يقف المرء مندهشا أمام تلك المناظر والمشاهد المؤلمة لساكنة الحي القصديري الصخرة الكبرى بالشراقة التي تعيش أوضاعا أقل ما يمكن القول عنها أنها غير انسانية لا تتوفر معها أدنى شروط العيش الكريم حيث زاد من تفاقمها الفقر والأمية بالإضافة إلى التهميش واللامبالاة التي عانت وتعاني منها الساكنة مما فرض عليها واقعا سيئا تتجرع مرارته كل يوم بل كل ساعة.
شيء محزن فعلا أن نرى اليوم بيننا ساكنة تعيش ظروفا قاسية تعاني معها الجوع والبطالة فمعظم ساكنة الحي القصديري الصخرة الكبرى بالشراقة تشتغل في حرف مختلفة كالبناء ونقل البضائع بواسطة العربات المجرورة أو المدفوعة بينما توجد فئة عريضة بينهم لا شغل لها مما جعل حالة الفقر تطغى عليهم ليزداد على ذلك الإهمال واللامبالاة من طرف الجهات المسؤولة . ان الواقع المر لهؤلاء الذين يعيشون في براريك قصديرية أو طينية محرومين من الكهرباء والماء الصالح للشرب ومجاري الصرف الصحي. و قليل من الساكنة من قاموا بإحداث حفر مغطاة داخل منازلهم قصد قضاء الحاجة بينما هناك عدد كبير من ينتظر قدوم الليل قصد قضاء حاجته في العراء خصوصا في صفوف النساء و معاناة النساء في هذا الجانب خصوصا في أيام البرد والمطر غزير قد يصبن معها بأمراض مختلفة لا يشعرن بها إلا بعد فوات الأوان بالإضافة إلى ما يواجهنه من خوف وفزع نتيجة الظلام الدامس و خطورة المكان دون الخوض في الأمراض الممكن التقاطها بسبب النفايات والروائح الكريهة المنبعثة من الجيفة وفضلات الحيوانات وانتشار الكلاب والقطط الضالة و الفئران وتناسل الحشرات السامة والمضرة . كما ترتفع درجة الروائح الكريهة لتصبح مصدر قلق وإزعاج للجميع بالليل كما هو الحال بالنهار ناهيك عما تسببه لهم من أضرار صحية على مستوى العيون والجلد والجهاز التنفسي… وسط هذا الحي القصديري شاهدنا أطفالا صغارا يلعبون فوق المزابل وآخرين يصنعون العجين بواسطة الطين المبلل بمياه وسخة مما يبرز غياب الوعي وتفشي الأمية بين الساكنة في ظل غياب أنشطة اجتماعية تساهم في الحد من هذه الآفة. و لقد طال الإهمال بالفعل ساكنة هذا الحي القصديري لتستمر مع تلك الأوضاع معاناة ساكنته مع الأزبال التي ملأت وتملأ الممرات طيلة السنة أزمة في الصيف و أخرى في الشتاء تلك حالتهم على مدار السنة ففي الصيف ترتفع درجة الحرارة لتصبح المساكن القصديرية كالأفران لا يستطيعون المكوث بداخلها أما في الشتاء فالمصيبة أكبر حيث يتحول الحي القصديري كما هو حاله اليوم إلى برك مائية ذات قطر كبير مما يجعل الوحل يتكاثر في ألوان مختلفة نتيجة اختلاط وانصهار العديد من المواد فيما بينها تختلط التربة بالفضلات و الأزبال وغائط الإنسان وروث الحيوان … كما تتكون جداول جارية تختلط فيها مياه الأمطار بالأزبال حاملة عصارة القاذورات المختمرة التي كثيرا ما داهمت المساكن مما يجعل الفضاء تطغى عليه رائحة يصعب معها التنفس كما تصبح الممرات والمسالك شبه منعدمة تماما مما خلق ويخلق ارتباكا في التحرك والتنقل لدى الكبار قبل الصغار الذين ورغم تلك الظروف فالبعض منهم يحملون محافظهم على ظهورهم متوجهين إلى المدرسة وبعضهم يركضون ويتسابقون وآخرون يداعبون القطط والكلاب وفي جانب آخر تلهو طفلة وسط الأزبال لوحدها دون أن يهتم بها أحد أو يحاول منعها من اللعب وسط تلك المخاطر نظرا لتراكم الازبال وانتشارها على طول عشرات الأمتار حيث ملأت جانبا كبيرا من فضاء هذا الحي القصديري لدرجة أنه لا مفر لك من خرق هذه الأكوام من الأزبال للانتقال من مكان إلى آخر وهذا إن دل عن شيء فإنما يدل على كون الأسر تعيش ظروفا قاسية مجردة من أبسط الحقوق في العيش وسط بيئة نظيفة ولا تمت إلى عيشة الانسان او حتى الحيوان بصلة .
في زمن رفع راسك يا با وفي دولة بترولية ومازلت اسر تعيش اقل من الحيوانات ما عسانا نقول سوى ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ .