تشكل بحيرة أولاد حدو ببلدية مصدق الواقعة على بعد 65 كم شمال غرب ولاية الشلف، إحدى المشافي الطبيعية لعلاج مرض الدوالي وبديلا عن العلاج الكيميائي لكثير من المرضى الذين أكّدوا شفاءهم بمجرد زيارتهم لهذه البحيرة، التي أصبحت ملاذا استشفائيا بامتياز، حيث تمزج بين رونق الطبيعة والخدمات الطبية التي تقدمها دودة العلق مجانا.
وتعتبر بحيرة “قلمام” ـ كما تسمى محليا ـ مكانا خصبا لتكاثر العلقات خاصة في فصل الصيف مع ارتفاع درجات الحرارة، حيث تعرف هذه الديدان بامتصاصها للدماء الفاسدة وكذا تمييزها للمرضى المصابين بالدوالي إذ يروي أهل المنطقة أن العلقة تقوم بدورة استكشافية في المنطقة المصابة لتقوم بعدها بغرز أنيابها المجهرية إذا استشعرت مكان الإصابة.
وحسبما لوحظ في عين المكان يقوم المصاب بغطس رجليه في البحيرة ليعلق به مجموعة من العلقات ذات اللون الرمادي التي يتراوح طولها ما بين 3 سم إلى 15 سم وتقوم بعملية امتصاص الدماء الفاسدة لتسقط ذاتيا بعد الانتهاء مخلفة بعض الخدوش والجروح الطفيفة التي تلتئم بسرعة حسب شهادات المصابين.
ويتداول أهل هذه المنطقة اعتقادا ببركة مياه هذه البحيرة والمنطقة التي مرّ عليها عدد من الصالحين في حين يقول الحاج الطيب أنه اعتاد التردد على بحيرة “قلمام” منذ زهاء العشر سنوات لعلاج مرض الدوالي مشيرا إلى أن عملية شفط الدم الفاسد قد تمتد لساعة على الأكثر ليحصل في الأخير على تجديد لطاقته وتنظيف الأوعية الدموية.
بدورها أكدّت الحاجة عائشة من غليزان أن خوفها من العلاج بالعلقات لم يمنعها من تجربة العملية واكتشاف بحيرة أولاد حدو التي ذاع صيتها عبر الولايات المجاورة لتقوم الآن بزيارتها دوريا خاصة بعد التحسّن الملحوظ في حالتها داعية من يعاني من مرض الدوالي إلى تجربة العلاج بعلقة بحيرة “قلمام”.
فيما أعرب بعض السكان المحليين عن أملهم في إنشاء مركز علاج طبيعي ما يجعل منه فرصة لتوظيف أبناء المنطقة وكذا هيئة مختصة تهتم بتأطير عملية العلاج بالعلق وكذا مراقبة مياه البحيرة الراكدة والتي قد تصبح موطنا لأمراض أخرى.
و في هذا الشأن يرى السيد جيلالي أن البحيرة أصبحت قبلة عديد المواطنين نظرا لنسب الشفاء والعلاج المسجلة بشهادة المرضى أنفسهم وهو ما يدعوا المستثمرين والسلطات الولائية إلى استغلالها وفق مقاييس عالمية على شاكلة الدول الحديثة التي أصبحت تهتم بالطب الطبيعي.
وتشهد بحيرة أولاد حدو إقبالا معتبرا لمرضى الدوالي خصوصا مع نهاية الأسبوع في الفترة ما بين العاشرة صباحا إلى الثالثة مساءا وهي فترة ارتفاع الحرارة وتكاثر العلقات في حين يتمتع البعض الآخر بجمال المكان ومناخه الرطب مقارنة بالمناطق الأخرى بولاية الشلف.
ويعتبر التداوي بالعلق من الطرق الطبيعية التي أصبحت تعتمد عليها مراكز الطب البديل فضلا عن تفضيلها من طرف المرضى بدل العلاج الكيميائي ومضاعفاته الجانبية في حين يصف بعض المختصين هذه العملية بالحجامة الطبيعية إذ تقوم كل علقة باستخراج ما مقداره 3 إلى 6 غرام من الدم الفاسد.
و رغم أن التداوي بهذه الطريقة يبقى ممنوعا على مرضى فقر الدم المزمن وداء السكري والنساء الحوامل والنساء خلال فترة الرضاعة إلا أن العلاج بالعلق حسب الأخصائي في أمراض الأوعية الدمويةي شريف بونوةي يساهم في توسيع الأوعية الدموية ومفيد لأمراض الجيوب الأنفية فضلا عن علاج الدوالي و أمراض الروماتيزم وآلام المفاصل وعديد الأمراض الجلدية على غرار الصدفية.
و يضيف السيد بونوة أن الأبحاث والدراسات الطبية أثبتت أهمية الافرازات التي تتركها ديدان العلق على بشرة الانسان وداخل الأوعية الدموية على غرار مركبات فاستلاتوري هيرديني الاستيل كولين وهي مواد مانعة لتجلط الدم ومجددة للخلايا ومضادة للالتهابات.
كما ينبغي على المريض الالمام بشروط وظروف استعمال تقنية التداوي بالعلق في حين يتداول بين أبناء المنطقة بعض الروايات الغريبة باعتبار ان هذه الدودة هي مباركة بحكم ذكرها في القرآن الكريم ولا تستسيغ دم الانسان العاق لوالديه لذا ” فطيبة قلب الانسان تبقى شرطا لتعلق الديدان بجسمه وعلاجه ” حسبهم.