أزمة شديدة، تلك التي تلوح في الأفق بين حكومة إقليم كردستان من جهة، والحكومة العراقية وتركيا وإيران من جهة، بسبب الاستفتاء الذي تم اليوم حول انفصال الاقليم عن العراق.
وقالت صحيفة “ذي أتلانتك” في تقرير لها إن مسعود البرزاني، رئيس حكومة كردستان، تمسك بالاستفتاء، رغم معارضة القوى العظمى له، ماعدا إسرائيل التي تؤيده وبشدة، وهي الخطة التي ستعيد ودون شك تفتيت الشرق الأوسط.
وأفاد التقرير :” لبرلمان التركي أجرى تصويتًا طارئًا، مدّ بموجبه مدة نشر القوات التركية في العراق وسوريا، مما يزيد من حدة التوترات بين الدول المجاورة. وكان الرئيس التركي أردوغان قد ذكر في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة «أن الأزمات الجديدة في المنطقة مثل الاستفتاأت من أجل الاستقلال يمكنها أن تثير صراعات جديدة ويجب تجنبها مهما كان الثمن، لذا نحث حكومة إقليم كردستان العراق على وقف الخطوات التي اتخذتها في هذا الاتجاه”، مضيفا :”النسبة لتركیا، یشکل الاستفتاء خطر حشد القومیة الکردیة، التي جرى قمعھا تاریخیًا عبر عقود من النزاع المسلح، وحظر التعلیم والبرامج التلفزیونیة باللغة الکردیة. وقد أعربت أنقرة عن معارضتها للتطلعات الكردية بوضوح عندما أقيم الاتحاد الكردي العراقي خلال حرب الخليج الأولى عام 1991 بدعم أمريكي. ولكن مع مرور الوقت، تحول هذا الخلاف الأولي بين تركيا وحكومة إقليم كردستان إلى روابط اقتصادية وتعاون. وعلى الرغم من تحسن العلاقات الكردية التركية، إلا أن اضطهاد الأكراد داخل تركيا ما يزال مستمرًا حتى يومنا هذا”.
ويتابع المصدر ذاته :” على مدى العقد الماضي ، توطدت العلاقات بين تركيا وحكومة إقليم كردستان، ولا سيما التجارية منها، مع بناء خط أنابيب يسمح للمنطقة الكردية غير الساحلية بتصدير النفط عبر الأراضي التركية. وقد جرت هذه المساعي بعيدًا عن حكومة بغداد عادة، مما أغضب المسؤولين العراقيين”، مضيفا :” ولكن مع بدء التصويت، اليوم الإثنين، فإن الشراكة معرضة لخطر الانهيار في ظل احتمالات توحد القوات الكردية في العراق وشمال سوريا، مما يشكل تهديدًا أمنيًا لتركيا، ومثلما يقول شان أكون – الباحث في مؤسسة البحوث السياسية والاقتصادية والاجتماعية وهو مركز فكر مؤيد للحكومة مقره في أنقرة – «فإنه على المدى الطويل، يمكن أن يكون ذلك نقطة انطلاق لإقليم كردستان أكبر. لهذا السبب قد تضحي تركيا بمكاسبها الاقتصادية لمنع إقامة كيان كهذا”.
وشددت الصحيفة :” عداء تركيا نحو إقامة حكم ذاتي للأكراد يعود إلى عام 1923، عندما انتصرت الجمهورية التركية على قوات الاحتلال الأجنبية واستعادت الكثير مما يشكل تركيا الحديثة. ومع إعادة رسم الحدود الإقليمية، حاول القادة الأتراك إقامة وحدة بين مواطنيهم اليونانيين واليهود والأرمن والأليفيين والكرد من خلال تشجيعهم على تبني هوياتهم التركية الجديدة”، موضحا :” ويمكن رصد بقايا هذه الجهود لبناء الدولة حتى يومنا هذا في تركيا، حيث لا تزال الجبال وساحات المدارس مزينة بكلمات مصطفى كمال أتاتورك – أول رئيس للجمهورية – حين قال «كم هو رائع أن أقول أنا تركي». وقد وُضعت حدود واضحة للأقليات، ومُنع التعبير عن الهويات المتباينة. فأن تكون تركيًّا يعني نبذ الولاأت الأخرى. لهذا السبب، فإن مفهوم الحكم الذاتي الكردي في أي مكان في المنطقة يشكل تهديدًا وجوديًا للجمهورية التركية”.