…..بعد ثلاث أسابيع على العملية قمت بتصريف المسروقات عند صاحبي القديم الذي اعرفه باسم رحال ولا اعرف اسمه الحقيقي فقد أصبح رحال بفضل تجارته في المسروقات وتزوير الأوراق الرسمية (فقد كان كل شخص يريد جوازا أو بطاقة وطنية مزورة بطريقة احترافية يقصد رحال) مما جعله من اكبر الأعيان في العاصمة .وصراحة كانت تجارته نظيفة لا يأتينا من ورائها لا مشاكل ولا سين ولا جيم رغم انه كان هو الفائز الكبير فقد كان يشتري البضاعة بربع ثمنها وهو يبيعها بثمنها الأصلي بسبب انه يمتلك محلات للذهب وبيع الديكورات والتحف الغالية وكان معروف عند الجميع أن لديه أعوان كبار في السلطة يساعدونه في أعماله القذرة ويقدمون له الحماية المطلوبة مقابل مبالغ خيالية وكان أيضا وسيطا لتجار المخدرات مع القضاة فكم من تاجر معروف في البلاد خرج من قضية كبيرة للمخدرات بسبب وساطة رحال. وبكل هذا استطاع رحال في غضون بضعة أعوام من أن يصبح من أصحاب المليارات في الجزائر .ولكن المسكين بعدما أصبح أغنى من بعض رجال الدولة الكبار قاموا بتصفيته فيما بعد لأنه أصبح يعرف الكثير من اللازم وأهم من ذلك أن ولائه كان لمسؤولين بعينهم مما اغضب الآخرين فكان لابد من قطع نسله فوجدت جثثه وجثث زوجته وأبنائه مذبوحين كالخرفان في إحدى الفيلات على الشاطئ وتم الحجز على كل ممتلكاته لصالح من يحكمون وراء الستار فقد بكى على موت رحال الكثير من اللصوص وتجار المخدرات ربما بكوا عليه أكثر ما بكوا على موت عزيز عندهم.
لنعد لموضوعنا……….هذه المرة أعطاني رحال مبلغ ولا في أحلام تصوروا معي حقيبتين كبيرتين مملوءتين بالنقود وضعنا الأمانة في سيارة قادر واتجهنا صوب البيت المهجور وجدنا الذئب عمي يحيى ينتظرنا جلسنا ضحكنا وأكلنا كما العادة تم بدأنا بتقسيم الغنيمة بيننا بالعدل واتفقنا على مبلغ معين من نصيب ثلاثتنا أنا وقادر وعمي يحيى أن نعطيه للنمس جراء الإصابة التي تعرض لها ففرح النمس و لم تسعه الدنيا بالإلتفاتة البسيطة التي قمنا بها.
وهنا كما في جميع أنحاء العالم القاعدة تقول عندما تكثر الأموال ويكون مصدرها مجهول أوتوماتيكيا يجب تبييضها لذلك طالبت باقي الأفراد بالتكتم وأن ينفقوا خارج المناطق المعروفين فيها وان يخلق لكل واحد منهم عمل وهمي يبرر به المال الذي بيديه ومن أين تحصل عليه فاشترى قادر ورشة كبيرة وجديدة خارج العاصمة وأصبح يصلح السيارات ويقوم بكرائها فقد اشترى 3 سيارات لهذا الغرض أما النمس فقد اشترى محل تجاري لبيع الملابس الجاهزة أما أنا فقد اشتريت مقهى كبيرة مجهزة على الطراز الحديث وكان اغلب زبنائها من الموظفين الكبار ورجال الشرطة فوضعت صبي لم يتجاوز بعد 17 من العمر كنادل هناك ليكون سمعي وبصري معهم ووضعت كذلك ابن عمي احمد البقال هو من يسيرها والناس تظن أن القهوة ملكه وهذا ما أردته. فكانت هذه الأعمال ستار قوي للأموال التي نحصل عليها من عمليات السطو أما عمي يحيى فلم يخبرنا بماذا يفعل بأمواله ولم يرد منا أن نتدخل في شغله بحكم سنه وانه اكبر منا ويعرف ماذا سيفعل بتلك الأموال والغريب في الأمر انه رغم كل ما يملكه إلا انه لازال محافظ على لباسه العادي لباس حراس الليل وقبعته التي تعود إلى حقبة الاستعمار لا يزيلها عن رأسه فصراحة كل شيء في عمي يحيى غريب ومحير.
…مرت سنة ونصف عشناها كأننا ملوك كنا نلتقي مرة في أسبوع سواء في مطعم أو بار نتبادل النصائح حول مشاريعنا فقد كنا نظن أن الأمور تسير بخير وعلى خير إلا أننا تفاجآنا أن الدولة أخذت تقوم بسياسة التقشف وتفقير الطبقة فوق المتوسطة وبعض الأغنياء الذين ليس لهم ظهر في البلاد بالضرائب الباهظة والاقتطاعات الخيالية وابتزاز أصحاب المشاريع الصغيرة أمثالنا بان نقدم رشاوى كبيرة مقابل أن لا يغلقوا لنا محلاتنا بسبب مخالفات خيالية (استعمال مواد فاسدة منتهية الصلاحية بيع سلع مهربة أو مسروقة) لم نعرف هل محلاتنا نحن الثلاثة التي كانت تتعرض للإبتزاز في تلك الفترة أم جميع المحلات المهم بين عشية وضحاها بدأنا نفتقر وبدا الخوف والبؤس يهددنا فقررت إجراء اجتماع في الحال واستدعيت الجميع بدون استثناء .
أول ما بدأ الكلام النمس اخذ ينوح ويشكي من سطو الدولة على المحلات التجارية باسم القانون والضرائب وحماية المستهلك والاقتطاعات والتقشف وان الملابس لا يستفيد منها إلا أفراد عائلته وأولاد الحي القدامى والذي استغرب كيف عرفوا عنوان محله فقد أصبحوا يأخذون الملابس بالمجان مقابل ألا يفضحوا ماضيه أمام باقي التجار.أما قادر فقال بين ليلة وضحاها أصبح اغلب زبنائه من الضباط والسلطة وهذا النوع من الزبائن لا يعطيك المال ثمن الخدمة بل هم يأخذون منك المال كإتاوة حتى كاد يفلس وأضاف انه في إحدى المرات طلب ثمن خدمته من احد الضباط فكان رده قاسيا فقد مسكه من عنقه وقال له كيف تتجرأ أيها الكلب على طلب المال مني فبسببنا ورشتك مازالت مفتوحة أتظن أننا لا نعرف انك تجلب قطع غيار مهربة وانك تفكك السيارات المسروقة فقلت له هذا كله كذب فلطمني وبصق عل وجهي وقال اسمع أيها الكلب أخر مرة أسمعك تطلب مني مال مقابل إصلاح سيارتي وركب على سيارته وغادر.أما أنا فقلت لهم بعض فضيحة أني استعمل قهوة فاسدة حال المقهى من سيء إلى أسوء ويوم على يوم الزبائن تنقص حتى أصابني الويل والهم ولكنني لن أفرط في المقهى فهي أخر أحلامي وهنا سمعنا قهقهات وضحكات عمي يحيى إلتفتنا إليه جميعا وعلامات الغضب على وجوهنا فقال آن الأوان لضربة كبيرة أخرى ستعوض لنا جميع خسائرنا وهذه المرة سنسطو على من تسببوا لكم في المشاكل فقال النمس الدولة ادن سنسرق بنك فقال له لا فقال قادر سنرق سونطراك وهو يضحك فقال له عمي يحيى سونطراك لقد سرقوها لم يعد فيها شيء سنسرق العسكر فمسكنا رؤوسنا جميعا في استغراب وقلت له وماذا سنسرق من العسكر فقال شاحنة محملة بالأسلحة وهنا النمس مسك عمي يحيى من عنقه وقال له أتريد أن تفتح علينا أبواب جهنم……………………يتبع