وهنا جاءت اللحظة التي ننتظرها كي نأخذ أموالنا ونرحل لكن وقع ما لم يكن في الحسبان فبينما نحن ننتظر أن يسلمنا أمير الكتيبة المال فإذا بالأمير يطلب من رجاله أن يدعوا لنا ويشكرونا على ما فعلناه فبدؤوا يدعون لنا بالتوفيق والسداد وأنا أكاد انفجر وألعن وأسب بصوت خافت وأقول يا أبناء العاهرات أعطونا أموالنا لا نريد دعائكم فقد كدت أن انفجر إلى أن امسك يحيى معصمي بقوة وأشار لي بصمت وقال لي في أدني بصوت خافت أمانتكم عندي اطمئن هنا تراجعت للخلف وتركته يتكلم مع أمير وطلبت من قادر والنمس أن يتبعوني حيث تقف سيارة يحيى وقلت لهم اسمعوا هذا الذئب العجوز اظهر وجهه الحقيقي وأصبح مستعد للتضحية بجميع الأعضاء من اجل مصلحته لهذا عند أي بادرة تصدر منه يحاول منها الغدر بنا فإن دمه حلال عليكم وكما يقول المثل تغذى بالذئب قبل أن يتعشى بك مفهوم يا إخوان أجابوا بصوت واحد مفهوم يا زعيم.
انتهى العجوز من الحديث مع أمير الكتيبة وصعدنا جميعا إلى السيارة قادر يمسك المقود والعجوز يجلس بجانبه وأنا والنمس نجلس في الوراء بعد أن ابتعدنا قليلا عن مكان الإرهابيين حتى انفجر العجوز في وجهنا بأبشع الشتائم واللعنات يا أبناء العاهرات انتم عصابة أم مجموعة من الشواذ ألا تعلموا أن العساكر الذين تركتموهم قد رأوا وجوهنا وحفظوا ملامحنا كنتم ستوصلوننا إلى حبل المشنقة بسبب رهافة حسكم وضعفكم أيها الشواذ هنا انقض عليه النمس من الخلف إلى أن العجوز تفادى هجوم النمس بخفة لا تتناسب مع سنه وضربه لكمة أفقدته الوعي في الحال وهنا أوقف قادر السيارة حتى ارتطم الجميع وحاول أن يهجم على العجوز لكنني أوقفته بإشارة من يدي وتوجهت بحديثي إلى الذئب العجوز وقلت له نعم لقد أخطأنا لكنك أصلحت الخطأ وأنقذتنا وأقدم لك اعتذاري واعتذار رفقائي ولكن هذا لا يمنع من أن تعطينا حقنا من العملية وهنا اخذ العجوز يضحك بسخرية ويقول حقكم تريدون حقكم انه في جنهم وبعد حين سأرسلكم خلفه.
وهنا كان علي أن أتدخل لأكبح جماح هذا الذئب الذي عمى الطمع عيناه فنظرت إلى قادر كأني أوجه له الكلام وفي لحظة وبسرعة وضعت يدي على عنق العجوز وقادر اخرج المسدس ووضعه على رأس العجوز وقلت له لقد نفذ صبرنا معك أيها العجوز الان أنا من سيرسلك إلى جهنم وبدون تأشيرة ارتسم الرعب في عيني الذئب لأنه يعلم أنني يمكن أن أقتله وبلا تردد فقال لي أيرضيك يا زعيم ما يحدث أمرتهم أن يذبحوا الجنود فتركوهم أحرارا قلت له أولا هم اخطئوا وأنت أصلحت الخطأ وقد اعتذرنا لك ألف مرة فماذا تريد أكثر من هذا أتريد أن يذبح بعضنا البعض حتى نترك لهم الملعب ثانيا إعلم أيها الذئب أنت من يجب علينا تصفيته وهنا تشبت العجوز بيدي كأنه يتشبث بالحياة وقال لي ولماذا أيها الزعيم فقلت له لا نعرف من تكون أنت بالضبط فمرة اسمك عمي يحيى ومرة اسمك الحاج احمد المجاهد الكبير وفي مقابل أنت تعرف عنا كل شيء ونحن لا نعلم عنك ولو معلومة واحدة صحيحة فقال ليس هناك شيء غريب لقد قلت لكم أني كنت في صفوف المجاهدين وكان اسمي الحركي هناك هو الحاج احمد أما علاقتي مع أصحاب اللحى فنحن تجار والتاجر لا يميز بين زبنائه فهل الان اتضحت لكم الأمور أنا اعرف أن كل ما قاله كذب في كذب ولكن أنا احتاجه فقلت له الان صفت القلوب أليس كذلك أيها العجوز فقال لي طبعا وأعاد النمس وقادر الاعتذار للعجوز وأنا طلبت من قادر أن يشغل السيارة ويكمل بنا الطريق إلى البيت المهجور.
…بعد يومين على العملية التي نسبت إلى إرهابيي الجبهة قام كبار المسؤولين بالجيش بشحن الضباط والعساكر فقد كان الاستيلاء على شاحنة مملوءة بالسلاح كارثة بكل المقاييس فقد ازدادت معها حدث الحواجز العسكرية وسوء معاملة المواطنين البؤساء بل وقد وصلت تعليمات صارمة بقتل كل من يشتبه فيه بلا مراجعة الرؤساء فكان احد الجنرالات يقول أرسلوا الجميع إلى الجنة حققوا لهم أمنياتهم بدون مقابل فكثر القتل في صفوف المواطنين (مواطن عادي + عسكري شرطي + أصحاب اللحى والجبهة) فكل من يشتبه فيه أو لم يبدي كرهه وامتعاضه على إرهابيي الجبهة فهو شريك لهم يجب إرساله إلى الجنة بصراحة تلك الأيام رخصت روح المواطن الجزائري حتى أصبحت ارخص من البنزين والغاز فكنا نستيقظ على الجثث المرمية وننام على أصوات الرصاص في اعتقادي أنها كانت حرب أهلية أكثر منها حرب بين الجيش والجبهة.
مر أسبوع وعاد العجوز يحيى ومعه النقود دخل البيت كأنه طاووس فقال لنا خذوا هاهي الأموال الطائلة أكنتم تحلمون بمبلغ كهذا في حياتكم خذوا يا أطفالي الصغار وفي المرة القادمة إن قال عمكم يحيى شيئا فأطيعوه وستحصلون على ما تريدون ففي البلاد أموال وكنوز كثير يجب أن نأخذ حقنا منها وبأي وسيلة فقال النمس هذا المبلغ يكفي لأشتري متجرا في باريس وليس في وسط العاصمة أما قادر فقال لقد تزوجت من ابنة خالي ومع هذا المبلغ سأضيف ابنة عمي فضحكنا جميعا فقال العجوز يجب أن نأخذ العبرة والدروس من العملية السابقة فهذه الطريق التي اخترناها لا تعرف لا رحمة ولا مشاعر أُقتل أو تُقتل والمهم عندنا هو أن نفوز بالغلة فقلت أنا ما دام معنا عمي يحيى والذي سنغير له الاسم إلى جوكر (joker ) فلن نخسر أي عملية فأجابني العجوز وهو يضحك لا يا ذئبي الصغير لا أعدكم بذلك إلا إذا فقلت له إلا إذا ماذا أيها العجوز فقال لي وهو يبتسم ابتسامته المقيتة إلا إذا نفذتم أوامري بلا نقاش وبلا فلسفة فقلت له نحن أصلا اجتمعنا من اجل المال فاصنع ما شئت ولكن هناك أمر واحد إن فكرت يوم أن تغدر بنا فستجد رأسك في جهة وبقية جسمك في الجهة الأخرى وأنا اقسم على ذلك ابتلع الذئب العجوز ريقه بصعوبة وقال لي ومن يجرؤ على خيانة أبنائه وأحبابه أنا وانتم لا نستطيع أن نفترق عن بعضنا حتى لو أردنا ذلك فبعد نجاح العملية الأخيرة سيصبح لدينا أعمال كثيرة فقلت له هل هناك جديد الان فرد علي وقال الجديد هو أن تذهبوا وارتاحوا وتمتعوا بالأموال التي تحصلتم عليها فقد أصبحتم شخصيات مهمة وموعدنا في العملية المقبلة…………….يتبع