أثناء عرض أغلب أعضاء مجلس الأمة لملاحظاتهم و تساؤلاتهم بخصوص نص قانون المالية لسنة 2018 ، و الذين شرعوا في مناقشته اليوم الأحد، فقد اعتبروا أن الابقاء على ميزانية التحويلات الاجتماعية رغم الازمة المالية التي تعيشها البلاد خطوة ايجابية من شانها حماية القدرة الشرائية للمواطنين و التخفيف من عبء بعض الزيادات الضريبية التي يقترحها النص.
لكن المتدخلين عقب عرض نص القانون من طرف وزير المالية عبد الرحمان راوية دعوا من جهة اخرى خلال جلسة علنية ترأسها السيد عبد القادر بن صالح رئيس المجلس- الى الاسراع في مراجعة سياسة الدعم الحكومي و توجيهه ليشمل الفئات المعوزة دون غيرها.
كما اجمع اعضاء الغرفة السفلى للبرلمان على صعوبة بل و استحالة تطبيق الضريبة على الثروة التي اقترحها مشروع القانون قبل ان يتم الغاؤها في المجلس الشعبي الوطني في الوقت الراهن لشح المعلومات المتعلقة بالثروة و الاموال خارج القطاع البنكي لكنهم دعوا الى الاسراع في تعميم نظام المعلومات الالي عبر مختلف اجهزة الادارة الجبائية و الى استحداث ميكانيزمات لتطبيق هذه الضريبة قصد التمكن من اعادة ادراجها في قوانين المالية المقبلة.
واعتبر بشير سيلي (جبهة التحرير الوطني) ان الحفاظ على ميزانية معتبرة للتحويلات الاجتماعية يعد من اهم ايجابيات نص القانون كما اعتبر مصطفى جغدالي من نفس الحزب ان النص جاء بإجراءات تضمن الحفاظ على وتيرة التنمية و تكفل تحسين موارد الميزانية لكنه تساءل عن سبب الرفع المتواصل لضرائب تنعكس مباشرة على المواطن البسيط.
واستنكر نفس البرلماني على صعيد اخر “التلاعب المسجل في الصفقات العمومية” مطالبا باعتماد الصرامة في الحفاظ على المال العام.
وحيت عائشة باركي (الثلث الرئاسي) من جهتها “الأريحية المالية” التي اتاحتها مراجعة قانون النقد و القرض-من خلال السماح للخزينة بالاقتراض المباشر من البنك المركزي- معتبرة ان هذا التعديل سيسمح للبلاد ببعث النمو خارج المحروقات خاصة في القطاع الفلاحي.
وثمنت ابقاء نص قانون المالية ل2018 على ميزانية التحويلات الاجتماعية عند 1.760 مليار دج بارتفاع 8 بالمئة مقارنة مع 2016.
واعتبر محمد خليفة (التجمع الوطني الديمقراطي) ان نص القانون جاء ب”ميزانية موضوعية” تأخذ بعين الاعتبار الضغوطات المالية الداخلية و الخارجية مع ترشيد الانفاق و وضع تدابير لرفع النمو خارج المحروقات.
لكنه اشار الى ان الهدف المنشود بتحسين مردودية الجباية العادية و زيادتها ب 10 بالمئة سنويا يبقى غير كاف مقترحا استهداف نمو سنوي لهذه الجباية ب20 بالمئة، و اقترح بخصوص الضريبة على الثروة تأجيل تطبيقها، و ليس الغاءها كليا، إلى غاية القيام بإحصاء شامل للأشخاص المعنيين بها.
و بخصوص التحويلات الاجتماعية تأسف السيد خليفة لضعف بعض المنح مثل منحة المعاق التي لا تتعدى 4.000 دج كحد اقصى مطالبا برفعها لتتماشى و مستوى الاسعار.
و التقت مداخلتا عباس بوعمامة و طاهر كليل من التجمع الوطني الديمقراطي في الدعوة الى ابعاد النقاش حول نص قانون المالية عن “المزايدات السياسية و الحزبية” معتبرين ان وصف الوضع العام للبلاد بالكارثي يدخل في اطار التهويل غير المبرر.
و قال السيد كليل ان ازمة الجزائر هي وليدة الازمة العالمية و ان تعديل قانون النقد والقرض طرح كـ “خيار حتمي” لتفادي رهن سيادة البلاد في حال تم اعتماد خيار اللجوء الى الاستدانة الخارجية.
كما اعتبر بدوره ان ميزانية التحويلات الاجتماعية من شأنها الحد من انعكاسات رفع الرسوم على القدرة الشرائية للمواطنين داعيا الى اعداد “بطاقية وطنية للمعوزين” كخطوة اولى نحو مراجعة سياسة دعم الاسعار.
وثمن محمد رضا أوسهلة من نفس الحزب حرص الحكومة على الابقاء على ميزانية التحويلات الاجتماعية رغم الصعوبات المالية فيما دعا الى تجنب “الارتجالية و العشوائية” التي تميز-حسبه- التصريحات المتعلقة بإطلاق الصيرفة الاسلامية.
وقال بهذا الخصوص “منذ مدة و نحن نسمع تصريحات بخصوص اطلاق القروض الاسلامية دون ان يتم تجسيد هذه الوعود و هذا ما يسيء الى مصداقية البنوك العمومية”.
بدوره دعا جمال سعيد من نفس الحزب الى توفير كل الآليات لتطبيق “تدريجي” للضريبة على الثروة مقترحا من جهة اخرى “تجريم الهجرة السرية” بالنسبة لأصحاب القوارب مثلا الذين يؤجرونها للشباب المهاجر مع تشجيع هؤلاء المهاجرين السريين على العودة الى الوطن من خلال مدهم بكل الضمانات اللازمة.
من جهته تأسف موسى تمدار تازة (جبهة القوى الاشتراكية) ل”تدهور” الاقتصاد الوطني و الذي مردهي حسبهي “التسيير الاداري الاحادي و ليس تراجع اسعار النفط” مع “اعطاء الاولوية لقطاعات غير منتجة على حساب قطاعات منتجة”، و اعتبر أن رفع ميزانية التحويلات الاجتماعية ب8 بالمئة في ظل الازمة المالية ما هو الا “وسيلة لشراء السلم الاجتماعي”.
وتتواصل مناقشات النواب لنص قانون المالية 2018 لتختتم صباح غد الاثنين بتدخلات رؤساء الكتل البرلمانية يليها رد وزير المالية على انشغالاتهم.