خلقت دعوة نائب وزير الدفاع الوطني رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي إلى تفعيل المادة 102 من الدستور للخروج من الأزمة التي تمر بها الجزائر، جدلا واسعا، حيث تباينت آراء الطبقة السياسية بين من يرى فيها بداية للانفراج ومن يدعو إلى مزيد من الإجراءات.
وفي هذا الإطار، ثمن رئيس حزب الحرية والعدالة محمد السعيد موقف الفريق أحمد قايد صالح، معتبرا أنه “بداية لحل الأزمة” ودعا إلى “ضرورة تطبيق المادة 102 من الدستور بعد الاتفاق على تشكيل حكومة وطنية توافقية وتشكيل هيئة وطنية لمراقبة وتنظيم الانتخابات وتعديل النظام الانتخابي لضمان شفافية ونزاهة الانتخابات”.
وأكد أن “الدور الآن يرجع الى الطبقة السياسية وممثلي الحراك الشعبي والنخب مع المؤسسة العسكرية لحل هذه الإشكالية قبل تطبيق المادة 102 من الدستور بشكل يضمن إجراء انتخابات رئاسية في جو من الشفافية”، محذرا أنه في حالة العكس فإن “الانسداد سيبقى لمدة 90 يوما”.
وبدوره، رحب حزب التجمع الوطني الديمقراطي، بالموقف الذي أعلن عنه أمس الثلاثاء نائب وزير الدفاع الوطني رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، “كونه يسعى إلى تجنيب البلاد حالة الانسداد من خلال تفعيل المادة 102 من الدستور”، وأشاد التجمع بـ “حرص الجيش الوطني الشعبي على سلامة الجزائر وبقائها تسير في إطار الدستور”.
و فيما أعرب الحزب عن عرفانه وتقديره للمجاهد عبد العزيز بوتفليقة “على كل ما قدمه للجزائر سواء في مرحلة الكفاح التحرري أو في مسار البناء والتشييد”، أوصى بـ “استقالة رئيس الجمهورية طبقا للفقرة الرابعة من المادة 102 من الدستور بغية تسهيل دخول البلاد في المسار الانتقالي المحدد في الدستور”.
كما أوصت ذات التشكيلة السياسية بـ “تعيين عاجل للحكومة من طرف رئيس الجمهورية لاجتناب أي فراغ أو تأويلات حول الجهاز الحكومي في هذه المرحلة الحساسة”.
وقال التجمع الوطني الديمقراطي في بيانه، أنه كان قد عبر منذ بضعة أيام عن مطالبته السلطة ب “مزيد من التنازلات بغية تنفيذ السياسة التي أفصح عنها رئيس الجمهورية يومي 3 و11 مارس الجاري، غير أن الأحداث المسجلة كل يوم أثبتت انسداد الطريق أمام هذا المسعى السياسي”.
من جهتها اعتبرت حركة مجتمع السلم في بيان لها أن “الاكتفاء بهذه المادة لا يتيح تحقيق الإصلاحات بعد الشروع في تطبيقها ولا يسمح بتحقيق الانتقال الديمقراطي والانتخابات الحرة والنزيهة”.
وأكدت حمس “على ضرورة اكتفاء المؤسسة العسكرية بمرافقة الوصول إلى الحل السياسي والتوافق الوطني والمحافظة على مدنية الدولة”، مذكرة بـ”ضرورة إضافة الإجراءات التي تحقق مطالب الشعب الجزائري في حالة تطبيق المادة 102 والأخذ باقتراحات الطبقة السياسية، منها الرؤية التي عرضتها الحركة، وذلك قبل إثبات المجلس الدستوري حالة الشغور”.
ومن هذه المطالب – يضيف بيان الحركة – “تعيين رئيس حكومة توافقي وطاقمه بالتوافق مع الطبقة السياسية يرضى عليه الحراك الشعبي وتأسيس اللجنة الوطنية المستقلة لتنظيم الانتخابات وتعديل قانون الانتخابات”، كما دعت الى “الإصدار العاجل للمراسيم التي تضمن تحرير العمل السياسي واستقلالية القضاء وحماية الثروة الوطنية”، مع “مواصلة الحراك الشعبي والمحافظة على سلميته وبعده الحضاري الوطني من أجل ضمان تجسيد الإصلاحات ومطالب الشعب”.
ومن جهته، سجل رئيس حزب طلائع الحريات علي بن فليس نية قيادة الجيش الوطني الشعبي في “الاضطلاع بواجبها الوطني بغية الإسهام في خروج فوري من الأزمة الراهنة، وهو الخروج الذي من شأنه أن يجنب البلد تصاعد اللااستقرار الحامل لمخاطر جمة”، غير أنه أكد أن المادة 102 من الدستور “لا يمكن أن تشكل وحدها ووحدها فقط القاعدة لحل الأزمة” وذلك نظرا لـ”الوضع الاستثنائي” الذي تعيشه البلاد.
و اعتبر ذات المسؤول الحزبي أن تفعيل المادة 102 “يتطلب ضمان احترام معايير الشفافية والنزاهة اللتان يطالب بهما الشعب من أجل التعبير الحر ودون قيود أو وصاية عن خياره السيد”.
أما حزب جبهة القوى الاشتراكية فقد اعتبر على لسان أمينه الأول الجديد حكيم بلحسل، أن خيار تطبيق المادة 102 من الدستور “ليس هو الحل الذي يطالب به الشعب”، معتبرا ان تطبيق هذه المادة سيسمح ب”ديمومة النظام”.
واعتبرت ذات التشكيلة السياسية أن “المادة 102 لم تعد تستجيب لمطالب الشعب الجزائري الذي يريد تقرير مصيره وتولي مسؤولية مستقبله” ويطالب بـ”تغيير النظام وليس تغيير داخل النظام”، مؤكدة أن “التغيير الجذري لا يمكن تحقيقه من خلال الحفاظ على الآليات والرجال الذين يجسدون هذا النظام”.
و أوضحت جبهة القوى الاشتراكية أن “التغيير يجب أن يكون نابعا من الإرادة الشعبية بانتخاب مجلس تأسيسي سيد وبناء الجمهورية الثانية، بمعنى تكريس دولة القانون”.
من جانبها، ثمنت حركة الإصلاح الوطني “اقتراح” الفريق أحمد قايد صالح، معتبرة أن “الشروع في تفعيل المادة 102 من الدستور قبل تقديم المزيد من التدابير والإجراءات السياسية التي ترضي مختلف الأطراف الفاعلة في الساحة الوطنية، قد يرهن إحراز أي تقدم لتجاوز الوضع الراهن”.
و دعت الحركة مختلف الفاعلين في الساحة الوطنية إلى “الاجتهاد أكثر لتحقيق توافق على سلة تدابير متكاملة من شأنها طمأنة الحراك الشعبي والطبقة السياسية وعموم الجزائريين، والإفضاء إلى انتقال سلس للسلطة في إطار توافق وطني”.
وفي ذات السياق، أكد حزب الفجر في بيان له أن دعوة الفريق قايد صالح “تضع المؤسسة العسكرية أمام مسؤولياتها”، غير أنه اعتبر أن “المادة 102 تكون في الحالات العادية وهي لا تكفي لحل الأزمة السياسية الحالية”.
أكد الحزب أن “البقاء ضمن الدستور مهم، لكن مع الأخذ بمطالب الشعب”، مطالبا بالأخذ بعين الاعتبار، “المواد الدستورية رقم 7، 8 و9 التي تؤكد على أن الشعب يختار من يشاء وهو مصدر السلطات”.
وإلى ذلك، انتقد رئيس حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية محسن بلعباس، في ندوة صحفية عقدها اليوم الأربعاء، “تدخل” الجيش الوطني الشعبي في الشأن السياسي من خلال الدعوة إلى تفعيل المادة 102، مؤكدا أن هذه المادة “كان ينبغي تفعيلها سنة 2012”.
وفي نفس الاتجاه، وصف حزب العمال في بيان له دعوة الجيش الوطني الشعبي بـ”التدخل الخطير للعسكري في الشأن السياسي”، مؤكدا أن تفعيل هذه المادة تعني بقاء الحكومة الحالية والبرلمان بغرفتيه في حين أن “غالبية الشعب تطالب برحيلها”.
و يرى الحزب ان هذه المادة “تنقذ النظام الحالي وتعمل على استمراريته”، محذرا من “المخاطر” التي قد تنجم عنها والتي قد تمس “سيادة الأمة ووحدتها وتفتح الباب أمام التدخل الأجنبي”.
وفيما جدد الحزب دعوته إلى عقد جمعية وطنية تأسيسية، أعلن أن مكتبه السياسي قرر أمس الثلاثاء، “استقالة المجموعة البرلمانية للحزب بالمجلس الشعبي الوطني”.