خلال افتتاحه للدورة الوزارية العربية التي سترأسها الجزائر إلى غاية شهر سبتمبر المقبل، أكد وزير الشؤون المغاربية والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية، عبد القادر مساهل، اليوم الثلاثاء بالقاهرة، أن الجزائر سترافع خلال ترأسها للدورة 147 للمجلس الوزاري العربي من أجل إصلاح الجامعة العربية وتسوية الأزمات العربية بالطرق السلمية من خلال الحوار الشامل ودفع المسار السياسي والمصالحة الوطنية.
وقال مساهل في كلمته أن “العالم العربي يمر بمرحلة عصيبة تتميز برهانات كبرى ومخاطر جمة تهدده وتهدد استقراره، وقد بات في ظل هذا الواقع المرير، يعكس صورة قاتمة تتجلى في استمرار الأزمات في كل من سوريا وليبيا واليمن، فضلا عن معاناة الشعب الفلسطيني وانسداد آفاق الحل من أجل استقلاله واسترجاع حقوقه الوطنية والمشروعة”.
وأشار مساهل إلى أن “هذه الوضعية المتفجرة في المنطقة قد خلقت العديد من التحديات، لاسيما ظاهرة الإرهاب والتطرف العنيف وتنامي التنظيمات الإجرامية، التي تفاقمت بشكل مقلق إلى درجة أنها أصبحت تهدد دولنا وتفرض علينا توحيد الجهود وتظافرها لمواجهتها من خلال تبني استراتيجية شاملة لمعالجة التطرف باستعمال كافة السبل بما فيها الفكر والحوار ومكافحة الإرهاب ومواجهته بكل الطرق القانونية والأمنية المتاحة”.
وأوضح مساهل أن هذه “الأزمات العميقة التي تجتازها المنطقة العربية، قد كشفت عن عجز المنظومة العربية في معالجة وحلحلة النزاعات وإدارة الأزمات العربية التي لم يسبق لها مثيل في تاريخ المنطقة التي باتت مهددة بالاختراق الخارجي”.
وأضاف قائلا: “إننا اليوم نقف في مفترق طرق، إما أن نتدارك النقائص المسجلة بشجاعة ومسؤولية وإما أن نواصل النهج نفسه الذي لم يعد صالحا لمواكبة العصر ومسايرة المستجدات والتجاوب مع مقتضياتهما على كل الأصعدة، الإستراتيجية والأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية”.
و أكد أن “كل هذا يقتضي الإسراع في إدخال إصلاحات عميقة وشاملة بإحداث تغييرات جادة لمنظومة العمل العربي المشترك لتحقيق التضامن والتماسك والإصلاح والسير بخطى ثابتة نحو اندماج اقتصادي عربي يتيح للشعوب العربية بلوغ آمالها في التنمية والتقدم والرفاه”.
ومن هذا المنطلق، أضاف مساهل، أن “الجزائر ستولي خلال فترة رئاستها للمجلس كل الأهمية لمتابعة مسار إصلاح الجامعة العربية وتطوير آليات عملها، بما يضفي على العمل العربي المشترك المزيد من النجاعة والفعالية فضلا عن عقلنة التسيير المالي لهياكل ومؤسسات الجامعة، في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها الاقتصاد العالمي، مما يستوجب منا تحديد الأولويات”.
كما أن الجزائر قد رافعت منذ بداية الأزمات العربية من أجل التسوية السلمية لها عن طريق الحوار الشامل في المسار السياسي والمصالحة الوطنية.
وفي هذا الصدد، أكد مساهل أن “الجزائر، وانسجاما مع ثوابتها ومبادئها، تعمل على التعاطي بموضوعية ومسؤولية مع ما تشهده بعض البلدان الشقيقة من أزمات وتدعو إلى رفض كافة أشكال التدخل الأجنبي.
و أشار الوزير الى أن الجزائر تفضل الحوار والحلول السياسية، باعتبارها “الوسيلة المثلى لإنهاء الصراعات وإرساء الأمن والاستقرار، وحرصا منها على وحدة شعوب بعض البلدان العربية التي تشهد أزمات وتماسك نسيجها المجتمعي واحترام إرادتها والحفاظ على سيادتها وسلامة أراضيها.
وفي سياق هذا المسعى، أضاف مساهل أن الجزائر تواصل عرض تجربتها في إرساء المصالحة الوطنية كنموذج واقعي وفعال يراعي جميع الجوانب الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وذلك إيمانا منها بقدرة الشعوب على تجاوز المحن والأحقاد في سبيل تحقيق سلم واستقرار أوطانها التي لا بديل لها عنها.
ومن هذا المنظور، أضاف السيد مساهل “تحرص الجزائر في مسعاها مع دول الجوار على تقريب وجهات نظر الأطراف الليبية وتشجيعها على الحوار الشامل بعيدا عن التدخلات الأجنبية، في إطار مسار التسوية الذي ترعاه منظمة الأمم المتحدة”.
و أشار مساهل في هذا الصدد إلى أن الجزائر “ستحتضن خلال شهر أفريل المقبل الاجتماع الـ 11 لدول الجوار الليبي لبذل مزيد من الجهود لإيجاد الحل السياسي عبر الحوار الشامل والمصالحة الوطنية”.
وأكد من جهة أخرى على “ضرورة أن تضطلع منظمة الأمم المتحدة بمسؤوليتها في تنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة لاسيما القرار 2259 حفاظا على وحدة وسيادة ليبيا وأمنها واستقرارها وانسجام شعبها”.
وبخصوص الأزمة السورية، أكد الوزير أن “الوقت قد حان لتحقيق توافق سوري-سوري وإطلاق حوار شامل وجامع لكل الفرقاء السوريين للتوصل إلى حل سياسي يضمن وحدة شعبها وسلامة ترابها”.
أما بالنسبة لليمن، فقد دعا مساهل إلى “بذل الجهود لاستئناف العملية السياسية في اليمن بما يضمن وحدته وسيادته وأمنه وتطلعات شعبه الشقيق في العيش الكريم”.
كما جدد التأكيد على وقوف الجزائر الثابت مع الشعب الفلسطيني في نضاله من أجل إقامة دولته المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشريف.