تتميز موائد الأوراسيين كلما حل عيد الأضحى المبارك، بطبقي “البولفاف” و “المسلان” التقليديان، حيث لهما مكانة خاصة على كل مائدة من موائد العيد، فهما ببساطة ميزتا هذه المناسبة بامتياز.
وتحرص النسوة اللواتي ورثن هذه العادة عن الجدات والأمهات أن تصنعن فرحة الكبار والصغار بهذين الطبقين التقليديين اللذين لا تحلو مناسبة عيد الأضحى دونهما بالجهة.
وجرت العادة أن يتم تحضير “البولفاف” في اليوم الأول من عيد الأضحى المبارك فيما يحضر المسلان في اليوم الثاني على أن تجتمع العائلة الصغيرة وأحيانا الكبيرة لتناول الطبقين في أجواء بهيجة.
ويدخل كبد الأضحية كمادة أساسية في تحضير “البولفاف”، حيث يلف بطبقة رقيقة وشفافة من الشحم الطازج الطري الذي يغلف أحشاء الخروف أو الدوارة والذي تحرص ربات البيوت على نزعه بعناية كبيرة حتى لا يتمزق.
ويكمن سر نجاح هذه الأكلة التي يشتهيها الأوراسيون حسب الحاجة حدة بوستة في تمرير الكبد الذي يقطع إلى شرائح على الجمر ليصبح متماسكا ويمكن حينها تقطيعه إلى مربعات تلف كل واحدة بإحكام بقطعة من الشحم الذي يعطيه نكهة خاصة بعد أن يطهى.
ولم تخف الحاجة حدة بأن “البولفاف” قديما كان يحضر بتوابل بسيطة تتمثل في قليل من مسحوق الفلفل الأحمر والثوم إلى جانب الملح التي تنكه بها قطع الكبد قبل أن توضع في الشحم لكن اليوم ـ تضيف ـ “أرى كناتي وحفيداتي يحضرن الطبق بتوابل متنوعة منها الكمون والفلفل الأسود وأعشاب عطرية أخرى تعطي للأكلة مذاقا مميزا ولكل واحدة منهن طريقتها الخاصة في جعله يختلف في المذاق فقط عن ما تقدمه الأخريات لكن يبقى “البولفاف” نفسه شكلا ومضمونا”.
من جهتها تقول السيدة نورة معرف (ربة بيت) من نارة بمنعة بأن “البولفاف الذي أخذ تسميته من لف قطعة من الكبد بقطعة من الشحم يتطلب من ربة البيت تحضيره بمجرد استخراج أحشاء الخروف حتى لا تجف قطعة الشحم الرقيقة التي تحيط بها لأن بقاءها ندية يسهل عملية اللف وكذا سرعة طهي البولفاف التي لا تكون إلا على الجمر”.
و باستثناء بعض الحالات التي تضطر فيها ربات البيوت إلى تحضير أنواع أخرى من الأطعمة يكاد يكون “المسلان” طبق موحد لدى العائلات الأوراسية في اليوم الثاني من عيد الأضحى المبارك أو “العيد الكبير” كما يحلو تسميته من طرف المسنين.
ويتم تحضير “المسلان” وهو حوض الخروف قطعة واحدة دون تقسيمه -حسب السيدة فاطمة قمري من منطقة حيدوسة التي أكدت بأن ربات البيوت غالبا ما يطهين معه قطعا أخرى من اللحم لأن العادة جرت أن تجتمع العائلة الكبيرة لتناول هذا الطبق الذي يقدم مع الكسكسي والخضر الموسمية ويكون مرقه أحمرا مع الحمص و الكوسة )القرعة( الصغيرة التي تقسم إلى قسمين وهناك من يضيف لهما البطاطا.
ويحظى الضيوف الذين يزورون منطقة الأوراس خلال هذه المناسبة الدينية العظيمة بطبقي “الملفوف” و”المسلان” فهما تقدمان ـ حسب الحاج احمد عميرة ـ “للعزيز من الضيوف وهما منذ القدم رمز الكرم لدى سكان هاته المنطقة من الجزائر” .
وكثيرا ما تجمع كبد الأضحيات وكذا قطع المسلان أو تطهى ثم تحمل إلى البيت الكبير الذي يجتمع فيه الأبناء وزواجاتهم وكذا أبناءهم لأن العادة في الأوراس بسنوات قبل اليوم كانت تحتم على الأبناء الذكور العودة في المناسبات السعيدة إلى بيت ثامغارث أو بيت العجوز لما فيها من بركة وتكريما للوالدين.
لكن و إن كانت العصرنة قد غيرت عادات الكثير من الأسر بمنطقة الأرواس إلا أن “البولفاف” و”المسلان” بقيا طبقان أصيلان يعودان كلما حل عيد الأضحى المبارك لأنهما ارتبط ارتباطا وثيقا بهاته المناسبة وقل ما يتم تحضيرهما في باقي أيام السنة يقول رشيد امغار صاحب مطعم صغير بأحد أحياء مدينة باتنة.