ما توصّلت إليه الأبحاث الحديثة في العلوم النفسية والبيولوجية، زاد من المعلومات الإكلينيكية عن كيفية تأثير الانفعالات والتوترات النفسية على صعيد القلب والأوعية الدموية. فلقد كان القدماء يعتقدون أنّ القلب هو مركز العواطف والانفعالات، كما أنّ العلماء المحدثون يرون أنّ القلب والأوعية الدموية تستجيب بوضوح إلى الحالات النفسية وهذه الاستجابات قد تظهر على شكل اضطرابات خفيفة، أو اضطرابات حادّة تصيب القلب والأوعية الدموية. فكيف تؤثر العوامل النفسيّة على صحّة القلب؟.
زيادة فرص الإصابة بأمراض القلب
بيّنت دراسات حديثة أنّ المصابين بضعف النّبضات القلبية أو المصابين بالحبسة القلبية أو الإحتشاء القلبي، يعانون بشدّة من أعراض الوساوس القهرية. كما أنّ هذه الدراسات أكدت على أنّ إصابات القلب وجهاز الدوران الوظيفية ترجع إلى عاملين أساسين هما سمات الشخصية الوسواسية القهرية، وعامل الإجهاد النفسي والصّدمات النفسيّة الحادّة. فالانفعالات عامّة والانفعالات الحادّة خاصة، وكذلك التوترات الجنسية وحالات الرّعب والخوف والقلق، تؤدي كلها إلى تغيّرات واضحة في الدورة الدموية وفي وظيفة القلب.
ويكون ذلك بواسطة الجهاز العصبي السمبثاوي الذي يزيد من ضربات القلب ومن قوته، ويؤدي إلى انقباض عضلات الأوعية الدموية، أو ارتفاع ضغط الدم فيها. وكذلك بواسطة الجهاز العصبي الباراسمبثاوي، الذي يقلل من سرعة دقات القلب ويؤدي إلى ارتخاء الأوعية الدموية وتوسيعها. وكل هذه التغيرات الفزيولوجية تكون مكافئة لحالات القلق والوجدان وعناصر الكبت المختلفة. فأي نوع من الانفعالات اللاشعورية يمكن أن يعبّر عنها في إسراع النبض.
كما أنّ العوامل النفسية على أنواعها والعوامل الثقافية والاجتماعية كالعمل الزائد والتوتر الحياتي والافتقار للدعم الاجتماعي وعدم الرضا عن العمل، تؤدي إلى إفراز الأدرينالين أو النور أدرينالين، وهذه المواد عبارة عن ناقلات عصبية من شأنها أن تؤدي إلى حدوث اضطرابات وظيفية متنوعة، من تقلص الشرايين إلى ارتفاع ضغط الدم إلى تسارع نبض القلب. وهذا يؤكد العلاقة الواضحة بين العوامل النفسية وتأثيرها النفسي الجسدي على صعيد القلب والأوعية الدموية.