ألقى رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، أمس، خطابا للأمة أمام نواب البرلمان بغرفتيه بقصر الأمم، وذلك في لقاء يعد الثالث من نوعه، في إطار تقليد دستوري يترجم التزام الرئيس بالتواصل مع ممثلي الشعب بالبرلمان.
وفي خطاب موجه للأمة، ألقاه أمام البرلمان المجتمع بغرفتيه بقصر الأمم بنادي الصنوبر، قال رئيس الجمهورية: “التزمنا بمخاطبة الشعب الجزائري الأبيّ من خلالكم. وهو ما يعبر عن الإرادة السياسية التي لن نحيد عنها. في تجسيد صارم لالتزاماتنا، منذ أن تشرفت بثقة الشعب الكريم”.
وتابع رئيس الجمهورية: “التزمت من هذا المنبر بحوار سياسي مع الأحزاب ولا زلت ملتزما به. مثلما صرحت وشرحت لبعض رؤساء الأحزاب الذين استقبلتهم”. مشيرا إلى أنه سيتم الشروع في هذا الحوار، ريثما يصادق البرلمان على قانون الأحزاب”.
وبعد أن اعتبر أن هذا الحوار “سيكون بنّاء”، أكد رئيس الجمهورية التزامه بـ “تطبيق كل ما يتم الاتفاق عليه مع الأحزاب”.
وأكد الرئيس تبون، في خطاب وجّهه إلى الأمة أمام البرلمان بغرفتيه، أن مساهمة الصناعة في الدخل الوطني الخام بلغت حدود 10 بالمائة. مبرزًا الطموح لرفع هذه النسبة إلى 12 أو 13 بالمائة.
وفي الشق الصحي، أوضح رئيس الجمهورية أن تغطية الأدوية المحلية للسوق الوطنية بلغت 82 بالمائة، ما يوفر نحو 200 مليون دولار مع نهاية سنة 2025.
كما أكد الرئيس تبون تجسيد حلم جزائر قوية بمناجمها، مشيرًا إلى أن غارا جبيلات سيكون ثالث أكبر منجم في العالم. وأن نهاية شهر جانفي ستشهد وصول أول قطار منجمي إلى وهران.
وأشار رئيس الجمهورية إلى أن إنتاج الفوسفات سيرتفع خمس مرات، من 1.5 مليون طن إلى 10 ملايين طن. مع الطموح لإيصال الفوسفات إلى عنابة نهاية سنة 2026.
وشدد الرئيس تبون على أن أمن الجزائر هو امتداد لأمن تونس، وأن أمن تونس هو امتداد لأمن الجزائر، مبرزًا عمق الروابط التي تجمع البلدين.
كما أكد رئيس الجمهورية أن الجزائر لم تتدخل أبدا في الشؤون الداخلية لتونس ولن تتدخل، مشيرًا إلى أن الجزائر تمنع نفسها من التدخل مثقال ذرة في شؤون تونس الداخلية.
وشدد الرئيس تبون على أن مصالح الشعب ستكون في صدارة الأولويات. مؤكدًا أن الصعوبات ومحاولات التشويش من الداخل أو الخارج لن تثنيه عن أداء واجبه.
كما أكد رئيس الجمهورية أن العدالة ستكون بالمرصاد لكل أشكال الفساد، مشيراً إلى التزامه بحماية إطارات الدولة النزهاء.
وقال رئيس الجمهورية إن “الجزائر دولة اجتماعية ولن نتخلى عن هذا المنهج”. مشيرا الى أن أساس إعلان الدولة الجزائرية كان بيان أول نوفمبر 1954، والذي “لن نعوضه ولن يكون غيره”.
وفي هذا الصدد، ذكّر الرئيس تبون بتضحيات الشهداء الأبرار الذين أسسوا لهذا البيان ورفعوا السلاح لتحرير الوطن و”بناء دولة اجتماعية، ديمقراطية بمبادئنا الإسلامية”.
وأضاف رئيس الجمهورية: “لن نوقف المساعدة الاجتماعية الموجهة للمواطن البسيط، فهي من حقه”. مذكرا في هذا الشأن بمختلف القرارات التي تم اتخاذها والبرامج التي تم إنجازها. والتي تشمل قطاعات السكن والتعليم والصحة وغيرها. ليخلص إلى القول: “لا توجد أي دولة في العالم تمتلك سياسة اجتماعية كالجزائر”.
وأشاد الرئيس تبون، بشباب المؤسسات الناشئة الذين آمنوا بقدراتهم وقدرات بلدهم، ورفعوا اسم الجزائر بالخارج.
كما لفت رئيس الجمهورية إلى نجاح الفلاحين في إنشاء 15 ألف مؤسسة فلاحية بعيدًا عن تحكم وزارة الفلاحة. مؤكداً تأثيرهم الإيجابي في الاقتصاد الوطني. ومشيرًا إلى دخول التكنولوجيا قطاع الفلاحة بالجزائر.
وفي جانب آخر، اعترف الرئيس تبون بأن الجزائر تواجه تحديات في إنتاج اللحوم بجميع أنواعها، داعيًا أصحاب القطاع إلى المزيد من الجدية والحرص على مصلحة الوطن. مشددًا على أن أموال استيراد اللحوم يجب أن تُستثمر لصالح أبناء الجزائر أولاً.
وأوضح الرئيس تبون أن القدرة الشرائية للمواطن الجزائري محمية إلى حد ما. مشددًا على الجهود اليومية لمواجهة أي محاولات تستهدف امتيازات الدولة الممنوحة للمواطنين، بما في ذلك دعم أسعار المواد الغذائية والماء والكهرباء والسكن وتعليم مجاني.
وأشار الرئيس إلى الالتزام برفع الأجور والتوظيف، موضحًا أن 82 ألف وظيفة تم توفيرها وستستمر المبادرات في هذا الاتجاه. مؤكداً صحة الأرقام الرسمية والتي هي تحت المجهر العالمي.
كما كشف الرئيس تبون عن خطوة هامة اتخذت في العهد البائد، إذ فرض على المرحوم بوتفليقة إلغاء كل الاستفادات الخاصة من أراضي سيدي عبد الله لتعود إلى الشعب من خلال مشاريع السكن. في تأكيد على الالتزام بمصلحة المواطنين وتعزيز العدالة الاجتماعية.
وفي الشق السياسي، نوّه رئيس الجمهورية بالحركية التي يشهدها البرلمان، والتي مكّنته من تكريس صلاحيات السلطة التشريعية، لا سيما من خلال استعمال حق المبادرة باقتراح القوانين، ومنها قانونا الجنسية وتجريم الاستعمار. كما أكد أن الحوار مع الأحزاب السياسية سيبقى مفتوحاً، وستُستجاب فيه كل المطالب المعقولة التي تخدم المصلحة الوطنية.
وشدد الرئيس على أن الإصلاحات ليست ظرفية، بل هي عملية مستمرة تهدف إلى تكريس الحوكمة الرشيدة “من أجل الشعب وبالشعب”، مؤكداً في السياق ذاته أن العدالة ستكون بالمرصاد لكل مظاهر الفساد والاختلال، مع توفير الحماية الكاملة للإطارات النزيهة.
اقتصادياً، أوضح رئيس الجمهورية أن الجزائر حققت إدماجاً فعلياً في حركية استثمارية غير مسبوقة، حيث يشارك المستثمرون الأجانب في 309 مشروعاً استثمارياً، وهو ما يشكل رداً عملياً على من يدّعي عزلة الجزائر. كما أشار إلى تسجيل تراجع في معدل التضخم، معتبراً ذلك مؤشراً إضافياً على سلامة التوجهات الاقتصادية المعتمدة.
وأكد أن الاقتصاد الوطني في حالة “سالمة وسليمة”، مشدداً على أن هذا الإنجاز ليس إنجاز رئيس الجمهورية وحده، بل هو ثمرة جهود جميع إطارات وعمال الأمة، مضيفاً أن من لا يعترف بما تحقق من إنجازات فهو “جاحد وحسود”.
وفي مجال البنى التحتية، اعتبر الرئيس أن ما أنجزته الجزائر في قطاع السكة الحديدية دليل واضح على أن الجزائري عندما يقرر، يصنع المعجزة. كما عبّر عن اعتزازه بالحركية التي عرفتها سياسة الإنتاج الوطني، بعد سنوات من التصحر الصناعي بسبب ما وصفه بـ“هلوسة الاستيراد”، مؤكداً أن نسبة الصناعة في الناتج الداخلي الخام ارتفعت إلى حدود 10% بعد أن أُنزِلت عمداً إلى 3%.
وفي قطاع الصحة والصناعة الصيدلانية، كشف الرئيس أن الجزائر تحقق اليوم أكثر من 80% من الاكتفاء في المواد الصيدلانية، مبرزاً في السياق ذاته وجود 13 ألف مؤسسة ناشئة، بعضها يتمتع بسمعة دولية، ومحيياً شباب هذه المؤسسات الذين آمنوا بقدراتهم وبقدرات بلدهم وشرفوه في الخارج.
وتوقف رئيس الجمهورية عند المشاريع الاستراتيجية الكبرى، مؤكداً أن منجم غارا جبيلات أصبح واقعاً وهو ثالث أكبر منجم للحديد في العالم، مجسداً ما كان يبدو مستحيلاً. كما شدد على أن مشروع الفوسفات ببلاد الهدبة سينطلق فعلياً، وسيُنقل بشكل آمن، مع مضاعفة القدرات الإنتاجية خمس مرات.
وفي المجال الفلاحي، أبرز الرئيس نجاح الفلاحين في إنشاء 15 ألف مؤسسة فلاحية بعيداً عن تحكم الإدارة المركزية، ما انعكس إيجاباً على الاقتصاد الوطني، مؤكداً أن التكنولوجيا دخلت بقوة إلى قطاع الفلاحة. غير أنه اعترف، بكل شفافية، بفشل الجزائر في تحقيق الاكتفاء في إنتاج اللحوم بمختلف أنواعها، ووجّه نداءً لأهل القطاع من أجل التحلي بالغيرة الوطنية، معتبراً أن أموال استيراد اللحوم أولى بها أبناء الجزائر.
اجتماعياً، أشار رئيس الجمهورية إلى ارتفاع معدل الأمل في الحياة بالجزائر نتيجة القضاء على العديد من الأمراض، مبرزاً أن التلقيح يُعد أمراً عادياً لدى الجزائريين، لكنه استثنائي في كثير من دول العالم. كما أكد أن الدولة لن يُسجّل عليها التاريخ أنها أوقفت دعم المواطن البسيط، وأن القدرة الشرائية محمية في حدها الأدنى، مع التصدي اليومي لكل من يسعى إلى كسرها أو استهداف امتيازات الدولة.
وأوضح الرئيس أن القدرة الشرائية لا تُقاس فقط بالأجور، بل كذلك بدعم أسعار المواد الغذائية والماء والكهرباء والسكن، وبمجانية التعليم. كما ذكّر بأنه منذ بداية العهدة الأولى تم إنجاز مليون و700 ألف سكن، كاشفاً عن خفايا من العهد السابق تتعلق بإلغاء استفادة البعض من أراضي سيدي عبد الله، لإعادتها إلى الشعب عبر مشاريع السكن.
وفي سياق آخر، أمر رئيس الجمهورية الوزير الأول بالشروع فوراً في إنشاء محطتي تحلية مياه بكل من تندوف وتمنغست.






















