فجرت صحيفة “نيويورك تايمز” مفاجأة كبيرة عندما كشفت عن انتداب محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي لحبيب العدالي، وزير الخارجية المصري في عهد محمد حسني مبارك، لتعذيب الأمراء ورجال الأعمال السعوديين المعتقلين والمتهمين في قضايا فساد.
وقال الصحيفة الأمريكية في تقرير لها :” بدعم ضمني من والده، سعى ولي العهد السعودي البالغ من العمر اثنين وثلاثين عاماً، لإثبات نفسه كأقوى شخصية في العالم العربي، مندفعاً نحو مواجهات في كل الاتجاهات وفي نفس الوقت، فقد أمر ولي العهد محمد بن سلمان بإلقاء القبض على أحد عشر أميراً من أبناء عمومته وما يقرب من مائتين من كبار رجال الأعمال، وبدأ يجرد رجال الدين المحافظين مما كانوا يتمتعون به من نفوذ. كما فرض حصاراً على قطر المجاورة واتهم إيران بالقيام بأعمال حربية عدائية، وشجع على استقالة رئيس الوزراء اللبناني. أما في اليمن، فتخوض قواته المسلحة قتالاً مع فصائل موالية لإيران في حرب مستعصية نجمت عنها كارثة إنسانية”، مضيفة :” يتحرك ولي العهد بسرعة شديدة لدرجة بات معها المسؤولون الأمريكيون وغيرهم يخشون من أنه بذلك يزعزع الاستقرار في المنطقة، ولا أدل على ذلك من تزايد المؤشرات على احتمال أن تنجم عن تحركاته عملية ارتدادية”.
وتابعت المصادر ذاتها :” لم يلبث المستثمرون، الذي انتابهم القلق الشديد بشأن خططه، أن بدأوا بإخراج أموالهم من المملكة، فسعى الأمير محمد إلى مواجهة هروب رؤوس الأموال من خلال الضغط على المعتقلين وعلى غيرهم حتى يتنازلوا عن ممتلكاتهم. وصور الاعتقالات على أنها تأتي ضمن حملة على الفساد، إلا أن الذي استهدفتهم الحملة يصفونها بأنها عملية ابتزاز. في هذه الأثناء اختار الأمير الاستعانة كمستشار بمسؤول سابق للأمن في مصر افتضح أمره ونُدد به في بلاده بسبب وحشيته وفساده”، مستدركة :” أما أنصار الأمير محمد والمتعاطفون معه فيقولون إنه ببساطة يلجأ إلى اتخاذ إجراأت صارمة باتت الحاجة إليها ماسة من أجل تخليص المملكة من الفساد المستشري في أوصالها وتحريرها من الاقتصاد المعتمد على النفط، وفي نفس الوقت التصدي للعدوان الإيراني على بلاده”.
وأشارت نيويورك تايمز أن جدلا قائما في الوقت الحالي بين المراقبين الدوليين حول الهدف الحقيقي الذي يجعل بن سلمان يقوم بهذه الخطوات، بين فريق يعتبر أن الرجل يحاول تعزيز نفوذه قبل تولي الحكم بعد أبيه، وهو ما يجعله يحتاج إلى أموال طائلة، فيما يقول الفريق الثاني أن الأمر لا يتعدى رغبة الأمير الشاب في وضع بصمة له في منطقة الشرق الأوسط، معلقة :” شكلت الاعتقالات التي تمت خارج نطاق القانون صدمة كبيرة للمستثمرين، حسبما يصرح به المحللون، لدرجة أنها أخمدت خطط الأمير لطرح أسهم أرامكو، شركة النفط المملوكة للدولة السعودية، للتداول العام في نيويورك أو في لندن العام القادم. وكانت هذه الخطة بمثابة القلب من مشروعه الإصلاحي الشامل”.
وحول الوضع في الشرق الأوسط، وخصوصا لبنان التي تعيش على وقع صدمة استقالة الحريري، أفاد التقرير الأمريكي :” أما تهديدات ولي العهد ضد إيران ولبنان فقد جعلت شبح الحروب يطل برأسه من جديد رغم أن الجيش السعودي، الذي هو موحل الآن في اليمن، غير مؤهل بشكل جيد لخوض مثل هذه الحروب، الأمر الذي ستضطر الرياض معه إلى الاعتماد على الولايات المتحدة أو إسرائيل في أي صراع جديد يتفجر”.
وجدير بالذكر أن حبيب العادلي، وزير داخلية مبارك قبل الثورة المصرية سنة 2011، فر من السجن دون أن تتابعه السلطات المحلية، وهو ما يرجح صحة فرضية “النيويورك تايمز”.