قامت مجلة “فورين أفيرز” بنشر تقرير حول تراجع الولايات المتحدة الأمريكية عن دعم المعارض السورية المسلحة بأمر من الرئيس الجديد دونالد ترامب، حسب ما ذكر فابريس بالونش، الباحث الفرنسي المتخصص في الشأن السوري.
وقالت الصحيفة : “ما أوردته صحيفة (واشنطن بوست) في 19 يوليو، بشأن وقف برنامج وكالة الاستخبارات الأمريكية لدعم المقاتلين السوريين، الذين يريدون الإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد، يكشف أن إدارة ترامب لم تعد ترى أولوية في تغيير النظام في دمشق، وهو المطلب الذي تمسكت به الإدارة السابقة، مع أنها لم تقم بعمل الكثير لدعم فصائل المعارضة السورية التي ينظر إليها على أنها معتدلة، وكان برنامج دعم فصائل الجيش السوري الحر قبل 4 أعوام، واستفاد منه حوالي 20 ألف مقاتل، بينهم فرق مثل الفرقة 13 من كتيبة حمزة في شمال غرب سوريا، وأسود الشرق في جنوب البلاد”، مضيفة :”رغم كلفة البرنامج التي وصلت مئات الملايين في العام، إلا أن أثره على قدرة المقاتلين على قتال الحكومة والإطاحة بها ظل محدودا، ومن هنا فإن وقف البرنامج يعكس موقفا براغماتيا من الواقع في سوريا، وقرارا من الولايات المتحدة التخلي عن الساحة السورية للروس، وما هو مهم في هذا السياق هو فقدان الولايات المتحدة مصداقيتها بين الجماعات الوكيلة عنها في الشرق الأوسط “.
وتابع التقرير :” برنامج (سي آي إيه) بدأ في حزيران/ يونيو 2013، مع أن الولايات المتحدة تقدم الدعم للمقاتلين السوريين سرا منذ عام 2012، وكان الهدف من البرنامج هو تعزيز قوة مقاتلي الجيش السوري الحر ضد الجماعات الجهادية والمتشددة، مثل جبهة النصرة فرع تنظيم القاعدة في سوريا، التي غيرت اسمها إلى هيئة تحرير الشام، وقررت إدارة باراك أوباما وقادة في الكونغرس دعم المعارضة بعد تقارير عدة أظهرت استخدام النظام السوري للسلاح الكيماوي، وبناء على شروط البرنامج تقدم الولايات المتحدة السلاح الخفيف والتدريب والرواتب، وأحيانا صواريخ (تي دبليو أو) المضادة للدبابات، لكنها رفضت تقديم السلاح الثقيل لهم، مثل الصواريخ المضادة للطائرات؛ خشية أن تقع في يد هيئة تحرير الشام، خاصة أن الجيش السوري الحر لم يتردد في المشاركة في القتال مع هيئة تحرير الشام وأحرار الشام والجماعات الإسلامية، التي عادة ما حازت على السلاح الأمريكي أو اشترته”.
ولفت التقرير :” (سي آي إيه) قدمت في البداية الدعم للمقاتلين الذين يقاتلون على الجبهة الشمالية، بما فيها محافظات اللاذقية وحلب وإدلب وحماة، وجبهات الوسط، محافظة حمص، والجنوب في محافظات القنيطرة ودمشق والسويداء ودرعا، إلا أن التطورات في السنوات الماضية، خاصة الانشقاقات التي حدثت داخل صفوف المعارضة للنظام إلى تركيا والأردن، جعلتها غير فاعلة ومعزولة”، مذكرا :” في الجبهة الجنوبية، التي تعد المسرح الرئيسي للدعم الأمريكي؛ بسبب ضعف وجود الجهاديين، فشلت المعارضة في محاولة السيطرة على دمشق، بالإضافة إلى محاولات السيطرة على درعا والسويداء، حيث تجمد القتال على هذه الجبهة منذ التدخل الروسي في أيلول/ سبتمبر 2015، حيث اتفقت روسيا والأردن وحكومة النظام على وقف إطلاق النار في محافظة درعا، وأغلق الأردن حدوده مع سوريا أمام نقل التعزيزات للمقاتلين، وطلب منهم التوقف عن مواجهة قوات النظام، وكان على المقاتلين الاستجابة للاستمرار في تلقي رواتبهم والحماية من المقاتلين الإسلاميين، وكان وزير الخارجية الأمريكي في حينه جون كيري، راضيا عن التعاون الروسي الأردني، لكن لم يكن أمامه أي خيار، فالملك عبدالله الثاني كان راغبا بوقف القصف السجادي لمناطق المعارضة في محافظة درعا، بشكل سيتسبب بتدفق اللاجئين إلى بلاده، وخشيت عمان من انتشار الفوضى في الجنوب السوري، بشكل يؤدي إلى تقوية المعارضة المتشددة، ويعرض الأردن للمخاطر، ووجدت المعارضة في الجنوب نفسها أمام خيار الدفاع عن نفسها ضد تنظيم الدولة فقط وليس قتال النظام”.