كان الاجتماع الأخير للمجلس الاستشاري لحركة مجتمع السلم واضحا و لم يشبه أي لبس .و حسب مصادر في الحزب، ستشارك الحركة في الانتخابات البرلمانية والمحلية القادمة المقرر إجراؤها في عام 2017. وفي الواقع، فان رئيس حركة مجتمع السلم، عبد الرزاق المقري، دعا بهذه المناسبة، السلطة الى ضمان انتخابات مقبلة شفافة. هذا البيان، وفقا للمراقبين، يوضح لنا مدى التناقض في الخطاب الاسلامي بشكل عام،وفي خطاب الحركة بشكل خاص. فمن جهة، حركة مجتمع السلم تدعو لانتقال سياسي هدفه تنحي السلطة القائمة؛ ومن جهة أخرى تحث نفس السلطة على ضمان شفافية الانتخابات القادمة. و بالتالي، كيف يمكن للحزب أن يحافظ على مصداقيته في المستقبل ؟
ويذكر أن الحركة كانت قد أغلقت الباب في وجه التحالف الرئاسي في عام 2012، وحتى في أعقاب ثورات الربيع العربي، وعشية الانتخابات الرئاسية في عام 2014. ومنذ ذلك الحين،تحول الحزب الى المعارضة الأمامية و المباشرة للسلطة . الى جانب ذلك، فإن عبد الرزاق المقري رئيس حركة مجتمع السلم، هو الذي كان وراء تجميع أحزاب المعارضة في تحالف سمي ب التنسيقية الوطنية للحريات والتحول الديمقراطي (CNLTD )، بعد الانتخابات الرئاسية عام2014. والأحزاب التي تحالفت في بنية المعارضة هذه كانت حركة مجتمع السلم، التجمع من أجل الثقافة و الديموقراطية، الجيل-الجديد، النهضة و جبهة العدالة و التنمية لعبد الله جاب الله. و منذ أن تم تأسيس هذه التنسيقية لم تكف عن المطالبة باثنين من الخيارات الاستراتيجية السياسية لمستقبل البلاد. وتتجلى في تحقيق انتقال ديمقراطي من أجل طرد النظام السياسي الحالي الذي ساد منذ عام 1962، وإنشاء هيئة سياسية تجمع كل الأحزاب السياسية، مسؤولة عن مراقبة الانتخابات والإشراف عليها.
الدجل السياسي
ولكن منذ ذلك الحين تصرفت السلطة عكس ما طالبت به التنسيقية. وأحدث القوانين التي أقرها البرلمان، تبين أن السلطة ضاعفت شراستها. ويتعلق الأمر ، بقانون الأحزاب السياسية الذي سوف يسفر ادخاله الى حيز التنفيذ الى اختفاء الأحزاب السياسية ،و قانون آخر سيعطي حرية التصرف للسلطة التنفيذية في التحضير للانتخابات المقبلة. وبالتالي، لم تجد حركة مجتمع السلم الا أن تدعو الله لضمان انتخابات شفافة. وهذا يعني، أن كل ما قام به الحزب منذ الانتخابات الرئاسية المتنازع عليها عام 2014، ذهب في مهب الرياح.
وعلاوة على ذلك، فان هذا الحزب الذي كان معروفا باسم حماس ثم أصبح حركة مجتمع السلم عودنا دائما على وجوهه السياسية التي لا يمكن وضعها في خانة معينة. أولا: عشية الانتخابات الرئاسية لعام 1995، حضر رئيس ما كان يسمى بحماس ، نحناح محفوظ ، في اجتماع للمعارضة للتحضير لاجتماع سانت إيجيديو. ومن ثم نرى رد فعل السلطة التي ادانت هذا اللقاء و محفوظ نحناح الذي ترك دون أي مبدأ سياسي عقد المعارضة و الذي سوف يصبح لاحقا “عقد روما”.
وكشف الحزب عن الوجه الثاني أيضا عشية الانتخابات الرئاسية في1999.يذكر أن المعارضة عشية الانتخابات، قد تحالفت تحت لواء جبهة القوى الاشتراكية في تجمع سياسي سمي ب “5 + 1″، بمشاركة محفوظ نحناح رئيس حماس في تلك الفترة. بعد أيام فقط من لقاء تجمع ” 5 + 1″، أغلق محفوظ نحناح الباب في وجه شركائه السياسيين المنتمين لهذا التجمع. وعندما سئل مولود حمروش،في استجوابه من قبل الصحفيين في وقت لاحق لاعطاء تقييمه للخطوة المثيرة للجدل لزعيم حماس في تلك الفترة،أجاب “لن أعلق على عمل غير سياسي”.و بالتالي فعندما ضاعفت السلطة ضراوتها في عام 2016 كانت تعرف دائما أمع من ستتعامل.