الشيكور / سجن العاصمة…لم أشعر بالإحساس الذي إنتابني حينها فقط أدركت أني أنتظر قدوم شيء جميل في حياتي سيجعل لحياتي معنى وهدف ولكن أولا علي الخروج من هذا الحبس المظلم ولو إضطرني الأمر للتحالف مع الصهاينة فيجب أن يفتح هذا المولود الجديد عينه وأنا معه وأن أكون أول وجه يراه في هذا العالم قبل حتى من أمه ليعلم أن أبوه معه من المهد إلى اللحد قبلت رأس حورية بحرارة وقلت لها بحزم منذ اليوم أنت زوجتي أمام الله ورسوله ستذهبين مع مساعدي إلى المنزل عند أمي لتستقري عندها ريثما أخرج من هذا السجن نظرت إلى حورية غير مصدقة سماع مثل هذا الخبر وسألتني وهي مرتبكة وهل تظن أن العجوز ستوافق على إقامتي معها وتقبل بي زوجا لإبنها؟ أجبتها بصرامة لا دخل لأحد في حياتي الشخصية ولو كانت أمي فهي تعلم هذا جيدا لا تقلقي سوف أوضح لها كل شيء من هاتف السجن وستفرح كثيرا بقدوم حفيدها الأول لا تقلقي أرتمت الطفلة الأم فبالرغم من نضجها وتعديها سن العشرين إلا أنها كانت دائما في عيني طفلة لم تأخذ حقها من الإهتمام والعناية كجيل من الشابات في الجزائر المغلوبين على أمرهم…
إرتمت على أحضاني وهي تقول سيكون اسمه بلال وفجأة أطلقت ضحكة طفولية وهي تقول بنت أو ولد المهم أنه مولودنا الأول والذي يأتينا به الله خير لنا وأطل علينا من الباب أحد ضباط السجن ووجه كلامه لي وهو يقول مداعبا هيا يا بطل لقد إنتهى موعد الزيارة وأظنك أخدت قسطا وافرا من البوس والأحضان هاهاها نظرت إليه بغضب وقلت له بحدة إسمع يا هذا إن هذه التي تتحدث عنها زوجتي وهي أشرف من الشرف وإياك أن تذكرها بسوء مرة أخرى صعق الضابط من ردة فعلي الغاضبة واعتذر وهو يقول سي أحمد لم أكن أدري أنها زوجتك فمعلوماتنا عنك تقول أنك عازب ليست لديك زوجة أجبته وأنا أتسائل في داخلي هل يوجد عندهم ملف خاص بي وأنا لا أعلم من يدري فهؤلاء العسكر لا ثقة فيهم فهم أخبث من الضباع سي الضابط ها أنت عرفت الأن أن هذه السيدة زوجتي فمنذ اليوم أرجوا أن تعاملها معاملة أحسن من هذه فقال لي الضابط بغموض لا تقلق يا رجل لا تقلق فلن تضطر زوجتك للقدوم إلى هنا مرة أخرى فهذه ستكون أخر مرة تأتي فيها تركني في بحر من الحيرة من كلامه الملغوم هذا وعدة وساوس وشكوك تحوم حول رأسي أيمكن أن تكون وراء هذه المعاملة اللطيفة نهاية صادمة ومحزنة أيمكن أنهم أرادوا أن يجعلوا من أخر أيام لي في عمري أن أعيشها سعيد مرتاح طعامي جيد ومشربي جيد حتى سريري نظيف ومريح ثم بعدها يقومون بقطع رأسي ككبش العيد تماما لا أدري المهم يجب أن أضع أمامي كل الإحتمالات وأسوئها وأن أعد خطة محكمة للخروج من جحر الضباع هذا خصوصا وأن عشيرتي مستعدة لفعل أي شيء لأن أخرج سالما من هنا…
عدت إلى غرفتي وأنا شارد الذهن من تسارع الأحداث الأخيرة وتراكمها وعدة تساؤلات في رأسي لا أجد لها تفسير وعدة تلميحات سمعتها من كلام الضابط زادت من إرتباكي وقلقي نظرت نظرة خاوية في الغرفة وأنا ما زلت غائب عن الوعي ولاحظت شيئا أفاقني بغتة من شرودي فالسريرين اللذان بجواري حاليا فرغان تماما من الأشخاص الذين وجدتهم البارحة لا أثر لهم إذن الكلام الذي ذكروا البارحة عن السفر إلى أروبا ليس أمال يائس يتشبث بالأوهام بل هو حقيقة والدليل على ذلك أنه لا أثر لهم في الزنزانة حاولت التأكد من الأمر فسألت حارس الزنزانة أيها الحارس لقد هرب المتهمان اللذان كان معي إبتسم الحارس بسخرية وهو يقول لا أحد يهرب من سجون الجزائر بل لقد تم ترحيلهم سألته مستفسرا أيمكن أن أعرف أين رحلوا أجابني بصرامة وهو يقول سي أحمد هذا الأمر لا يعنيك هناك أوامر عليا أمرت بترحيلهم والدور سيأتي عليك قريبا أجوبة تزيد من حيرتي ولم ينادوني بهذا الإحترام فالسجون الجزائرية معروفة بكرمها وديمقراطيتها المبهرة لم أسمع أحدا يسبني أو يتعامل معي بعنف هناك أسرار كل هذه الأحداث وفجأة قطع حبل تفكيري أحد الضباط وهو يبتسم إبتسامة خفيفة ويقول ستنال شرف لقاء القائد العظيم للسجن فاستعد قلت في نفسي إن أتي الموت هكذا سريعا فل أمت بشجاعة ولا أظهر ضعفي أمامهم…
وقفت وأنا لا أظهر ضعفي أمامهم وقفت على قدمي وارتديت بدلتي ونفخت صدري وقلت له هيا بنا أنا مستعد تماما ذهبنا في ممر طويل ونظيف لا علاقة له بالمرافق الأخرى الكريهة للسجن وصلنا إلى غرفة القائد فطرق الضابط الباب برفق ويطلب الإذن بالدخول فجاء صوت القائد قوي وعميق وهو يقول أدخل ودخلنا معا الغرفة وإذا بالقائد ينظر إلى خريطة الجزائر وظهره لنا والضابط يقول بكل خشوع وإحترام ها هو المتهم المدعو أحمد ولد شيخ بوزيد يا سيدي أشار له القائد بيده بانسحاب وهو يقول إذهب الأن ولا تدع أحد يزعجني خرج الضابط وهو ينظر إلى القائد ويحني رأسه حتى كاد أن يسجد وهو يقول بإجلال أمركم مطاع يا سيادة القائد وأغلق الباب وتركني أعصر دماغي لأجد حلا لهذه المحنة السوداء لم يلتفت إلي القائد وبدأ يتفحص الخريطة قبل أن يقول أحمد الملقب “ببودراع” أو “شيكور” شاب في الثلاثينات من العمر أب لمولود مرتقب غير شرعي يعمل في تجارة المخدرات و الأقراص المهلوسة قمت بأكثر من عشرين عملية سرقة وقتل ناجحة أخرها التي تمت في حي الفيلات وقتلك للعجوز الثري تمتلك حانة فاخرة في وسط المدينة كستار لعملياتك الإجرامية وبعض المحلات التجارية وأخر عملية قتل قمت بها كانت في أخر الأسبوع المنصرم قتلت أستاذ جامعي مرموق وتظن أنك محمي من طرف عشيرتك وكلت محامي مغمور للدفاع عنك بالتزامن مع إرسالك لمساعدك للتفاوض مع عائلة الضحية أو تهديدهم وإزدادت حدة صوته وهو يقول وتظن أنك ستفلت من العدالة بكل هذه الأعمال الإجرامية والتخريبية وإلتفت إلي ويده تحمل مسدس وعيناه تقطر من الشر…يتبع