قالت صحيفة “الغارديان” البريطانية إن المملكة العربية السعودية هي المسؤول الأول والمتهم الأساسي عن انتشار وباء الكوليرا في اليمن، بسبب الضربات العسكرية التي قامت بها ضد جماعة الحوثي المدعومة من إيران.
وقالت الصحيفة البريطانية في تقرير لها :” اليمن وخلال الأشهر الأربعة الماضية شهدت تفشي وباء الكوليرا في أرجائها، بشكل وصفته الأمم المتحدة بأنه الأسوأ في العالم. فيوميا، يتم اكتشاف سبعة آلاف حالة، في حين وصل عدد المصابين الإجمالي في نهاية شهر أبريل إلى 436.625 مصابا، توفي منهم أكثر من 1900 شخص”، مضيفة :” هذا الوباء يعدّ واحدا من مظاهر الكارثة الإنسانية التي يعيش في ظلها اليمن. ففي الواقع، يحتاج ثلثا السكان للتدخل العاجل، في الوقت الذي تراجع فيه إنتاج الغذاء بشكل كبير، فيما يعاني عدد كبير من الأطفال والحوامل من سوء التغذية”.
وتابعت “الغارديان”: الكوليرا تنتشر عبر المياه الملوثة بالمخلفات البشرية للأشخاص المصابين. وفي العادة، يمكن الوقاية من هذا المرض ومعالجته بكل سهولة، خاصة في ظل تطور ظروف العيش في عصرنا الحالي، وتوفر وسائل النظافة والمياه الصالحة للشرب. بالإضافة إلى ذلك، يمكن الوصول للأدوية والعلاج بكل سهولة، وهو ما أدى إلى انحسار حالات الإصابة بالكوليرا”، مذكرة :” أطرافا عديدة، على غرار الوكالات التابعة للأمم المتحدة، ووسائل الإعلام المرموقة مثل “البي بي سي”، “ونيويورك تايمز”، إضافة إلى دوريات طبية معروفة مثل مجلة “لانسيت”، أكدوا جميعا أن الصراع الذي يعيشه اليمن منذ سنتين خلق الظروف الملائمة لظهور وباء الكوليرا وانتشاره”.
وأشار التقرير :” هذه التصريحات واقعية، وتتضمن جزأ من الحقيقة، إلا أن هذه الجهات لم تتطرق إلى الحقيقة بأكملها فيما يتعلق بمن يتحمل المسؤولية. فقد تم التغاضي عن الطرف المذنب أكثر من غيره”، موردة :” السعودية تقود تحالفا عربيا سنيا منذ مارس سنة 2015؛ من أجل إعادة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا بقيادة الرئيس منصور هادي إلى دفة الحكم. ويعتمد هذا التحالف الذي تقوده الرياض على شن غارات جوية، فضلا عن أنه قام بفرض حصار جوي وبحري على الحوثيين، إضافة إلى نشر قوات على الأرض. كما وفرت بريطانيا والولايات المتحدة الدعم اللوجستي والمعدات العسكرية الضرورية لخوض هذه المعركة”.
وأكدت الصحيفة :” هذا الصراع أدى لمقتل ما لا يقل عن 10 آلاف شخص، علما أنه تم توجيه العديد من الاتهامات لكلا الطرفين على خلفية تجاهل سلامة المدنيين وخرق القانون الدولي. فمن جانبهم، قام الحوثيون بإطلاق العديد من القذائف بشكل عشوائي على المناطق السكنية التي تقع تحت سيطرة الحكومة اليمنية والمملكة العربية السعودية. في المقابل، ونظرا لأن الرياض تمتلك موارد وقدرات تفوق إمكانيات الحوثيين، فقد تسببت بقدر أكبر بكثير من الدمار في اليمن”، مشددة :” الطيران الحربي السعودي شن غارات عديدة، دون أن يعمد إلى التفريق بين الأهداف العسكرية والمدنية، وهو ما أدى لوقوع العديد من الضحايا في صفوف المدنيين. كما استهدفت هذه الغارات البنية التحتية المدنية، مثل المستشفيات، والمزارع، والمدارس، وشبكات تزويد المياه، بالإضافة إلى الأسواق والميناء الرئيسي في الحديدة. علاوة على ذلك، فرضت السعودية حصارا جويا وبحريا على المناطق الخاضعة لسيطرة المتمردين، وهو ما تسبب في حدوث نقص حاد في المواد الأساسية مثل الغذاء والوقود والدواء”.
وقالت “الغارديان” أن السعودية منعت دخول الطعام الأدوية، مستطردة :” لم يسمح بدخول أي طائرة تحمل المواد الطبية إلى صنعاء إلا بعد مرور أربعة أسابيع على تفشي الوباء. من جانب آخر، توقفت الحكومة عن دفع رواتب الموظفين العاملين في المناطق الخاضعة لسيطرة المتمردين. وبالتالي، حرم حوالي 30 ألف موظف في مجال الصحة من رواتبهم لمدة سنة كاملة تقريبا. وفي الأثناء، يواصل عمال النظافة ومهندسو المياه إضرابا في صنعاء منذ أشهر، تاركين أكداسا من القمامة في شوارع المدينة في ظل توقف توزيع المياه”، مؤكدة :” المناطق الخاضعة لسيطرة المتمردين هي الأكثر تضررا جراء تفشي وباء الكوليرا. ففي الحقيقة، سجلت 80 بالمئة من هذه الحالات في محافظات يسيطر عليها الحوثيون، حيث يصاب 17 شخصا من كل ألف شخص في المناطق التابعة للمتمردين، فيما تبلغ نسبة الوفيات من بين هؤلاء 0.46 بالمئة. أما في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية، فيصاب 10 مدنيين من بين كل ألف شخص بهذا الوباء، في حين تبلغ نسبة الوفيات في صفوفهم 0.3 بالمئة”.