد أحدا يكترث لنا فالكل مشغول بالمبارة فقلت له سوف أكون عصابة واحتاجك معي وستقبض ضعف ما تحصل عليه من سرقة الغسيل وسترتدي ملابس من نوع الماركات العالمية فهل أنت معي أجابني اجل أنا معك فأنت ابن جيراننا ولا اعرف عليك سوى الرجولة والكرم أنا معك وعيناي مغمضتان فقلت له هذا العمل قد نُقْتَلُ فيه وقد نَقْتُلْ فيه فهل قلبك ميت فضحك وقال هذه الظروف التي أعيش فيها أنا ميت أصلا يا أخي فقبل يومين كاد فلان أن يقتلني بسبب أني تأخرت في إرجاع 500 دينار التي داينني بها يا رجل كنت سأقتل على 500 دينار ما ذا تقول أنا معك فقلت له هناك شرط أخر إن قبض على احدنا عند الشرطة فعهد عليه أن لا يبلغ عن أصحابه حتى ولو كلفه ذلك حياته أجابني لا تخشى شيئا يا زعيم أنت في ظهرك رجال.
الان أصبحنا ثلاثة لم يبقى لي إلا البحث عن شخص يكون عنده أخبار عن أحوال ساكنة الفيلات والقصور المجاورة شخص لا يمكن أن يشك في سمعته احد يخبرني عن الفرصة الذهبية التي اجني من ورائها المال الكثير ودون أن تشار إليه أصابع الاتهام وان يكون من الذين يعانون الفقر والبؤس حتى اضمن ولائه لي وفعلا وجدته انه يحيى الحارس الليلي بحي الفيلات وهو يعمل هناك مند عشرين سنة وعمله مع الأغنياء جعله ينفر منهم ويتقزز منهم بل يحقد عليهم ويكرههم حتى البغض وذلك بسبب ما وجد منهم من المعانات التي عاشها على مدى 20 سنة من احتقار والبخل الشديد والتكبر والغطرسة في المعاملة حتى أنهم كانوا يفضلون عليه الكلاب بالإضافة إلى انه شديد الإدمان على المخدرات والخمر فكانت هذه العوامل جميعها إلى جانبي لأكمل عقد العصابة .
ذهبت عنده ذات ليلة وأحضرت معي أجود أنواع الحشيش وقنينة خمر كعربون محبة وصداقة فسلمت عليه وقلت له كيف حالك عمي يحيى مع العمل الليلي المتعب ومع هؤلاء أبناء الكلاب الذين يسرقون الوطن ويتمتعون في خيراته فرد علي مبتسم وقال الحمد الله ولكن الشيء الذي يُؤرّقُني هو أن هؤلاء أبناء الكلاب عشت مع وجوههم العفنة في الدنيا وسألتقي بهم في جهنم فضحكت وقلت له على الأقل هم تمتعوا في الدنيا وسيعذبون في الآخرة أما أنت عمي يحيى معذب في الدنيا بسببهم وستعذب في الآخرة بسببهم فضحك وقال هذا حالي ماذا افعل فقلت له ما رأيك فيمن يأتيك بحشيش من نوع الممتاز وقنينة خمر فاخرة مع مبلغ محترم كل أسبوع يساوي اجر 8 أشهر من العمل هنا فنظر إلى السيجارة المحشوة بالحشيش التي يدخنها وقال لي أصحيح ما تقول أم أن هذه السيجارة دوخت لي رأسي ضحكت قليلا وقلت له بل صحيح يا عمي يحيى كل ما قلت صحيح فطلب مني أن أرد على مسامعه ما قلته مرة ثانية ففعلت بصبر كبير فذهل الرجل وقال لي وما المطلوب مني يا ولدي فمند اليوم أصبحت ولدي قلت له لا شيء فقط معلومات بسيطة عن أبناء الكلاب هؤلاء ساكنة الفيلات والقصور الذين تحبهم وغمزته بعيني فابتسم وقال أمرني يا ولدي ما نوع هذه المعلومات التي تريد فقلت له فقط من يقطنون هذه الفيلات وما عملهم وعدد الخدم وهل عندهم حراس وكلاب وأين توجد الكاميرات وهل هناك نوع من أنواع الاحتياطات الأمنية المتطورة وخصوصا خصوصا موعد خروجهم من الفيلا وموعد رجوعهم وفي أي وقت يسافرون ويتركون الفيلا وغيرها من المعلومات حتى ولو ظهرت لك أنت بسيطة وليس لها معنى أنا أريد أن اعرفها أجابني الرجل وهو يبتسم ابتسامة صفراء هذا عمل عصابات كبيرة أليس كذلك أجبته بنفس الابتسامة نعم يا عمي يحيى نحن لا نفعل شيء سوى أننا نسترجع القيل من حقنا الذي سرقوه منا ويستمتعون فيه فشعارنا فلنستمتع جميعا في الدنيا ونعذب جميعا في الآخرة فضحك وقال ما طلبته مني عمل سهل وماذا أخر فقلت له وأنا انظر في عينيه بغضب عملنا صعب وليس فيه هزل قد يحدث أن نقتل فيه إذا اضطررنا لذلك أو نستعمل العنف فلا تتفاجأ إن سمعت شيء من هذا القبيل أجابني يا ولدي كل ما تفعله بهؤلاء الكلاب فهو منفعة للوطن فقاطعته المهم المهم هو انه إن وقع احد فينا بيد الشرطة لا يبلغ عن أصحابه هل هذا مفهوم فأجابني أنت ورفقائك برقبتي يا ولدي لا تخشى شيء امضي في طريقك إننا معك …………….يتبع