يبدو أن محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي لازال يتخبط في بعض القرارات غير المحمودة العواقب، فبعد أن قام باعتقال مجموعة من الأمراء ورجال الأعمال السعوديين من أجل دفع تكاليف مغامراته “الإصلاحية”، تحدثت تقارير غربية على تأثير هذه القرارات على المستثمرين الذين أصبحوا في خوف من وضع أموالهم في السعودية غير المستقلة من وصول بن سلمان إلى ساحة السلطة.
وقالت صحيفة “فايننشال تايمز” في تقرير لها :” حينما كانوا يختلطون برجال الأعمال وبالنخبة السياسية في المملكة العربية السعودية داخل أروقة فندق ريتز كارلتون في الرياض الشهر الماضي، لم يتردد كبار الممولين في العالم في كيل المديح لرؤية ولي العهد محمد بن سلمان لتحديث المملكة المحافظة، ولكن بعد عشرة أيام فقط، وعلى إثر تحويل الفندق إلى سجن فاخر يحتجز فيه مئات الأمراء ورجال الأعمال الذين ألقي القبض عليهم ضمن إجراء غير عادية بحجة مكافحة الفساد، تحول مزاج كثير من الأجانب الذين كانوا يفكرون بالاستثمار في أكبر مصدر للنفط في العالم من الحماسة إلى الفزع”.
ونقلت الصحيفة عن أحد المستثمرين قوله :” نصف من أتعامل معهم محتجزون الآن داخل الريتز، ويريدونني أن أستثمر هناك؟ هذا محال. كل المال الذي كان سيدخل إلى المملكة تبخر الآن”، معلقة :” ما من شك في أن حملة التطهير ضد الفساد، التي استهدفت بعض أغنى الأثرياء في المملكة وكبار رجال الأعمال، بمن فيهم الأمير الملياردير الوليد بن طلال، استقبلت بالترحاب من قبل عامة السعوديين الذين يرونها خطوة طال انتظارها لاستعادة ما يعتقدون أنها مكاسب غير شرعية جناها هؤلاء. إلا أن المستثمرين الأجانب مازالوا تحت وطأة الصدمة التي سببتها لهم سرعة وحجم الحملة التي يشنها الأمير محمد بن سلمان. فقد أثار ذلك المخاوف لديهم إزاء الخطوات القانونية المتبعة داخل المملكة، وخاصة أن الحملة جاءت بينما كان مدراء المؤسسات المالية الكبرى يدرسون مقترحات للاستثمار في بعض المشاريع الكبيرة التي أعلن عنها ولي العهد، ومنها المدينة التي ستقام بتكلفة خمسمائة مليار دولار في الصحراء”.
وقالت “فايننشال تايمز” في تقريرها إن السلطات السعودية فاوضت نزلاء الريتز من أجل الوصول إلى بعض التسويات عبر صفقات كبرى، يدفع من خلالها النزلاء ثمن حريتهم، إذ أفاد بعض المطلعين أن السلطات السعودية فاوضت بعض النزلاء على 70 بالمائة من ثرواتهم، معلقة :” يشعر الأمير محمد بن سلمان أنه في أمس الحاجة إلى جذب الاستثمارات الأجنبية حتى يدعم خططه لفطم الاقتصاد عن إدمانه على النفط، ومن هذه الخطط خصخصة أملاك الدولة بما في ذلك شركة النفط أرامكو وإيجاد مئات الآلاف من الوظائف للشباب السعودي في القطاع الخاص. ولهذا يصر المسؤولون السعوديون بأن الحملة على الفساد سوف تحسن من المناخ الاستثماري”، لتستدرك :” إلا أن ثقة المستثمرين تزعزعت بسبب المخاوف من أن تكون الحملة الحالية جزء من الجهد، الذي يبذل لإسكات أي صوت يعارض ارتقاء الأمير بشكل سريع هذا العام إلى منصب ولي العهد أو يعارض برنامجه الإصلاحي الطموح”.
وتابعت الصحيفة ذاتها :” في العادة يدخل المستثمرون الأجانب إلى السوق السعودية من خلال شراكات يبرمونها مع مؤسسات تجارية قائمة أو مع أمراء حتى يستفيدوا من نفوذهم المحلي، لكي يتمكنوا من تجاوز العقبات الكثيرة التي قد تعترض سبيلهم في الوضع البيروقراطي المعقد”، ليوضح ناصر سعيدي، وهو مستشار ووزير اقتصاد لبناني سابق في ختام التقرير :” يغلب على المستثمرين الآن الانتظار والترقب ليروا ما الذي ستؤول إليه الأمور. ولكن هناك دوما تكاليف على المدى القصير حينما تشن حملة على الفساد، التي هي أمر ضروري ومرحب به. فأنت بحاجة إلى شفافية وإلى أنظمة تجارية نظيفة”.