لطالما كان حزب جبهة التحرير الوطني انعكاسا للمناورات التي تجري على راس السلطة. كدليل على ذلك، ففي الأيام الأخيرة كانت جبهة التحرير الوطني منشغلة بحرب خنادق تنذر بتغييرات كبيرة على المدى القصير في المشهد السياسي الوطني. حيث أن الأسبوع الماضي، خرج 14 من المجاهدين و الكوادر سابقا بجبهة التحرير الوطني، عن صمتهم بإصدار بيان يطالبون فيه علنا برحيل الأمين العام الحالي للحزب، عمار السعدني. فبالنسبة لهؤلاء المجاهدين، قد انحرفت القيادة الحالية لجبهة التحرير الوطني من عن خط الحزب “النونبري” بفتحها الأبواب للانتهازيين و حلفاء المال الوسخ.
وعقب البيان الذي نشرته الصحافة الوطنية، اجتمع المكتب السياسي لجبهة التحرير الوطني لتدارس الكارثة برئاسة الأمين العام بالإنابة، أحمد بومهدي، نيابة عن عمار سعداني الذي لم يحضر. وكان اجتماع المكتب السياسي هذا متبوعا ببيان تناشد فيه فيها القيادة الحالية لجبهة التحرير الوطني الهياكل الأساسية لدعم شرعية عمار سعداني. في المقابل، لم يتأخر رد فعل الهياكل الجهوية. اذ أنه تم ارسال رسائل تعرب عن الدعم من مختلف المحافظات الى الموقع الإلكتروني للحزب. في هذا الاطار، طردأنصار السعدني بخنشلة بالقوة أولئك الذين يعارضون قيادة الحزب الحالية. وهذا يعني أن الأزمة الحالية يمكن تتجاوزحدود جبهة التحرير الوطني .
ويذكرأن الشعور بالضيق الذي ينخر جبهة التحرير الوطني بدأ منذ أن نظمت المؤتمر العاشر المثير للجدل في 29 أغسطس 2013 والذي شهد تنصيب عمار سعداني كأمين عام. وكان عبد الرحمن بلايات ، احد القادة السابقين في جبهة التحرير الوطني و زعيم معارضة القيادة الحالية، قد طعن في هذا التنصيب، بذريعة انه لم هذا المؤتمر وفقا لقواعدالحزب.. وفي الوقت نفسه، بعث رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، ونائب وزير الدفاع الوطني ورئيس أركان الجيش، أحمد قايد صالح، رسائل تهنئة إلى عمار سعداني. وفي وقت لاحق أصدرت المحكمة الإدارية العليا و مجلس الدولة حكما ببطلان المؤتمر ال10 لجبهة التحرير الوطني. ولكن حكم مجلس الدولة تم إلغاؤه من قبل الغرفة الإدارية بمحكمة في الجزائر العاصمة التحقق وبالتالي تم تأكيد صحة هذا المؤتمر.
من ذلك، فإن عدم الاستقرار التي يؤثر حاليا في جبهة التحرير الوطني ما هو الا انعكاس لما يجري على راس السلطة. ومنذ رحيل الرئيس السابق للاستخبارات توفيق مدين، ازداد عدم الاستقرار وطالت مدته.