رغم البعد الديني الواضح والمرتبط بشكل كبير مع الحركات الاسلامية بشكل مباشر، إلا أن هذه الحركات بدأت الدخول في السياسة بشكل كبير جعلها تتحول في بعض المرات إلى حركة سياسية محضة لا علاقة لها بالدعوة ولا الدين مبتعدة بذلك عن مجالها الأساسي.
الفصل بين الدعوي والسياسي ما هو إلا علمنة لداخل الحركة الاسلامية حسب ما يرى بعض المنتسمين للفكر الاسلامي، في الوقت الذي يعتبر فيه آخرون أن هذا الفصل هو تمييز وظيفي وإجراء إداري لا غير، معبرين بلفظ الحزبي بدل “السياسي”.
هذه الحركة الجديدة بدأت لدى إسلاميي المغرب العربي، حيث كان الشيخ راشد الغنوشي قد أكد أن حركة النهضة التي كانت إسلامية ستتحول إلى حركة سياسية فحسب حيث قال :” إننا حريصون على النأي بالدين عن المعارك السياسية، وندعو إلى التحييد الكامل للمساجد عن خصومات السياسة والتوظيف الحزبي، لتكون مجمّعة لا مفرقة”.
لكن هذا الخطاب كان قد ظهر لدى جماعة الاخوان المسلمين الأم بمصر، حيث قال عضو مكتب الإرشاد الدكتور محمد عبد الرحمان مرسي :” من ناحية الفكرة والرسالة؛ لا يوجد مطلقا ما يسمى دعوي وسياسي، كأمرين متفارقين، وإنما السياسة في نظرنا دعوة، والمجال الدعوي يشمل كل الجوانب السياسية والاجتماعية وغيرها”، في الوقت الذي قال فيه جمال حشمت القيادي بالجماعة :” تأكد عزم كل الأطراف في الجماعة، على ضرورة فصل الجانب الحزبي التنافسي، عن الدعوي والتربوي.. وسيعلن هذا قريبا إن شاء الله”.
في نفس السياق قال القيادي الإخواني المقيم حاليا في تركيا علي اللبان تعليقا على هذا الجدل :” تُفهم باعتبارها توصِّف مرحلة معينة يتبع الحزبُ فيها الجماعةَ بشكل مؤقت، حتى يحدث الانفصال الإداري، مع وجود تنسيق بينهما بصورة ما، ووجود مرجعية فكرية للجماعة يرتبط بها الحزب”، مضيفا :” هذا ما كان مقترحا عند إنشاء حزب الحرية والعدالة، وهو أن يتم الفصل بينه وبين الجماعة بعد أربع سنوات من تاريخ إنشائه، لا بد من الاهتمام بعملية التربية، ثم بعد ذلك يحدث التخصص، فلا إشكال في التخصص من حيث المبدأ، ولكن بعد التأسيس التربوي”.
من جهته رفض أحمد الاسكندراني، الناطق الرسمي بإسم الجماعة الاسلامية الفصل بين الدين والسياسة بل والحياة حيث قال :” الدين متداخل مع الحياة، وهذا ما نص عليه الدستور؛ بأن الشريعة هي المصدر الرئيس للتشريع”، متابعا :” أما الفصل بين المؤسسات، بحيث يكون لكل مؤسسة عملها؛ فلا مانع من ذلك، وكانت الجماعة الإسلامية قررت في جمعيتها العمومية بأن الحزب سيظل في كنفها لمدة سنتين، ثم بعد ذلك يتم الفصل بين المؤسستين، وهو ما تم بالفعل بفصل كل هياكل الحزب عن هياكل الجماعة”.
وواصل ذات المتحدث طرحه حيث قال :” هناك أفرادا في الحزب من الجماعة، ولكنهم موجودون بأشخاصهم لا بصفتهم فيها، ولا يوجهون الحزب من خلال قرارات الجماعة”، موضحا أن “نسبة قيادات الجماعة في المراكز القيادية بالحزب أقل من 20 بالمئة، ولا تفرض الجماعة أي قرار إداري على الحزب”.