بعد إعلان عمار سعداني أمس رسميا استقالته من الأمانة العامة لحزب جبهة التحرير الوطني، و تولي جمال ولد عباس البالغ 82 سنة منصب الأمين خلفا لعمار سعداني المستقيل ، وبموجب هذا القرار سيستمر ولد عباس في منصبه حسب مصادر من الحزب إلى غاية مؤتمر جديد للحزب.
و جاء إعلان الاستقالة مباشرة بعد تلاوة التقرير الخاص بالسياسة العامة للحزب الذي عقد أمس دورته العادية للجنة المركزية.
و كان تبرير سعداني لاستقالته بـ “أسباب صحية”، بينما كلف عضو المكتب السياسي جمال ولد عباس بإدارة شؤون الحزب مؤقتا إلى غاية الانتخابات التشريعية المزمع انعقادها في شهر أبريل 2017.
كما أنه استبعدت مصادر من داخل قيادة الحزب أن تكون المبررات الصحية هي السبب الحقيقي وراء استقالة سعداني، بل أرجعتها إلى غضب الرئيس عليه بعد تصريحاته الأخيرة التي خون فيها سابقه عبد العزيز بلخادم و مدير جهاز الاستعلامات وزير الأمن سابقا محمد مدين، و إلى قناعة الرئيس بأن سعداني يشتغل لصالح أجنحة تعمل على تسريع خلافة بوتفليقة.
في وقت فضلت السلطة حسبما يبدو تفعيل آليه انتخاب خليفة لسعداني على عجل بدل آلية الأكبر سنا ، وعقد دورة استثنائية جديدة للجنة المركزية.
و يتولى نائب رئيس مجلس الأمة في الفترة المقبلة عملية تطبيع أوضاع الحزب في ظل الحديث عن إمكانية تنظيم مؤتمر بعد الانتخابات التشريعية للملمة شمل الحزب.
وتحتاج السلطة لتهدئة الأوضاع في الحزب قبل إجراء الانتخابات التشريعية وتوفير الأجواء لقيادة حملة هادئة ، وتغيير صورة حزب أصبح يشكل تحديا امنيا للدولة بسبب الصراعات والمواجهات التي تشهدها القواعد منذ أكثر من عشرية، من الزمن.
و هناك العديد من الأسئلة تطرح حول مصير “الإصلاحات ” التي ادخلها سعداني على الحزب ، وخصوصا عملية هيكلة المحافظات واستحداث محافظات جديدة.
كما تطرح تساؤلات حول مصير هياكل الحزب في البرلمان ، ففيما رفض سعداني تغيير الهياكل ، وفرض مؤخرا عضوا في مكتب المجلس، وهو مقعد كان يجب أن يعود لواحدة من برلمانيات الحزب ، يأمل أعضاء في المجموعة البرلمانية لحزب جبهة التحرير أن تتم في غضون قادم الأيام إعادة انتخابات ممثلي الحزب في هياكل المجلس، وإبعاد المحسوبين على سعداني في المكتب المجلس واللجان ، غير أن عامل الوقت وقصر الفترة المتاحة للقيام لعملية التجديد مع بداء دراسة البرلمان لنصوص قانونية حساسة في مقدمتها قانون المالية.
ولا تتوقف التساؤلات عند مصير أنصار سعداني على مستوى البرلمان، بل يمتد الأمر إلى الشبكات “الخلفية” التي وضعت له خارطة طريق بعيدا عن الرئاسة، و فريق الوزراء والنخب التي كانت توفر له الأموال .
وتعرض بعض رموز السلطة في الساعات الماضية لاتهامات بالخيانة لتخليهم عن سعداني وصدرت الاتهامات في حق رئيس أركان الجيش على وجه الخصوص.
و باستقالة سعداني تكون قد بدأت تتضح الصورة حول استعدادات حزب جبهة التحرير الوطني لدخول غمار الانتخابات في إطار جمع الشمل السياسي، و يبقى السؤال حول من هو الأمين العام الذي سيشغل هذا المنصب بعد المؤتمر المقبل؟