ما الفرق بين بث الرداءة على قنوات التلفزيون العمومي أو الخاص بعد صدور الرسمي للقرار الوزاري لتنظیم قطاع السمعي البصري والذي يفتح رسمیا مجال الإعلان عن الترشح لمنح رخص إنشاء خدمات البث التلفزيوني لإنشاء 7 قنوات تلفزيونیة جزائرية خاصة ماذا ستضيف هذه القنوات السبعة؟ لأنه برغم من ثورة الإنترنت وعصف رياح التغيير بالمنطقة إلا أن الإعلام ببلادنا يحتاج سنوات عديدة لكسر الطوق الذي لفّه حول رقبته كحليف للسلطة ولرسم دوره المفترض كرقيب على الحاكم وحارس للمجتمع من تحالف أصحاب النفوذ والمال.
فقد وقع الإعلام ضحية استقطاب حاد بين أطراف النزاع على خلافة بوتفليقة فولاء الصحفي لمن يدفع الرواتب لذلك تنبري غالبية وسائل الإعلام الخاصة و العمومية للدفاع عن الخطاب الرسمي وتتحاشى تغطية قضايا داخلية حساسة مثل الفساد والطبقية و اعتقال ومحاكمات نشطاء ومعارضين وصحفيين أمام محكمة الدولة كما لا تتحدث عن التضييقات الممنهجة على حرية الكلمة وتشيطن المعارضة وبخاصة الإسلامية منها لأن هذا لإعلام قام على التقسيمات السياسية والأيديولوجية التي أفسدت واقعنا الثقافي والفكري وضيعت أجيالا كثيرة ما بين تيارات سياسية لم تضف شيئا للواقع السياسي الجزائري بل زادته تخلفا واستبدادا ولا يعقل أننا حتى الآن مازلنا ندور في فلك البومدينيين والبوتفلقيين واليسار واليمين والمتدينين والكفار ومازلنا نتعامل في قضايا الفكر بمنطق أنت لست معي فأنت ضدي وتركنا الملايين من شبابنا فريسة سهلة للإدمان والتخلف وضيق الأفق والرؤى المريضة.. مازلنا بعد هذا العمر نجد شللا وفصائل ضيعت عمرها في انقسامات وقضايا خلافية فات أوانها حول الاشتراكية والانفتاح والخصخصة وحقوق الإنسان الضائعة والحريات المسلوبة رغم أننا لم نحقق انجازا في أي منها فلا نحن نجحنا في إخراج الناس من سراديب الفقر ولا نحن أقمنا دولة صناعية رأسمالية غنية ولا نحن واكبنا مسيرة العصر في التقدم والمعاصرة ورقصنا دائما على الحبال وقد جاء الوقت أن ينسحب من المشهد كهنة هذه العصور فلم تترك لنا غير الصراعات والأوهام والانقسامات والتخلف..جاء الوقت لكي تدرك فصائل الماضي أنها بفكرها وانقساماتها لم تعد تصلح لبناء وطن جديد ويكفى الذي ضاع وهنا ينبغي أن تدرك الدولة أن أساليب الماضي لم تعد تصلح الآن في ظل مجتمع جديد وعالم متغير.
نجد اليوم أن غالبية الإعلاميين يجهلون أن الديمقراطية تحتاج إلى ضمانات دستورية لحرية الرأي والكلمة وحق الوصول إلى المعلومات وآلية لمساءلة من يجلس على مقعد السلطة كونه خادما للشعب الذي يدفع الضرائب. لأن في بلادنا الإعلام فقد الكثير من مصداقيته عندما انبرى القائمون عليه طواعية للدفاع عن الفساد وغضوا النظر عن انتهاكات حقوق الإنسان واعتقالات توسعت لتشمل نشطاء من جميع التيارات ليسوا راضين عن أحوال بلادهم. لذلك التحول الإعلامي يتطلب وقتا ونضجا وصولا إلى هدف نهائي واضح حاله كحال التغيير السياسي والاقتصادي والمجتمعي والثقافي.