…… مرت ثلاث أسابيع كأنها ثلاث سنين بسبب أنني لم أكن أغادر زنزانة المخفر وما كان يصبرني هو أن المعتقلين معي في تلك الزنزانة يتغيرون كل 48 ساعة فمنهم من يطلق صراحه ومنهم من يرحل إلى السجن وقد إلتقيت الكثير من الخبراء في مجالات السرقة والنصب أو التجار المخدرات و تعلمت منهم كثيرا رغم الفترة القصيرة التي اقضي معهم بحكم أني كنت أجيد الإنصات وقد أخذت عنوانين المتميزين فيهم على أمل لقاء في المستقبل القريب والغريب في الأمر أن كل من إلتقيتهم عندما يسألونني عن سبب اعتقالي هنا أجيبهم أن الدولة أعطتني ثلاث أسابيع اعتقال كتعويض بعدما طالبتها بتعويض عن التعذيب و الاعتقال في هذه اللحظة الكل يصاب بهستيريا من الضحك.
بعد خروجي من مخفر الشرطة لم أتجه مباشرة إلى البيت الوالدة فكرت انه يجب علي جني القليل من المال حتى يتسنى لي شراء بعض الأغراض لأمي وإخوتي وان استحم وأغير ملابسي ليظهر الحال كأني قادم من سفر وكانت بعض أفكار تدور في رأسي كان لابد علي من رسمها على الواقع وتتويجها بالحقيقة فهي ستحدد مسار حياتي واتجاهها على الأقل في هذه الآونة توجهت إلى بيتي المهجور ووجدته كما تركته لم يتغير فيه شيء أو يحتله محتل يبدوا أن مفعول رائحة بولي كان كفيل بان تمنع الكلاب والضباع من البشر من الاقتراب من البيت لمدة طويلة ولو لم أكن حاضر.
نمت ما يقارب على العشرين ساعة مسترسلة أخذت فيها كفايتي من النوم حتى ظننت عندما استيقظت أني ولدت من جديد أخذت حماما باردا غيرت ملابسي فانا اخبأ هناك ملابسي وبعض الأغطية تحسبا لأي مشكل في أي وقت حملت معي بعض المسروقات ساعتين وخاتم من الذهب اتجهت إلى احد المعارف كنت أتعامل معه دائما أبيع له المسروقات أعطيته الأمانة أخذت النقود اتجهت إلى اقرب مطعم شعبي أكلت كأني كنت صائما لشهور انتهيت من الأكل لم أتعاطا المخدرات أو الخمور أردت أن أكون في كامل وعيي حتى احسب الخطوات التي أخطوها .
اتجهت أولا عند ابن الحرام الواشي (شكام) تاجر المخدرات الذي عقدت معه اتفاقا وكان علي أن أتمه ذهبت عنده إلى منزله ناديته بأعلى صوتي فإذا به يبرز رأسه من النافدة ويتفاجأ بي وهو جاحظ العينين ويفتح فمه لم انتظر منه أن يلقي السلام أو يتكلم أمرته بان ينزل عندي ومعه الأمانة التي اتفقنا عليها نزل عندي وهو يرتجف أعطاني الأمانة وهو يقول هذه فقط حلاوة خروجك أعطاني كيس به حبوب الهلوسة و400 غرام من الحشيش وقنينة خمر هدية قلت له اسمع أنا لا أريد هذه البضاعة أريد ثمنها يعني أريد المال. تسلمني البضاعة وبعد أن ابتعد عنك ب 10 خطوات تقبض علي الشرطة بالبضاعة يا ابن الكلب أنا لا اتق فيك نهائيا فابتسم وقال كان اتفاقنا أن أعطيك البضاعة أما إذا كنت تريد المال فانا سأعطيك نصف ثمن البضاعة قلت له أنت تاجر شاطر تستعمل أسلوب اليهود موافق أعطني المال أخذت المال ونهرته وأنا ابصق على الأرض وقلت له اسمع يا أحقر خلق الله أنا من طلبت منك أن تشي بي لشرطة على مزاجي وإعلم إن وشيت بي أنت على مزاجك فاعلم انه سيكون أخر يوم لك في العاصمة بل الجزائر كلها هي عد إلى عاهرتك فهي تخاف عليك من برد الليل.
…مضيت ودماغي لا تتوقف عن التفكير كيف السبيل للحصول على المال الكثير بأبسط الطرق وأحرصها فحسب ما سمعت من الخبراء في الزنزانة هذا العمل يحتاج إلى عصابة وليس عصابة عادية فهذه الغابة التي نعيش فيها تحتاج إلى عصابة محترفة يكون مبدأ إفرادها الولاء لي في الأول والأخر وان سقط واحد منا في يد الشرطة لا يشي بباقي الأفراد ولو قطعوا رأسه هذا ما كنت أفكر فيه وما ابحث عنه .أولا أنا محتاج لشخص خبير في سرقة السيارات ويسوقها بمهارة عالية ويحفظ الطرق وأحياء عن ظهر قلب ولا يخاف ولا يهاب أي شيء وهنا بدأت أفكر في من اعرفهم تتوفر فيه هذه المواصفات وهنا تذكرت قادر الميكانيكي والذي إلتقيته في الزنزانة انه بارع في سياقة السيارات وهو من أبناء العاصمة المؤصلين يعرف كل شارع فيها وكل زنقة بالإضافة إلى دلك انه شاب كثوم ليست له صلات وعلاقات كثيرة كما أن بنيته الجسدية ممتازة .اتجهت مباشرة إلى ورشته حيث تفاجأ لرؤيتي إلا انه سلم علي ورحب بي فقلت له لا أريد أن ألهيك عن عملك المهم عندما تنتهي نلتقي عند المقهى الفلاني لأني أريدك في أمر مهم .وفي المساء جاء قادر في الموعد جلسنا وبدأنا الحديث ثم سألته فجأة قادر صراحة هل أنت راض عن وضعيتك ومعيشتك شاب يزحف إلى الأربعينات من عمره مازال يعيش مع والديه لا مستقبل ولا أسرة ولا أمل في الحياة اجبني بصراحة فنحن إخوة تغير وجهه فجأة وقطب حاجبيه وصمت قليلا ثم بدا يحكي ويشكي كأن صمت المسكين لم يكن إلا انه لم يجد من يسمع إليه فسمعت منه من الألم والقهر وعدم الرضى عن الوضعية ما إن أمرته أن يقتل وأعطيه 40 ألف دينار لفعل وهو يدعوا لي بالخير المهم ضممت قادر في صفي وقلت له اسمع أنا إلتقيت بك هنا من اجل تكوين عصابة إجرامية نعم لا تتفاجأ إننا سنسرق من يسرقوننا لن نعتدي على الفقراء فؤلائك إخوتنا سنسطو على أصحاب الفيلات والمتاجر الفاخرة فهل أنت معي أتذكر ذلك اليوم جيدا فقد ضحك قادر كثيرا وقال ولم لا أكون معك فالسفينة غارقة غارقة فلنعجل بغرقها فضحكت وقلت له الان أصبحنا اثنين ينقصنا آخرين…………يتبع