رغم كميات الدم الكبيرة التي تم هدرها منذ الإنقلاب العسكري في مصر حتى الآن، إلا أنه يبدو أن السياسة قد تقرب الأعداء من ذوي التوجهات المختلفة تحت عنوان “المصلحة الوطنية” أو “المصلحة المشتركة”.
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ألمح في كلماتها الاخيرة إلى إمكانية عقد مصالحة بين نظامه وجماعة الاخوان المسلمن، مستدركا أن شرط هذه المصالحة أن تكون مطلبا شعبيا من الشعب المصري وليس قرار فرديا.
السيسي وفي لقاء له يوم الخميس الماضي على هامش مؤتمر الشباب الذي تم عقده بمدينة شرم الشيخ المصرية، قال إنه قام بإتاحة العديد من الفرص من أجل عقد مصالحة مع “الاخوان المسلمين”، والتي كان منها بيان 3 يوليوز (بيان الإنقلاب) معتبرا أن هذا البيان كان فرصة ودعوة للتعايش وبدء دورة سياسية جديدة يقوم فيها الشعب كلمته، لكن الإخوان حسب السيسي رفضوا العرض واختاروا طريقة العنف ومحاولة هدم الدولة على حد تعبيره.
واعتبر عبد الله السناوي، الكاتب الصحفي المقرب من النظام الحاكم أن السبب من وراء هذه الخرجات الإعلامية الأخيرة للسيسي وحديثه عن المصالحة جاء بسبب ضغوط اقتصادية وسياسية من الدول الغربية، وذلك من أجل فتح القنوات السياسية المسدودة في البلاد والقيام بمصالحة مع جماعة الاخوان المسلمين، أقوى فصيل معارض على الساحة من أجل إعادة دمجه في المشهد المصري.
السناوي وفي مقال له بصحيفة الشروق المصرية قال إن الغرب يخشى أن يكون هنالك انهيار اقتصادي واجتماعي في مصر إذا ما استمرت الأوضاع على ما هي عليه، مع إنغلاق المجال العام واستمرار القمع والحملات التحريضية، مؤكدا أن النظام المصري في ورطة حقيقية هو ما يحتم عليه إعادة إدماج “الجماعة” وهو ما لا تعارضه بعض الجهات الأمنية التي خبرت كيفية التعامل مع الاسلاميين.
وتعليقا على هذا، قال محمد البسيوني الخبير الأمني أنه لا يمانع هو شخصيا في إجراء مصالحة محددة ومشروطة مع الاخوان، تشمل فقط غير المتورطين في الدم واستبعاد بعض القيادات، على حد زعمه، مضيفا أنه يرحب بشدة بالإفراج عن آلاف الشباب وطلاب الجامعات المعتقلين وغيرهم من المحبوسين على ذمة قضية التظاهر وغيرها من أجل فتح صفحة جديدة من الدولة.
كما أكد ذات المتحدث أنه يرفض الصلح مع قيادات الاخوان، سواء أولئك الموجودون في مصر في المعتقلات، أو من الذين هربوا إلى تركيا وقطر، محذرا من أن هذا الأمر سيهز هيبة الدولة.
على الجهة المقابلة، قال أحمد رامي، المتحدث السابق باسم حزب الحرية والعدالة إن الضغوط التي يعاني منها نظام السيسي في الوقت الحالي، والتي تهدف إلى التصالح مع الاخوان، ليس الهدف منه إدماجهم في النظام، ولكن لمنع سقوط الدولة المصرية المتهاوية.
وأضاف رامي في تعليقه لوسائل إعلام محلية :”أن الغرب لا يهمه التصالح بين النظام والإخوان، بل يعنيه فقط عدم انهيار الدولة في مصر على غرار الحالة السورية، خوفا من أن تتحول الهجرة غير الشرعية من بضعة مراكب من السواحل المختلفة؛ إلى حالة عامة، مشيرا إلى أن حالة الانهيار والفشل العام للدولة هى الأكثر خطورة، “فالغرب لا يريد أن يواجه آلاف الشباب المحبط اليائس المطارد المظلوم، حتى لا يعاقبه على ما يراه دورا له في ما وصلت إليه مصر”.