قامت صحيفة “دير شبيغل” الألمانية بنشر تقرير قامت من خلاله تسليط الضوء على واقع الشباب والنساء في المملكة العربية السعودية بعد الإصلاحات التي تحدث عنها الملك سلمان بن عبد العزيز، خصوصا مع تراجع نفوذ هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وقالت الصحيفة :” المواطنون السعوديين نالوا هامشا من الحريات إثر انطلاق الإصلاحات التي أقرها العاهل السعودي، حيث أصبح العزف على الآلات الموسيقية مباحا بعد أن كانت الموسيقى محرمة لدى المجتمع السعودي المحافظ. وفي إطار هذا البرنامج، قلصت الحكومة السعودية من صلاحيات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، التي كانت تلاحق النساء اللاتي يستخدمن مستحضرات التجميل وتمنع إقامة الحفلات الموسيقية”، مضيفة :” سبب هذه الإصلاحات يعود إلى الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعاني منها المملكة نتيجة انخفاض أسعار النفط، حيث سجلت الميزانية السعودية عجزا يقدر بنحو 90 مليار يورو. ومن جهة أخرى، تراجع نفوذ السعودية في منطقة الشرق الأوسط نتيجة اندلاع ثورات الربيع العربي والحروب التي تشهدها المنطقة في الوقت الراهن”.
وأكدت الصحيفة الألمانية :” هذه الأزمة أجبرت الحكومة السعودية على مراجعة حساباتها وإعادة النظر في سياستها، خاصة فيما يتعلق بتوزيع الثروات ومنح الحريات، فضلا عن النهج الوهابي”، مضيفة :” الحكومة السعودية أنشأت الهيئة العامة للترفيه، التي تعنى بتنظيم الحفلات الموسيقية وبناء دور السينما، التي يعتبرها المجتمع السعودي من بين المحظورات. وعلى ضوء هذه الإصلاحات، انتشرت الموسيقى في كافة أرجاء المملكة، ولكن على الرغم من ذلك، رفضت السلطات السعودية المطلب المقدم من أحد الموسيقيين، الذي كان يرغب في إنشاء معهد موسيقى”.
وواصلت الصحيفة :” الشباب السعودي سئم من ازدواجية خطاب الحكومة السعودية، إذا أنها تتراوح تارة بين النهج الحداثي والتحرر وتارة أخرى بين المنهج الوهابي المتشدد. وفي هذا الصدد، قال أحد المصورين السعوديين: “لا أريد أن يتم اعتقالي أثناء تنزهي برفقة صديقتي”، مفيدة :” الشباب السعودي معجب بولي ولي العهد ، محمد بن سلمان، الذي يتمتع بنفوذ واسع في الساحة السياسة السعودية، إذ أنه يشغل منصب وزير الدفاع ، فضلا عن وضعه لبرنامج “رؤية 2030″، الذي يهدف إلى إجراء إصلاحات جذرية في شتي المجالات. ويعتبر هذا الأمير الشاب مثالا عن الشباب الطامح إلى التغيير؛ نظرا لمناداته بضرورة التخلي عن العقلية المنغلقة والانفتاح على الدول الغربية”.
وحول الإصلاحات قالت الصحيفة الألمانية :” الحكومة السعودية أقرت بجملة من الإصلاحات التي تندرج في إطار سياسة التقشف، حيث تم زيادة الضرائب، كما كما تم رفع الدعم عن الكهرباء والماء، إلى جانب إلغاء بعض الامتيازات التي يتمتع بها الموظفون”، مستدركة :” السلطات السعودية صعوبات كبرى عندما بادرت بتطبيق هذه الإصلاحات، حيث عبّر العديد من الموظفين عن امتعاضهم من سياسة التقشف الحكومي. وقد أدت ردة فعل هذه الشريحة من المجتمع إلى تراجع الحكومة عن بعض القرارات؛ خشية تنامي الاحتجاجات في صفوف الشارع السعودي”.
أما عن الجانب الديمقراطي من الكأس، فأفادت الصحيفة :” لا أحد يجرؤ على نقد برنامج “رؤية 2030″، حيث لم يقدر كل من المفتي العام، عبد العزيز آل الشيخ، ورئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على توجيه النقد. في المقابل، تجرأ الكاتب السعودي، طراد العمري، على توجيه رسالة نقدية للأمير محمد بن سلمان، فكانت عقوبته الإقامة الجبرية. وكذلك الشأن بالنسبة للداعية، سعد البريك، الذي اعتقل على خلفية انتقاده لهيئة الترفيه العامة”.